أكدت “الرؤية السياسية” التي طرحها الائتلاف السوري الموالي لتركيا والذي يتخذ منها مقراً لها، وكذلك ما طرح في الجولة السابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية وخصوصاً ما يتعلق بـ “رموز وهوية الدولة”، أن الطرفين (الحكومة السورية والائتلاف) وجهان لعملة واحدة، فهما يران في سوريا دولة يعيشها مكون واحد وهو العربي، ويقصون بقية المكونات. وأمام هذا الواقع ما زال المجلس الوطني الكردي متمسكاً بالائتلاف ومشاركاً في هضم حقوق الكورد.
وبالتزامن مع انعقاد الجولة السابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية بين كل من هيئة التفاوض والحكومة السورية وما يسمى ممثلي المجتمع المدني الموالي للطرفين وإقصاء ممثلي شمال وشرق سوريا، أصدر الائتلاف الوطني السوري الموالي لتركيا ما يسمى “الرؤية السياسية”.
ففي هذه الرؤية يريد الائتلاف إسقاط “النظام” واستلام السلطة بدلاً عنه وهو الذي يصر على العروبة وكأن سوريا دولة يقطنها العرب ويتناسى أن أحد شركاءه هو المجلس الوطني الكوردي، فهذه الرؤية السياسية لم تتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى الكورد وحقوقهم المشروعة ولغتهم.
كما يتحدث الائتلاف في رؤيته عن محاربته للتغيير الديموغرافي، ولكن الفصائل التابعة له هي أكثر من مارس التغيير الديموغرافي بتهجير أهالي عفرين ورأس العين وتل أبيض، ونقل العرب والتركمان إلى مناطق ذات غالبية كوردية.
وأيضاً يتحدث الائتلاف عن الاحتلالات للأراضي السورية، ولكن رئيسه سالم المسلط رأى قبل أيام بأن تركيا التي تحتل أجزاء من سوريا بأنها ليست دولة محتلة، ورأى بأن روسيا وإيران هما دول احتلال، فيما تقول الحكومة السورية أن روسيا وإيران دولتان حليفتان وتركيا هي دولة احتلال. أي أن الطرفين ينظران للطرف الداعم له كحليف والآخر كقوة احتلال.
كما يتحدث الائتلاف عن التنظيمات الإرهابية، وهو الذي يحتضن هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة سابقاً والمصنفة على لائحة الإرهاب الدولي، إلى جانب تنظيمات إرهابية من أوزبكستان والإيغور وغيرهم من عناصر القاعدة.
ويدعو الائتلاف إلى لامركزية إدارة موسعة مثله مثل الحكومة السورية التي أصدرت قانون الإدارة المحلية وتدعي إنه لا مركزية إدارية موسعة، فوجهة نظر الطرفين متطابقة تماماً ولا تختلف الرؤية السياسية للائتلاف عما تطرحه الحكومة السورية وبالتالي لا تحقق هذه الرؤية ما يصبو إليه السوريون والتي قدموا من أجلها الغالي والنفيس.
وبالتوازي مع هذه الرؤية التي طرحها الائتلاف والتي لم تتطرق إلى أن سوريا يقطنها كورد ونسبتهم 20 % ولا لم تشر إلى ضمان تعلمهم بلغتهم وحقوقهم المشروعة التي هضمتها السلطات في سوريا على مر الزمن، طرحت في اجتماعات اللجنة الدستورية بعض البنود حول “هوية الدولة” والتي تقدم بها ممثلو المجتمع المدني الموالي للحكومة والائتلاف مناصفة، وكذلك بند يتعلق بـ “رموز الدولة” من قبل الوفد الموالي للحكومة السورية.
والملفت أن هوية الدولة أيضاً تحدثت عن أن سوريا دولة عربية ولغتها عربية فقط، وهي أيضاً مثل الرؤية السياسية للائتلاف همشت الكورد وحقوقهم، ولفتت فقط إلى العرب الذين يتعلمون أساساً بلغتهم العربية ولكن من هضمت حقوقهم هم الكورد الذين يضطرون للتعلم بلغة غير لغتهم الأم.
أما فيما يخص رموز الدولة التي قدمها وفد الحكومة، فهو أيضاً أشار إلى أن سوريا دولة عربية عبر الإبقاء على اسم “الجمهورية العربية السورية” وكذلك على أن اللغة العربية فقط هي اللغة الرسمية. وهذا إقصاء واضح ومتعمد من قبل الحضور للوجود الكوردي وكذلك للتركمان والسريان وغيرهم من المكونات التي تقطن سوريا والتي لغتها الأم ليست العربية.
من أصدر الرؤية السياسية ومن يحضر اجتماعات اللجنة الدستورية، لا يمثلون السوريين بشكل حقيقي، فالائتلاف معروف بأنه أصبح ذراع تركيا في سوريا ويخدم أهدافها ويشرعن احتلالها للأراضي السورية، ورغم أن أحد مكوناته هو المجلس الوطني الكوردي إلا أنه لا يتطرق أبداً إلى حقوق الكورد وكيفية ضمانها.
وكذلك من يجتمع في الدستورية في جنيف يمثلون الحكومة السورية التي تقصي الكورد وتعتقلهم وتمنع لغتهم والطرف الثاني يمثل تركيا، أما الطرف الثاني والذي يصفونه بممثلي المجتمع المدني فهو موزع مناصفة بين موالين للحكومة السورية ولتركيا.
هذه التركية توضح أنه لا أمل من هؤلاء للحديث عن حقوق الشعب الكوردي، ولكن المجلس الوطني الكوردي، الذي تشدق دوماً بسعيه وراء حقوق الشعب الكوردي وبالفدرالية كنظام لضمان حقوق الكورد، ما زال صامتاً أمام هذا الإقصاء المتعمد للكورد وعدم الإشارة إلى حقوقهم، وهو الذي يشارك ممثلون عنه في اجتماعات اللجنة الدستورية.
والسؤال الذي يطرح نفسه، هل حقاً المجلس الوطني الكوردي يناضل من أجل الكورد وحقوقهم أم أنه أصبح أداة لإقصاء الكورد وشاهد زور للتوقيع على التفاهمات التي يوقعها طرفان ووجهان لعملة واحدة يعاديان الكورد وحقوقهم المشروعة.