أعلن رئيس وزراء إقليم كوردستان مسرور بارزاني أن الإقليم سيصبح مصدراً للغاز إلى أوروبا «في القريب العاجل»، فيما كشف مسؤولون عراقيون وأتراك لـ«رويترز» أن القصف الباليستي الإيراني الذي طاول أربيل قبل أسبوعين استهدف تدمير «خطة وليدة لتصدير الغاز من إقليم كوردستان إلى تركيا وأوروبا بمشاركة إسرائيلية».
وقال بارزاني أمس (الاثنين) إن «الإقليم لديه القدرة لتعويض بعض من نقص الطاقة على الأقل في أوروبا».
ووفق «رويترز» ، فإن بارزاني أبلغ مؤتمراً للطاقة في دبي أن «كوردستان العراق ستصبح قريباً مصدراً مهماً للطاقة، وستساهم في تلبية الطلب العالمي وتصدّر إلى تركيا في المستقبل القريب».
وقال: «أنا واثق بأن كوردستان ستصبح قريباً مصدراً مهما للطاقة بينما ينمو الطلب في العالم (..)سنصبح مصدراً صافياً للغاز إلى بقية العراق، وإلى تركيا، وإلى أوروبا في المستقبل القريب».
واللافت أن «رويترز» نقلت أمس أيضاً، مسؤولين عراقيين وأتراك، شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، قولهم إنهم يعتقدون أن الهجوم الإيراني «كان بمثابة رسالة متعددة الجوانب لحلفاء واشنطن في المنطقة، غير أن الدافع الرئيسي كان (استهداف) خطة لضخ الغاز الكوردي إلى أوروبا مروراً بتركيا وبمشاركة إسرائيل».
وأوضح مسؤول أمني عراقي: «كان هناك اجتماعان في الآونة الأخيرة بين مسؤولي الطاقة والمختصين الإسرائيليين والأميركيين في الفيلا لمناقشة شحن غاز كوردستان إلى تركيا عبر خط أنابيب جديد». وأضاف المسؤول العراقي: «أبلغ مسؤول أمني إيراني كبير بأن الهجوم كان رسالة متعددة الأغراض لكثير من الناس والجماعات. والأمر يعود إليهم في كيفية تفسيره. وأياً كان ما تخطط له (إسرائيل)، من قطاع الطاقة إلى الزراعة، فهو لن يتحقق».
أما في الجانب التركي، فقد أكد مسؤولان وجود محادثات شارك فيها مسؤولون أميركيون وإسرائيليون مؤخراً لبحث إمداد تركيا وأوروبا بالغاز الطبيعي من العراق، من دون أن يكشفا عن مكان عقد الاجتماع.
وقال المسؤول الأمني العراقي ومسؤول أميركي سابق مطلع على الخطط إن رجل الأعمال الكوردي الذي أصيب منزله بالصواريخ الإيرانية؛ وهو باز كريم البرزنجي، كان يعمل على تطوير خط أنابيب لتصدير الغاز.
ونفى مكتب رئيس إقليم كوردستان العراق نيجيرفان بارزاني، عقد أي اجتماعات مع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين لمناقشة خط أنابيب في فيلا البرزنجي. وينفي الكورد أي وجود إسرائيلي عسكري أو رسمي على أراضيهم.
وكان «الحرس الثوري» الإيراني أعلن في 13 مارس (آذار) الحالي أن الهجوم أصاب «مراكز استراتيجية» إسرائيلية في أربيل وأنه كان رداً على غارة جوية شنتها إسرائيل وقتلت اثنين من أعضائه في سوريا. لكن اختيار الهدف أثار حيرة العديد من المسؤولين والمحللين. وأصاب معظم الصواريخ الـ12 فيلا رجل أعمال كوردي يعمل في قطاع الطاقة بإقليم كوردستان المتمتع بالحكم الذاتي.
ويضع هذا الكشف هجوم إيران على أربيل في سياق مصالح الطاقة للأطراف الإقليمية، وليس هجوماً عسكرياً إسرائيلياً واحداً على «الحرس الثوري» الإيراني، كما ورد على نطاق واسع. وأثار تعثر جهود إحياء الاتفاق النووي هذا الشهر، شكوكاً حول احتمال رفع العقوبات عن إيران؛ بما في ذلك قطاع الطاقة.
وقالت المصادر إن الخطوة تأتي في وقت حساس سياسياً بالنسبة إلى إيران وللمنطقة؛ «إذ إن خطة تصدير الغاز قد تهدد مكانة إيران بوصفها مورداً رئيسياً للغاز إلى العراق وتركيا في حين ما زال اقتصادها يرزح تحت وطأة عقوبات دولية».
تتبلور الخطوة في وقت تعزز فيه إسرائيل وتركيا علاقاتهما، وتتطلعان لمزيد من التعاون في مجال الطاقة، في حين تهدد العقوبات المفروضة على روسيا، بسبب غزوها أوكرانيا، بحدوث نقص حاد للطاقة في أوروبا. وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الشهر الماضي، إن تركيا وإسرائيل يمكنهما العمل معاً على نقل الغاز الإسرائيلي لأوروبا. وفي وقت لاحق، اجتمع إردوغان كذلك مع بارزاني وقال إن أنقرة تريد توقيع صفقة توريد غاز طبيعي مع العراق.
ولم تصدر أي تفاصيل محددة من الجانبين العراقي والتركي عن خطة ضخ الغاز أو المرحلة التي وصلت إليها، ولا الدور الإسرائيلي في المشروع. وقال أحد المسؤولين الأتراك: «توقيت الهجوم في أربيل مثير للاهتمام. يبدو أنه كان موجهاً بالدرجة الكبرى لصادرات الطاقة من شمال العراق وللتعاون المحتمل الذي قد يشمل إسرائيل… أُجريَ بعض المحادثات بشأن صادرات الغاز الطبيعي من شمال العراق، ونحن نعلم أن العراق والولايات المتحدة وإسرائيل تتشارك في هذا العملية. تركيا تؤيد ذلك أيضاً».
وقال المسؤول الأمني العراقي إن اجتماعين على الأقل لبحث هذا الأمر مع خبراء الطاقة من الولايات المتحدة وإسرائيل عقدا في الفيلا التي يسكنها البرزنجي، وهو ما قال إنه يفسر اختيار هدف الضربة الصاروخية الإيرانية. وقال مسؤول حكومي عراقي ودبلوماسي غربي في العراق إن البرزنجي معروف بأنه يستضيف المسؤولين ورجال الأعمال الأجانب في منزله؛ وإن من بينهم إسرائيليين.
وقال المسؤول الأمني العراقي والمسؤول الأميركي السابق إن «مجموعة كار» النفطية المملوكة للبرزنجي تعمل على تسريع خط أنابيب الغاز. وفي نهاية المطاف؛ قال المسؤول الأميركي السابق إن خط الأنابيب الجديد سيربط بخط استكمل بالفعل على الجانب التركي من الحدود.
وقال فوزي حريري، رئيس ديوان رئاسة إقليم كوردستان العراق، إن «مجموعة كار» هي التي بنت خط الأنابيب المحلي في كوردستان، وإنها تتولى الآن إدارته، «وتملك كذلك ثلث خط أنابيب تصدير خام كوردستان بموجب اتفاق تأجير تمويلي، والحصة المتبقية مملوكة لـ(روسنفت) الروسية».
مشاركة المقال عبر