قال مصدر عراقي مطلع إن رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني اتصل عن طريق طرف ثالث بالرئيس العراقي برهم صالح وطلب منه أن ينسحب من المنافسة على منصب رئيس الجمهورية مقابل انسحاب مرشح الترضية ريبر أحمد.
وأكد المصدر لصحيفة “العرب” أن الرئيس صالح “رفض الأمر رفضا قاطعا”، مؤكدا أن مرحلة المحسوبيات والتوافقات انتهت وأن من الضروري أن يدرك بارزاني أن العراق دخل مرحلة جديدة وتحتاج إلى تغيير جذري وإلا فإن تجدد الانتفاضة العراقية وارد.
وأخفق التحالف الثلاثي الذي يقوده التيار الصدري مجددا في تأمين النصاب القانوني لعقد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في العراق، بعد مقاطعة قوى نيابية بارزة من بينها الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكوردستاني، إلى جانب عدد من الكتل النيابية الأخرى، الجلسة.
واعتبر مراقبون أن غياب الوضوح لدى الصدر وتفضيل البحث عن التحالفات على حساب الشعارات التي رفعها خلال الأسابيع الأولى التي تلت الانتخابات جعلا فرص نجاحه في التوصل إلى النصاب لعقد جلسة برلمانية والتصويت على انتخاب الرئيس ولاحقا اختيار رئيس الحكومة أمرا بالغ الصعوبة، مشيرين إلى أنه خسر حلفاء مهمّين من بينهم برهم صالح وكذلك النواب المستقلون.
وجدد الصدر موقفه الرافض لتفاهمات مع الإطار التنسيقي موجها كلامه إلى الإطار “الانسداد السياسي الحالي أهون من التوافق معكم”، فيما بدا ردا غير مباشر على مبادرة يعتزم الأخير طرحها كأرضية لتوافقات جديدة مع التيار. وبدت تصريحات زعيم التيار الصدري انفعالية، حيث كان يراهن على جلسة الأربعاء لوضع قدم لحلفه الجديد على مسار تقاسم السلطة بأن يتولى مرشح الحزب الديمقراطي الكوردستاني ريبر أحمد رئاسة الجمهورية، في مقابل تكليف سفير العراق لدى بريطانيا جعفر الصدر برئاسة الحكومة.
وتقول الأوساط السياسية إن جلسة الأربعاء كانت هزيمة مزدوجة بالنسبة إلى التحالف الثلاثي، حيث لم يشارك سوى 152 نائباً، ما يعني تراجع عدد النواب المؤيدين لهذا التحالف بنحو خمسين عضواً. وسوّق التيار الصدري لقدرته على توفير النصاب بعد أن نجح في جلسة السبت في حشد 202 من النواب، وقد كان يعتقد أن بإمكانه ضمان التحاق عشرين نائبا بجلسة الأربعاء لتأمين النصاب، وخاض محاولات مع الاتحاد الوطني الكوردستاني على أمل إقناعه بالمشاركة، لكن النتيجة لم تكن بالمستوى الذي يطلبه.
وعلى خلاف الجلسة الماضية لم تحدد رئاسة البرلمان الممثلة في محمد الحلبوسي أيّ موعد جديد للجلسة المقبلة، رغم ضيق حيز الوقت حيث يفترض ألاّ يتجاوز انتخاب رئيس للبلاد شهرا. ويرى المراقبون أنه لم يعد للصدر هامش للمناورة سوى العودة إلى الإطار التنسيقي وتقديم التنازلات اللازمة لإقناع خصمه اللدود نوري المالكي بالتحالف، وإشراكه في الكتلة الأكبر وتمكينه من الحقائب التي يريدها، وإلا فإنه سيدفع نحو انتخابات جديدة قد لا يحصل فيها على ما حققه الآن بعد أن اختبر العراقيون شعاراته عن محاربة الفساد والابتعاد عن المحاصصة، خاصة وقد انتهى ليكون جزءا من هذه المنظومة.
ويضيف هؤلاء أن على الصدر أن يتوقف عن إطلاق التصريحات المتناقضة، والتي تخفي عادة وجود تحركات له أو لممثلين عن كتلته باحثة عن التحالفات، وهدفها توفير النصاب وتقديم التنازلات اللازمة لتوفيره.
وقال الصدر في تغريدة على حسابه في تويتر عقب الجلسة الفاشلة لانتخاب الرئيس، والتي تحوّلت إلى جلسة اعتيادية، مخاطبا الإطار التنسيقي “لن أتوافق معكم، فالتوافق يعني نهاية البلد، لا للتوافق بكل أشكاله”. وشدد “ما تسمونه بالانسداد السياسي أهون من التوافق معكم وأفضل من اقتسام الكعكة معكم، فلا خير في حكومة توافقية محاصصاتية”. وتساءل الصدر “كيف ستتوافقون مع الكتل وأنتم تتطاولون ضد كل المكونات وكل الشركاء الذين تحاولون كسبهم لفسطاطكم”.
وكان هادي العامري الأمين العام لمنظمة بدر ورئيس تحالف الفتح المنضوي ضمن الإطار التنسيقي أعلن بالتوازي مع توافد النواب إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية أن قوى الإطار تعتزم الإعلان عن مبادرة لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد. وقال العامري للصحافيين في ختام اجتماع للإطار التنسيقي “ستكون لنا مبادرة لإنهاء الأزمة الراهنة”، مضيفا “هناك أفكار للمبادرة ونعمل على إنضاجها وستكون مبادرة حل للأزمة”. وتابع ”أبوابنا مفتوحة وعلاقتنا مستمرة مع مقتدى الصدر ومحمد الحلبوسي ومسعود بارزاني، ونريد حوارا جادا للخروج من المأزق السياسي”.
وحذر القيادي في التيار الصدري حيدر الحداد الخفاجي من أنهم لم يستخدموا بعد أسلحتهم السياسية والقانونية في مواجهة محاولات الإطار تشكيل الحكومة الجديدة. وقال الخفاجي “الطرف الآخر استنفد كامل أسلحته السياسية في تعطيل تشكيل حكومة لا تقوم على أساس المحاصصة، والتحالف الثلاثي إلى غاية الآن لم يبدأ باستخدام أسلحته السياسية والقانونية”.
وسبق أن لوّح التيار لصدري بخيار حل البرلمان، لكن هذا التهديد قابله المالكي بالرفض حيث قال زعيم رئيس ائتلاف دولة القانون “إن حلّ مجلس النواب وإعادة الانتخابات غير مقبوليْن ولن نسمح بهما”.