استبعدت أوساط سياسية خليجية أن تنجح الزيارة التي من المنتظر أن يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السعودية يوم الخميس في إذابة الخلاف مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بسبب مخلفات الحملة التركية على السعودية بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي.
وقالت الأوساط الخليجية إن أردوغان الذي سيلتقي الأمير محمد بن سلمان لا شك أنه سيلاقي حفاوة في الرياض تليق بالتقاليد السعودية، وإنه قد يحصل على وعود بمشاريع اقتصادية واستثمارات سعودية في الاقتصاد التركي، إلا أن هوة بين الرجلين ستظل قائمة بسبب الاستهداف التركي لشخصية ولي العهد والتحريض عليه، خاصة أن أردوغان كان قد قاد الحملة بنفسه على الأمير محمد بن سلمان وسعى لربط قرار تنفيذ العملية به، ودون أن يُوجِد مبررا واضحا لهذا الاستهداف.
ولاحظت هذه الأوساط بحسب صحيفة العرب، أن ما يُظهر البرود السعودي تجاه الزيارة هو أن وسائل الإعلام الرسمية لم تتحدث عنها، وأن مصدر أخبار هذه الزيارة كان دائما هو الرئيس التركي الذي دأب منذ أشهر على الإعلان عن موعدها ثم إعلان التأجيل، من فبراير ثم مارس وأخيرا أبريل، وهو ما يكشف عن وجود عقبات من الجانب السعودي.
وفي فبراير الماضي كان من المتوقع أن يزور أردوغان السعودية إلا أنّه في طريق عودته من زيارة قام بها إلى دولة الإمارات أعلن تأجيل الزيارة وقال إنّ بلاده والسعودية تواصلان الحوار.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” ذكرت أنّ ولي العهد السعودي يُريد من الرئيس التركي أن يتعهد بأنه لن يذكر مقتل جمال خاشقجي مرة أخرى، وهو الملف الذي لطالما استخدمته أنقرة للضغط على السعودية من أجل تحصيل استثمارات كبرى لإخراج الاقتصاد التركي من أزمته الحادة، لكن السعوديين خيروا تحمّل الهجمات المجانية والإساءات إلى قيادتهم على أن يخضعوا للابتزاز التركي.
ويبدو أنّ أردوغان قد عرف مؤخرا الطريق إلى استرضاء ولي العهد السعودي من خلال إغلاق ملف خاشقجي في تركيا وإحالة القضية إلى القضاء السعودي.
وقد أعلنت محكمة تركية التوقف عن المحاكمة الغيابية للمتهمين السعوديين المستمرة منذ يوليو 2020 وإحالة القضية إلى الرياض.
ودافع وزير العدل التركي بكر بوزداغ الأسبوع الماضي عن إحالة ملف المتهمين باغتيال خاشقجي إلى الرياض، داعيا إلى تحكيم القانون بدلا من تسييس القضية.
ويرجح مراقبون أتراك أن ينتهي الحظر غير الرسمي المفروض على البضائع التركية في السعودية عقب زيارة أردوغان المرتقبة، وأن تعود الشركات التركية إلى أنشطتها في السعودية، مشيرين إلى أن التقارب من المتوقع أن يبدأ أولا في المجالات الاقتصادية، على أن يتم خلال الأشهر القادمة قياس مدى تقدم العلاقات على المستوى السياسي.
ويقول المراقبون إنه من الصعب جدا أن تتجاوز الرياض مخلفات ما حصل، رغم أن أنقرة بدأت منذ العام الماضي تظهر رغبة في تطبيع العلاقات، وقد قام الرئيس التركي باتصالين هاتفيين مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز.
وأطلق أردوغان خلال الأشهر الماضية سلسلة من التصريحات حول رغبة بلاده في فتح صفحة جديدة في علاقاتها مع القوى الإقليمية وبالأخص مع دول الخليج العربي دون تمييز.
وأدت أزمة الاستثمار التركي في مقتل خاشقجي إلى مقاطعة سعودية غير رسمية للسلع التركية مما قلص قيمة التجارة بين البلدين بنسبة 98 في المئة، وكذلك تقليص الصادرات التركية نحو السعودية إلى حوالي 75 مليون دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021.
كما أعلنت السلطات السعودية إغلاق 8 مدارس تركية في البلاد خلال نهاية العام الدراسي الماضي، في مؤشر على أن العلاقات التركية – السعودية لا تزال تشهد توترا، رغم محاولات أنقرة تحسينها وفق سياسة جديدة تهدف إلى الخروج من حالة العزلة الإقليمية والدولية، ما دفع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى زيارة الرياض بهدف “فتح فصل جديد” مع السعودية.
وسعى أردوغان لتحسين العلاقات مع خصومه الإقليميين، بما في ذلك مصر والإمارات العربية المتحدة، في مواجهة عزلة دبلوماسية متزايدة أدت إلى تراجع كبير في الاستثمارات الأجنبية، خصوصا من الغرب.
وتمكنت أنقرة من عقد اتفاقيات اقتصادية هامة مع أبوظبي في مختلف المجالات وصلت إلى نحو 10 مليارات دولار، وهي تتطلع إلى عقد اتفاقيات مماثلة مع الجانب السعودي.
مشاركة المقال عبر