تعمل تركيا في الآونة الأخيرة إلى تطبيع العلاقات مع الدول العربية، وزيادة اتصالاتها مع أخرى من خلال توقيع تفاهمات واتفاقيات ثنائية بين البلدين، فإلى ماذا تشير كل هذه اللقاءات خاصة أن تركيا بدأت تبحث عن مناطق أخرى لتأمين الغاز الطبيعي لها وضخها أيضاً للدول الأوربية البديلة عن الغاز الروسي، فضلاً عن جذب موارد لدعم عملتها.
كل هذه الدلالات بدت ملحوظة في الزيارات والدعوات التي تقوم بها تركيا مع الدول العربية والتي هي غنية بالغاز الطبيعي وحقول النفط، ولا سيما أردوغان الذي يجد لنفسه الحق في امتلاك تلك الطاقة من الدول التي بقيت لعدة قرون تحت سيطرة الدولة العثمانية، فهي تعرف كيفية التعامل معهم وجذبهم لتحقيق مآربه الخاصة.
وتعمل تركيا منذ عامين على إصلاح العلاقات مع مصر، حيث أجريت لقاءات في القاهرة وأنقرة بين وفدي تركيا ومصر على مستوى نائب وزير الخارجية.
وكان وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو صرح مؤخرًا، أن عملية التطبيع مع مصر تتقدم ببطء، وقال: “سنزيد اتصالاتنا. ويمكن أن يكون على مستوى نائب وزير أو وزير”.
وعليه أعلن وزير الخزانة والمالية نورالدين النبطي عن إجراء زيارة في شهر حزيران القادم إلى مصر، في خطوة تعد الأولى بعد قطيعة في العلاقات منذ 9 سنوات.
ومن المقرر أن يلتقي النبطي بوزير المالية المصري محمد معيط على هامش الاجتماع الذي سيعقد في شرم الشيخ.
وكانت لجمهورية الجزائر النصيب في تلك الزيارات، حيث قام الرئيس التركي أردوغان بزيارة للجزائر بعد شهر واحد من انتخاب تبون، في 2020 وكانت أول زيارة لرئيس أجنبي للجزائر، على حين تلقى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون دعوة رسمية لزيارة تركيا وتعد زيارة تبون الأولى من نوعها لرئيس جزائري إلى تركيا منذ 17 عاماً، وكانت آخر زيارة للرئيس الأسبق والراحل عبد العزيز بوتفليقة في 2005.
وجرى خلال الزيارة توقيع اتفاقيات شراكة في عدة ميادين اقتصادية، تكريساً لتطور لافت وسريع للعلاقات بين البلدين في غضون الخمس سنوات الأخيرة.
إلا أن تركيا استبقت زيارة تبون بإصدار بيان توضيحي ينفي قطعياً ما نسبته وسائل إعلام مغربية إلى وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو بشأن دعم تركيا لحل الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب في قضية النزاع في الصحراء، تجنباً على ما يبدو لأي تشويش على زيارة تبون أن أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية السفير تانجو بيلغيتش، الخميس، دعم بلاده حلا سياسيا لقضية إقليم الصحراء يستند للقرارات الدولية.
وباتت تركيا المستثمر الأول في الجزائر بمقدار ما يقارب خمسة مليارات دولار، بمجموعة مصانع وشركات، وتعتزم أنقرة رفع إجمالي استثماراتها إلى أكثر من خمسة مليارات دولار، وفقاً لتعهدات الرئيس التركي أردوغان، كذلك فإنها تأتي ثانية على لائحة الشركاء التجاريين للجزائر، وهي مرشحة لأن تكون الأولى بعد إعادة فتح الخط البحري لنقل السلع والبضائع بين الموانئ الجزائرية والتركية، بعد تجميد دام منذ عام 1998.
أما الإمارات فقد قام الرئيس التركي أردوغان بزيارتها للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر، الأولى كانت في منتصف شباط بعد زيارة أجراها محمد بن زايد لتركيا وتوقيع اتفاقيات عدة بين البلدين بعد قطيعة دامت لسنوات.
أما الزيارة الثانية فكانت لتقديم واجب العزاء بوفاة رئيس دولة الإمارات خليفة بن زايد آل نهيان.
فيما كانت الزيارة الأولى للرئيس التركي أردوغان إلى السعودية بعد قضيىة مقتل الصحفي جمال خاشقجي منذ عام 2018 في إسطنبول والتي أحدثت شرخا في العلاقات بين القوتين الاقليميتين.
وتأتي زيارة أردوغان في وقت تواجه تركيا أزمة مالية حادة دفعتها إلى طي صفحة الخلاقات مع خصومها، مثل مصر وإسرائيل، وخصوصا دول الخليج الغنية بالنفط، إذ يشهد الاقتصاد التركي انهيار عملته وارتفاع معدل التضخم الذي تجاوز 60 بالمئة خلال السنة الماضية.
ويرى المحلل السعودي علي الشهابي أن زيارة إردوغان هو بمثابة انتصار للمسؤولين السعوديين الحريصين على فتح صفحة جديدة.وقال إنّ “إردوغان كان معزولا ودفع ثمنا اقتصاديا باهظا عبر خسائر اقتصادية فادحة نجمت عن المقاطعة الاقتصادية ومقاطعة السفر، ولهذا يزور للسعودية”.
وتأمل تركيا في جذب استثمارات خليجية جديدة وإبرام اتفاقات مالية لدعم عملتها، وقد تمّ خلال الزيارة تأسيس صندوق استثماري بقيمة عشرة مليارات دولار.
مشاركة المقال عبر