بصورة غير متوقعة، فاجأت النيابة العامة الإسرائيلية، أمس (الأحد)، بتقديم لائحة اتهام إلى محكمة البدايات في الناصرة ضد الشابة اليهودية التي تجاوزت الحدود في هضبة الجولان المحتلة ودخلت إلى الأراضي السورية، ثم أُعيدت بصفقة روسية، قبل ثلاثة أسابيع.
وقد وجهت لائحة الاتهام إليها بسرية، قررت الرقابة العسكرية حظر نشر تفاصيلها، لكن مصدراً في النيابة قال إنها تهم غير خطيرة وغير متعلقة بالأمن، مثل تجاوز الحدود بطريقة غير قانونية. ومع ذلك فإن محاميي الدفاع عنها، عنات يعري وإياد عازم، اعتبرا المحاكمة زائدة وغير ضرورية. وقالا في بيان: «واضح للجميع في هذه الحالة أن الشابة لم تمسّ ولم تكن لديها نية للمساس بأمن الدولة. ولذلك مستغرب جداً أنه حصراً ضد الشابة من دون ماضٍ جنائي وتواجه خلفية معقدة، اختاروا تقديم لائحة اتهام. وبعد أن ندرس مواد التحقيق سندرس خطواتنا القانونية اللاحقة».
ولمح أحد المحاميين إلى أن النيابة تساهلت في الماضي مع مواطنين سافروا إلى تركيا وتم تجنيدهم لـ«داعش»، ونُقلوا إلى سوريا وتلقوا تدريبات على القتال ثم عادوا لإسرائيل ولم يُقدموا إلى المحاكمة. وقال: «خلافاً لحالات من الماضي التي جرى من خلالها المس بأمن الدولة ولم يتم تقديم لائحة اتهام ضد أشخاص تجاوزوا الحدود، يقدمون هذه الصبية إلى المحاكمة من دون سبب منطقي».
وكانت الشابة الإسرائيلية قد وصلت في مطلع الشهر الماضي إلى المنطقة الشمالية من الجولان، في قرية مجدل شمس، وفي منتصف الليل تجاوزت حدود وقف إطلاق النار ودخلت إلى الأراضي السورية من منطقة صعبة على جبل الشيخ لم يقم فيها سياج حدودي. ووصلت الشابة إلى قرية حضر السورية، فاستدعى السكان أجهزة أمن النظام السوري فألقت القبض عليها. وبعد ثلاثة أسابيع تم التوصل إلى صفقة، تستعيد إسرائيل بموجبها الشابة، مقابل إطلاق سراح الأسيرة نهال المقت وراعيي أغنام سوريين، فيما رفض الأسير ذياب قهموز، من قرية الغجر، أن يكون جزءاً من الصفقة بسبب شرط إسرائيل إبعاده إلى سوريا. وخضعت الشابة للتحقيق في سوريا بعد القبض عليها، لكنها لم تتعرض لسوء المعاملة أو التعذيب أثناء وجودها هناك. وقد يكون هذا سبب التشدد معها في إسرائيل، إذ حال عودتها خضعت للتحقيق لدى «الشاباك» (المخابرات العامة). ويتضح من موقف النيابة أن «دافع الشابة لعبور الحدود كان المغامرة دون هدف محدد». وخلال تحقيقات «الشاباك»، لم تعبر الشابة، عن ندم أو اعتذار، وقالت: «كنت أبحث عن مغامرة، لم أكن أخطط لمقابلة شخص معين. سوريا بالنسبة لي كانت محطة أخرى في الرحلة».
والصبية، التي ما زال نشر اسمها محظوراً، في الثالثة والعشرين من العمر، من عائلة يهودية متدينة ومتزمتة. وقد تمردت على أهلها وهي في السادسة عشرة من العمر. وتركت الدين وغادرت البيت واختارت حياة مستقلة. وقد انتسبت إلى الجيش الإسرائيلي وأنهت الخدمة حتى آخر لحظة. وهي تتقن اللغة العربية جيداً. ويتضح من التحقيقات حول شخصيتها أنها تقيم علاقات بواسطة الشبكات الاجتماعية مع العديد من الشبان في العالم العربي، بما في ذلك فلسطينيون من غزة والأردن وسوريا. وقد حاولت في السنة الماضية التسلل إلى قطاع غزة ثلاث مرات، مرة عبر البحر ومرتين عبر اليابسة، لكن السلطات الإسرائيلية اكتشفت محاولاتها واعتقلتها ثم أطلقت سراحها بدعوى أنها مشوشة وغير مستقرة نفسياً. ثم حاولت الهرب إلى الأردن وتم منعها واعتقالها وتحذيرها. وفي الثاني من الشهر الماضي، نجحت في اجتياز الحدود مع سوريا.
المصدر: الشرق الأوسط