تسعى تركيا لفرض منطقة آمنة في إقليم كوردستان العراق تماما مثلما جرى في سوريا حيث سيطرت على شريط يتكوّن من مناطق وقرى كوردية وسلمت جماعات تابعها لها في سورية مهمة إدارتها.
وقالت تقارير تركية إن أنقرة تسابق الوقت لفرض منطقة تمتد إلى عمق 60 – 70 كيلومترا ستقوم فيها بإنشاء “قواعد عسكرية مؤقتة” ونقاط تفتيش عسكرية مستفيدة من غياب ردّ رسمي عراقي وهي تعرف أن الطبقة السياسية العراقية سواء في بغداد أو إقليم كوردستان غارقة في أزماتها الداخلية وساعية لإنجاح التسويات السياسية، وأنها لا تقدر على التصعيد ضد الوجود التركي عسكريا ولا حتى سياسيا، خاصة أن أنقرة نجحت في استمالة مسعود بارزاني، الرجل القوي في الإقليم، بحسب تقرير لصحيفة العرب.
وكان لافتا إطلاق “المخلب القفل” بعد ثلاثة أيام من زيارة أجراها رئيس حكومة إقليم كوردستان العراق مسرور بارزاني إلى أنقرة حيث التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان، ما اعتبر تنسيقا مشتركا بشأن العملية الواسعة للقوات الكوردية.
وقال بارزاني عقب محادثاته مع أردوغان إنه يرحّب “بتوسيع التعاون لتعزيز الأمن والاستقرار” في شمال العراق.
ونقلت مواقع تركية عن مسؤولين عسكريين وسياسيين أن “الهدف الوحيد” الذي ترسمه أنقرة لعمليتها العسكرية المستمرة “المخلب القفل” يتمثل في “إنشاء منطقة آمنة في زاب وماتينا وأفاشين باسيان”.
لكنّ مراقبين يرون أن الجانب الأمني ليس الهدف الوحيد من العملية، وأن هناك خطة تركية لوضع اليد على إنتاج الغاز في إقليم كوردستان بالتنسيق مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني بشكل يجعل بوابته الوحيدة للتصدير هي الأراضي التركية وبالأسعار التي تراعي مصالح أنقرة، لافتين إلى أن الوجود العسكري المباشر سيؤمّن هذه الخطة ويمنع أيّ تراجع بشأنها سواء من الجانب الكوردي أو من الحكومة العراقية إذا نجحت في إدارة قطاع النفط والغاز بالإقليم.
وزادت حكومة كوردستان مبيعاتها من النفط بشكل مستقل عن بغداد في السنوات الأخيرة وتأمل في زيادة إنتاج الغاز وصادراته كثيرا مع سعيها للاستقلال عن بغداد اقتصاديا وربما سياسيا.
وتعتبر شركات الغاز الأوروبية إقليم كوردستان مصدرا محتملا لتوريد الغاز إلى أوروبا عبر تركيا. وقد تساعد مثل تلك الإمدادات القارة في تقليص اعتمادها الكبير على الغاز الروسي.
وقال السياسي الكوردي محمد أمين بنجوني إن تركيا تستخدم الحرب على حزب “العمال الكردستاني” ذريعة للسيطرة على آبار النفط وإمدادات الغاز الطبيعي في جنوب كوردستان.
وأضاف أنّ “تركيا تستعد لاجتياح مدينتي الموصل وكركوك العراقيتين” في 2023، وأن الهدف من وراء ذلك هو فرض الأمر الواقع على العراق، ثم التحكم لاحقا بإنتاج النفط والغاز شمال البلاد.
واعتبر بنجوني العملية العسكرية التركية الأخيرة بمثابة استعداد لعملية شاملة للسيطرة على الأراضي العراقية في العام القادم.
وقال “أعتقد أن عملية ‘المخلب القفل’ هي تحضير للعملية الشاملة (المحتملة) التي أعلن عنها أردوغان، ووزير الدفاع خلوصي أكار، ورئيس المخابرات، لهذا السبب يخططون لشن هجوم واسع النطاق لغزو كوردستان من الموصل إلى كركوك”.
من جهته أكد أردوغان في مؤتمر صحافي، الإثنين، عقب ترؤسه اجتماع الحكومة في أنقرة، أن “تركيا تواصل عملياتها ضد الإرهابيين في الخارج، انطلاقا من إيمانها بأن أمنها يبدأ من خارج حدودها”، مشددا على أن “تركيا ستواصل عملياتها إلى حين إحكام سيطرتها على حدودها الجنوبية بشكل تام”.
واستدعت بغداد السفير التركي للاحتجاج على التحرك العسكري لبلاده، وقال المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد الصحاف إن “العمليات العسكرية في الأراضي العراقية تشكل انتهاكا سافرا لسيادة العراق وتهديدا لوحدة أراضيه”.
وشكك المسؤول العراقي في دوافع العمليات العسكرية التركية المتكررة قائلا إن “الجانب التركي يحمل ذرائع بأن ما يقوم به من أعمال وانتهاك لسيادة العراق يأتي في سياق الدفاع عن أمنه القومي، وفي هذا الصدد نؤكد أن ما يعلن عنه الجانب التركي مرارا بأن هنالك تنسيقا واتفاقا مع الحكومة العراقية بهذا الشأن لا صحة له، وهو ادعاء محض”.
مشاركة المقال عبر