تستمر محاولات هيئة تحرير الشام «جبهة النـ.ـصرة سابقًا» في نزع صفة الإرهاب عنها واكتساب صفة الاعتدال، حيث يجري الحديث مجددًا عن تقارب ما بين الجبهة والفصائل المسلّحة التابعة لتركيا في ريف حلب الشمالي.
وفي هذا السؤاق نشر موقع “المونيتور” الأمريكي تقريرًا، تطرّق فيها حول محاولات “جبهة النـ.ـصرة” مشيرةً بأنها تحاول بجدية التنسيق مع الفصائل الموالية لتركيا في القضايا الأمنية والعسكرية تمهيدًا لخطوات أكبر قد تصل إلى اندماج كامل معها.
وتابع التقرير إلى أن هذا التنسيق قد يشكل حجر الأساس لإدارة مدنية وعسكرية واحدة تحكم المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية في شمال غرب سوريا.
وأضاف موقع المونيتور الأمريكي بأن دوائر المعارضة والجهاديون المعارضون لـ”النصرة” نشرت مؤخرًا تسريبات حول اجتماعات منتظمة بين متزعمي “جبهة النـ.ـصرة، والجيش الحر”، حيث تُعقد الاجتماعات بشكل خاص مع عدد من قادة “حركة التحرير” التابعة لـ “الجيش الحر”.
وأكد الجهاديون أن هذه الاجتماعات تحصل في الوقت الذي كانت تصف فيه “النـ.ـصرة” عناصر “الجيش الحر” بأنهم “كفّار” وضعفاء وأضروا بـ “الثورة السورية” خلال السنوات الماضية.
وأشار “المونيتور” أن أبو أحمد منغ القيادي في “الجيش الحر” بريف حلب قال على قناته في تلغرام 7 آذار: “إن تنظيم (حياة ثائرون) استضاف وفدًا من النـ.ـصرة في حور كلّس بريف حلب الشمالي، بعد أيام من زيارة زعيم التنظيم فهيم عيسى إلى ريف حلب الغربي الخاضع لسيطرة جبهة النصرة والتقى عيسى خلال زيارته بزعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني”.
وكذلك نقل “المونيتور” عن قيادي في “الجيش الحر” رفض الكشف عن هويته قوله: “في الآونة الأخيرة، كان فصائل الجيش الحر والنصرة يعقدون اجتماعات منتظمة، لكنهم لا يريدون التحدث عنها، ويفضلون إبقاء الأمور سرية، لحساسية الموضوع ولأن النصرة مصنفة على أنها إرهابية”.
وفي الوقت ذاته، يتداول جهاديون معارضون لـ “جبهة النصرة” في إدلب أيضاً تسريبات بشأن عدة نقاط تم الاتفاق عليها بين “النصرة، وحياة ثائرون”، وبحسب صالح حموي، وهو أحد المنشقين عن “النصرة” فقد تم الاتفاق على أن “تدخل قوات النصرة إلى المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر في ريف حلب تحت اسم قوات حماية القواعد التركية، وأن تدعم (حياة ثائرون) إذا تعرضوا للهجوم من قبل الفيلق الثالث، كما تم الاتفاق على أن تقدم النصرة دعماً اقتصادياً لـ (حياة ثائرون) وأن يتم التوصل إلى صفقة أمنية سرية بين الطرفين، كما ستتم إعادة هيكلة حياة ثائرون للتحرير “.
وأكد “الجهاديون” المنشقون عن “النصرة” أن مسؤولين من الأمن التركي هم من يشجعون التقارب بين “النـ.ـصرة” و”فصائل حياة ثائرون”، مشيرين إلى أن ما يجري يُنذر بمحاولة مصالحة بين “الجيش الحر، والنـ.ـصرة”.
ويتزامن الكشف عن هذه الاجتماعات مع زيادة محاولات “النـ.ـصرة” لنزع صفة “الإرهاب” عنها، وكانت آخر محاولاتها في الاحتفال بذكرى “الثورة” حيث منعت “النـ.ـصرة” رفع الرايات الإسلامية وترديد شعارات دينية وسمحت بحلقات الرقص والغناء، الأمر الذي أثر حفيظة بعض “الجهاديين” المنتشرين في إدلب.
يشير تحليل بيانات ورسائل التنظيم خلال الثلاثة أعوام الماضية، إلى أن الجولاني بات يركز على انتهاء مفهوم “الجهاد العابر للحدود” وفك الارتباط مع “القاعدة” وتجديد هوية تنظيم “هيئة تحرير الشام” كجماعة معارضة مسلحة سورية لمواجهة الخطر الإيراني والداعمة للأجندة التركية في مواجهة الحكومة السورية.
كما دأب الجولاني في الفترة الأخيرة على التجول في أنحاء إدلب، خاصة في مناطق مخيمات النازحين، لكى يستمع إلى شكاوى الأهالي من نقص الخدمات وتردي الأوضاع المعيشية وكأنه “زعيم سياسي” محلي وليس إرهابياً مطلوباً على القوائم الدولية للإرهاب.
ويهدف الجولاني من خلال الظهور الإعلامي مع صحفيين غربيين إلى كسر العزلة الدولية المفروضة على تنظيمه المصنف إرهابيا، والتي كانت قد أُدرجت على قائمة الإرهاب لوزارة الخارجية الأمريكية وأصبح زعيمها الجولاني على قوائم المنع الخاصة بالإرهابيين العالميين منذ مايو 2013، وخصصت مكافأة لاعتقاله تبلغ عشرة ملايين دولار.
وخضعت “النـ.ـصرة” أيضًا وزعيمها الجولاني -ولا يزالون- لعقوبات قائمة الإرهاب وفقًا لمجلس الأمن الدولي منذ 24 يوليو 2013.
وظهر الجولاني مع الصحفي الأمريكي مارتن سميث في صورة بتاريخ 2 فبراير 2021، وكان لافتًا أنه ظهر في هذا اللقاء لأول مرة بزى عصري مختلف عن الزى الديني التقليدي أو الزى العسكري والذي كان دائم الظهور به منذ نشأة التنظيم في يناير 2012.