يعاني السوريون من أزمتهم الاقتصادية في حياتهم اليومية وكل المناسبات، فبعد مواجهتهم لارتفاع أسعار المواد الضرورية طيلة شهر رمضان، يقبل عليهم عيد الفطر ومتطلباته من ملابس الأطفال وشراء الحلويات ومكوناتها التي لا غنى عنها للعائلات لكن عدم توفر السيولة يزيدهم حسرة أمام عجزهم عن تحقيق فرحة بسيطة.
وتشهد أسواق العاصمة السورية منذ عدة أيام حركة خجولة مع اقتراب حلول عيد الفطر بعد جمود أصابها منذ بداية شهر رمضان بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، وغلاء الأسعار وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على سوريا.
وعزا خبراء ومحللون اقتصاديون في سوريا هذه الحركة الخجولة للأسواق إلى المنحة التي أقرتها الحكومة السورية للموظفين والعاملين في القطاع الحكومي والعسكريين، إضافة إلى الحوالات التي تحصل عليها غالبية الأسر السورية من المغتربين والتي ساهمت في تحريك الأسواق قبيل حلول عيد الفطر.
وحصل العاملون والموظفين في الدولة وكذلك العسكريين والمحالين على التقاعد على منحة قدرها 75 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 27 دولارا.
وعلى بساطة المبلغ فقد نزل السوريون إلى الأسواق الشعبية في دمشق، وكذلك أسواق المواد الغذائية التي تبيع المواد الأولية لصناعة الحلويات الخاصة بعيد الفطر، بحسب تقرير لصحيفة العرب.
وقال مازن النجاد (47 عاما) صاحب أحد المحلات التجارية بسوق عاصم في منطقة نهر عيشة بدمشق لوكالة أنباء (شينخوا) إن “السوق تشهد منذ عدة أشهر حالة من الجمود والركود بسبب الوضع الاقتصادي المتردي للمواطنين السوريين وغلاء الأسعار”، مبيّنا أن السوق بدأت تتحرك منذ عدة أيام مع إقبال الناس على شراء بعض الألبسة للأطفال بمناسبة عيد الفطر.
وأوضح النجاد أن الأسواق الشعبية تشهد إقبالا أكثر من الأسواق الأخرى لأن أسعارها أرخص، حيث يستطيع الموظف أن يشتري لأولاده الملابس.
وأعرب عن أمله في أن تتحسن الأحوال الاقتصادية في البلاد في المستقبل القريب، وأن يعود الألق إلى الأسواق السورية التي كانت لا تنام في مثل هذه الأيام.
ومن جانبها رأت رغدة ناصر (42 عاما) أن السوريين اعتادوا شراء الألبسة الجديدة لأولادهم قبل عيد الفطر، ولكن هذه العادة بدأت تتلاشى مع زيادة الغلاء، وقلة الدخل لدى السوريين.
وقالت رغدة وهي موظفة حكومية إن “المنحة التي حصل عليها الموظفون شجعتني قليلا للمجيء إلى السوق لشراء ثياب لأحد أبنائي من هذه السوق لكون أسعارها رخيصة مقارنة مع أسعار باقي المحلات الموجودة في قلب دمشق”. وتابعت “رغم الغلاء، لن نحرم أطفالنا من فرحة العيد”، مؤكدة أن العيد هو للأطفال.
وخلال تقليبها لعدد من قطع الألبسة المعلقة داخل أحد المحلات، بيّنت نسرين ناعمة أنها استغرقت وقتا طويلا لتجد قميصاً بسعر يناسب دخلها المحدود، فيما اعتبرت شيرين مصطفى أن الظروف الصعبة التي تمر بها لا تعني إلغاء فرحة الأطفال بالعيد ولو بشيء بسيط حيث اشترت لابنتها حذاء بسعر 20 ألف ليرة رغم أنها كانت تشتري بهذا المبلغ سابقا أكثر من قطعة لكنها تحاول ألا تحرم أبناءها من بهجة الملابس الجديدة قدر الإمكان.
واعتبرت نسرين شقرا خلال جولتها في السوق أن الأسعار ما زالت مرتفعة أكثر من قدرتها الشرائية رغم إعلان الحكومة عن إجراء تنزيلات بمناسبة العيد، ولذا اكتفت بشراء قطعة واحدة تتمثل في كنزة من أجل الشعور ببهجة العيد.
وفي مكان آخر بدمشق، كانت أصوات الباعة تعلو، والناس يتجمعون أمام تلك المحلات التي عرضت عدة بضائع لها علاقة بصناعة حلويات العيد، من طحين وسميد ومكسرات بأنواعها، وتمور وغيرها.
وقالت أم علاء (52 عاما) وهي تشتري الطحين والسميد والسمن لصناعة المعمول “لقد أرسل أحد أبنائي الذي يعيش في دولة الإمارات منذ يومين مبلغا من المال لشراء المواد الأولية لصناعة المعمول، وسأرسل له قسما منها”، مضيفة “لو لم يرسل لي ابني المال لما استطعت أن أشتري”، مؤكدة أن صنع المعمول في البيت أرخص بكثير من شرائه من السوق.
ويشار إلى أن أسعار الحلويات الدمشقية تشهد ارتفاعا غير مسبوق، وقد وصل سعر كيلو المعمول المصنوع من الفستق الحلبي أو الجوز أكثر من 90 ألف ليرة سورية أي ما يعادل 35 دولارا تقريبا.
وقال أيهم نوفل، وهو باحث ومحلل اقتصادي سوري، إن “أسواق سوريا شهدت خلال الأزمة عدة تقلبات وانتكاسات عديدة، وفي بعض الأوقات كانت مشلولة الحركة”، مؤكدا أن “رأس المال جبان” ويهرب بسرعة من المناطق التي تشهد أزمات وحروب.
وتابع “أسواق سوريا شهدت جمودا كبيرا، وخاصة بعد نشوب الحرب بين روسيا وأوكرانيا الأمر الذي ساهم في تفاقم الأزمة اقتصاديا على السوريين، ورفع الأسعار بشكل كبير ما أدى إلى إحجام الناس عن الشراء”.
مشاركة المقال عبر