بعد فشل جلسة السبت الماضي في انتخاب رئيس جديد للعراق نتيجة الخلافات «الشيعية» العميقة بين «التيار الصدري» بزعامة مقتدى الصدر و«الإطار التنسيقي»، يستعد البرلمان العراقي لجولة ثانية غداً (الأربعاء) وسط مؤشرات بعدم تحقيق تقدم في أي حوارات بين الأطراف المتصارعة.
وطبقاً لما يقوله خبراء القانون، فإن جلسة غد سوف تكون ما قبل الأخيرة؛ إذ تنتهي المهلة الدستورية التي حددتها المحكمة الاتحادية العليا في 6 أبريل (نيسان) القادم. وبينما يرى بعض خبراء القانون أنه لم يعد هناك حل لأزمة الانسداد السياسي، سوى أن يلجأ البرلمان إلى حل نفسه، فإن خبراء آخرين يرون أن المحكمة الاتحادية العليا هي التي تتخذ قرارات باتة وملزمة لكل السلطات، بتعطيل نتائج الانتخابات، أو حتى اللجوء إلى حل البرلمان من منطلق أن من بين أولى مهام البرلمان المنتخب، انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وبين مدافع ومعارض تستمر القوى السياسية (المتمثلة بتحالف «إنقاذ وطن» الذي يتزعمه الصدر، ويضم «تحالف السيادة» السني، والحزب «الديمقراطي الكردستاني»، وكذلك «الإطار التنسيقي» الشيعي الذي يقف معه «الاتحاد الوطني الكردستاني»، و«عزم السني») تحشيدها من أجل إكمال نصاب جلسة انتخاب الرئيس بالنسبة للتحالف الأول، وتعطيلها بالنسبة للتحالف الثاني، بحسب تقرير لصحيفة الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، دعا رئيس «تيار الحكمة»، عمار الحكيم، وهو أحد قيادات «الإطار التنسيقي»، القوى السياسية إلى «تجميد» الخلافات الحالية، والاتفاق على برنامج حكومي وطني. وقال الحكيم في تدوينة على «تويتر»، إن «حالة الانسداد السياسي الخانق التي يعيشها العراق ستنعكس سلباً على المواطن، بدءاً من عدم إمكانية الحكومة على تقديم قانون الموازنة».
ودعا الحكيم من سماهم «المخلصين» من القوى السياسية كافة إلى «تكثيف لقاءاتهم للاتفاق على برنامج حكومي واضح المعالم، وصياغة أولويات المرحلة المقبلة، وكيفية معالجة الأزمات الكبرى، لا سيما الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتجميد الخلافات الحالية، ريثما ينتج برنامج حكومي وطني، تكون المشاركة في الحكومة القادمة على أساسه، مع تأكيدنا على عدم المشاركة فيها».
وفي الوقت الذي كانت العقدة الأكبر أمام القوى السياسية العراقية خلال الدورات البرلمانية السابقة هي منصب رئيس الوزراء، فإن العقدة الأكبر خلال هذه الدورة هي منصب رئيس الجمهورية.
ويقف سببان خلف نمو واستمرار هذه العقبة التي بدأت تهدد النظام السياسي في البلاد، فيما لو لم يتم إيجاد حل لها بين الثلاثين من مارس (آذار) الحالي والسادس من أبريل القادم. السبب الأول هو الخلاف الكردي- الكردي الذي قوامه ترشيح الحزبين الكرديين الرئيسيين في إقليم كردستان («الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردستاني») مرشحاً خاصاً بكل منهما (ريبر أحمد، وبرهم صالح). والثاني دخول «الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني في تحالف مع الصدر، أدى بالنتيجة إلى تمزيق البيت الشيعي، الأمر الذي جعل مسألة انتخاب رئيس للجمهورية مشكلة بحد ذاتها، نظراً لكون الدستور العراقي وكذلك تفسير المحكمة الاتحادية يشترط نصاب الثلثين من مجموع أعضاء البرلمان العراقي.
وفي الوقت الذي فشل فيه تحالف الصدر والبارزاني ومعهم «السيادة» السني، في تأمين نصاب الثلثين، وهو 220 نائباً، خلال جلسة السبت الماضي التي حضرها 202 نائب، فإن التحالف المضاد الذي يضم «الإطار التنسيقي» و«الاتحاد الوطني»، تمكن من تعطيل جلسة الانتخاب، بعد امتلاكه ما بات يسمى في العراق «الثلث المعطل».
وطبقاً لما يدور في الغرف المغلقة، وما يتسرب من معلومات بشأن ما إذا كانت هناك حوارات بين الكتل السياسية لتقريب وجهات النظر، فإن الذي يجري حالياً هو التحرك على النواب المستقلين من قبل كلا التحالفين المتصارعين من أجل كسب المستقلين إلى جانبهم.
فبينما يحتاج تحالف «إنقاذ الوطن» بزعامة الصدر الذي يصر على تشكيل حكومة أغلبية وطنية إلى 18 نائباً جديداً لإكمال نصاب الجلسة، فإن «الإطار التنسيقي» الذي تمكن من تعطيل الجلسة من خلال 126 نائباً، تقول مصادره إن عدد نوابه المقاطعين لجلسة غد ارتفع إلى 133 نائباً، الأمر الذي يعني أن النصاب لن يتحقق غداً.
وفي هذا السياق، فإن هناك عدة سيناريوهات يجري تداولها في حال لم تنجح جلسة الأربعاء، من بينها اتفاق الحزبين الكرديين على أن يسحب أحدهما مرشحه مقابل مناصب وامتيازات، سواء في المركز أو في إقليم كردستان، أو اتفاق شيعي- شيعي برعاية إقليمية (إيرانية تحديداً) يتم بموجبه تراجع الصدر عن حكومة الأغلبية الوطنية، أو الذهاب إلى ما يراه كثيرون «المجهول»، وهو حل البرلمان أو الإبقاء على الحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي إلى نهاية العام الحالي، وكذلك بقاء رئيس الجمهورية الحالي برهم صالح في منصبه، طبقاً للقرار الصادر عن المحكمة الاتحادية الذي منحه حق البقاء إلى أن يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
مشاركة المقال عبر