تسود حالة من القلق والخوف بين أوساط اللاجئين السوريين في تركيا بعدما تلقى الكثير منهم رسائل نصية من إدارة الهجرة تفيد بأنه تم “تجميد قيود” بطاقة الحماية المؤقتة التي يحملونها، بسبب عدم تحديث بياناتهم المتعلقة بأماكن السكن التي يقيمون فيها.
ولم يقتصر وصول الرسائل النصية على سوريين في ولاية دون غيرها، حيث استهدفت أولئك المقيمين في أورفا الحدودية وغازي عنتاب وصولاً إلى مدينة إسطنبول.
ويقول أحمد عبدالعليم، وهو أحد الذين وصلتهم الرسالة النصية المذكورة قبل يومين، إن “جميع بياناته محدثة، من عنوان سكن ورقم هاتف وشهادة جامعية وغير ذلك”، متسائلاً عن سبب “تجميد قيده”، رغم أنه قام قبل شهرين بتحديث جميع بياناته في دوائر الهجرة.
ويضيف عبدالعليم أن حالته تشابه حالات كثيرة أيضاً من زاوية أن الرسالة النصية لم تستهدف فقط من لم يحدّث بيانات “الحماية المؤقتة”، بل أولئك الذين اتبعوا ذلك بعد الإخطار الأخير الذي أصدرته إدارة الهجرة.
وكانت الإدارة قد عمّمت بياناً قبل شهرين طالبت فيه السوريين المتخلفين عن تحديث عناوين إقامتهم، أو من لم يكونوا موجودين في المنزل في أثناء زيارة الشرطة للتحقق من العنوان، بتحديث بياناتهم في مديريات الهجرة خلال مدة أقصاها 60 يوماً عن طريق حجز موعد على الموقع الرسمي على الإنترنت.
وجاء ذلك ضمن توجه بدأته الحكومة التركية لضبط توزيع اللاجئين السوريين في البلاد، وهو الأمر الذي أعلن عنه وزير الداخلية التركي سليمان صويلو كاشفا عن “خطة تخفيف مكاني” ستستهدف التوزع السكاني للسوريين في الولايات التي تشهد اكتظاظا كبيرا.
ويتطلب تحديث بيانات الحماية المؤقتة للسوريين في تركيا حجز موعد إلكتروني على تطبيق تتيحه إدارة الهجرة، وهذا لا يمكن الحصول عليه في فترة زمنية قصيرة، بل يحتاج إلى مدة تزيد عن شهر كامل.
وفي بيان لها الخميس أوضحت رئاسة الهجرة التركية أن الرسائل التي وصلت إلى سوريين بخصوص إيقاف بطاقة “الحماية المؤقتة” تعتبر إجراء للتأكيد على ضرورة تحديث البيانات وتثبيت عناوين السكن.
وأكدت إدارة الهجرة أن ما حصل ليس “توقيف قيد” بل هو “تجميد”، وقالت إن خطوتها تهدف إلى “تفادي مشكلات كثيرة قد يواجهها الأجانب المقيمون على أراضينا في المستقبل”.
ويوضح الناشط الحقوقي المهتم بأوضاع اللاجئين السوريين في تركيا طه الغازي أن “عملية توقف قيود السكن بدأت أولا في أنقرة، ومن ثم في أورفا وغازي عنتاب وأخيرا في إسطنبول”.
وتحدث الغازي عن سياقات سبقت الخطوات التي يتم تطبيقها حاليا، بينها الاجتماع الذي حصل في الثامن من فبراير الماضي بين مؤسسات “سورية” ووزير الداخلية سليمان صويلو.
وأشار البيان الذي خرج عقب الاجتماع بحسب الغازي إلى “نبرة تحذيرية بخصوص قيود السكن. وكانت هناك إشارات واضحة للخطوة الحالية”.
وكان تقرير نشرته وسائل إعلام مقربة من الحكومة قد تحدث عن قرار أصدرته الداخلية التركية ينص على منع الأجانب الحاملين لكل أنواع الإقامات، والسوريين المسجلين في البلاد تحت “الحماية المؤقتة”، من تقييد أنفسهم في 16 ولاية تركية و800 حي في 52 ولاية.
وأوضحت المصادر أنه وفي حال تجاوز عدد السوريين 25 في المئة من السكان في مكان ما، تغلق أماكن الإقامة لاستقبال طلبات التقييد فيها، مشيرة إلى أن الولايات الـ16 هي أنقرة، أنطاليا، أيدن، بورصة، تشاناكالة، دوزجة، أدرنة، هاتاي، إسطنبول، إزمير، كركلاريلي، كوجالي، موغلا، سكاريا، تكيرداغ ويالوفا.
واعتبرت الكاتبة هاندي فيرات أن الأحداث التي حصلت قبل أشهر في حي ألتن داغ في أنقرة ومقتل أميرهان يالتشين على يد شابين سوريين كانت السبب الرئيسي لظهور مشروع “التخفيف” أو “مكافحة التركيز المكاني” في أنقرة، ومن ثم في عموم تركيا.
وتحدثت فيرات عن أن الداخلية التركية سبق وأن عقدت اجتماعات فردية مع العائلات السورية في الحي المذكور، وتم نقل السوريين القاطنين فيه إلى مناطق أخرى، مضيفة “غادر حتى الآن 4514 سوريا المنطقة، بينما تم تدمير 309 مبان مهجورة يستخدمها السوريون، وأغلق 177 مكان عمل يعود للسوريين في المنطقة نفسها”.
وبحسب معطيات إدارة الهجرة العامة في البلاد هناك 3 ملايين و701 ألف و584 سوريا تم تسجيلهم تحت وضع “الحماية المؤقتة” في تركيا.
وأعرب “تجمع المحامين السوريين” في تركيا عن رفضه لمسألة إبطال الحماية المؤقتة للاجئين السوريين، مطالبا وزارة الداخلية التركية بإيقاف الإجراء ومعالجة أمور هؤلاء الناس وتقنين وضعهم مجددا، مع إمكانية فرض غرامات مالية على المخالفين بدلا من ترحيلهم، لأن ذلك يخالف القوانين الوطنية والدولية.
واعتبر “التجمع” أن مسألة الإبطال بزعم أن الأشخاص لم يقوموا بتحديث بياناتهم ومطابقة عناوينهم “إجراء تعسفي وكارثي”، لأن الإبطال يشكل بالمعنى القانوني إلغاء كاملا للحماية الممنوحة للأشخاص الذين توقفت بطاقات الحماية الخاصة بهم.
ويترتب على هذه الخطوة فقدانهم لمركزهم القانوني الذي يمنحهم حق الوجود على الأراضي التركية، ما يعني ترحيلهم قسرا إلى البلد الذي فروا منه التماسا لملاذ آمن، دون أن يصبح بلدهم آمنا لعودتهم بعد.
وقال نائب وزير الخارجية التركي إسماعيل تشاتكلي “لن نمنح وضع الحماية المؤقتة بشكل مباشر للسوريين غير المسجلين من الوافدين حديثا، من الآن فصاعدا، وسنأخذهم إلى المخيمات ونحقق معهم في المخيمات” عن أسباب لجوئهم.
ويوضح المحامي عمار عزالدين مدير مكتب “رابطة المحامين السوريين” في ولاية هاتاي، أنه لا يمكن اعتبار ما حصل هو تجميد، بل الوصف القانوني ونص الرسالة كانا واضحين بعبارة “تم إلغاء الحماية المؤقتة”.
ويقول عزالدين لموقع “الحرة” إن “توضيحات إدارة الهجرة غير كافية إن لم تتبع بخطوات عملية، مثل تعميمات على جميع جهات الضابطة العدلية أي الشرطة والجهات الأمنية الأخرى، لمنع توقيف أي لاجئ سوري في حال كان قيد بطاقته ملغى”.
وسيحرم إلغاء القيد اللاجئ السوري من حق التنقل، وبالتالي عدم ذهابه إلى العمل وحق الرعاية الصحية، والاستفادة من المعونة المالية المقدمة لبعض السوريين من الاتحاد الأوروبي تحت مسمى “كرت الهلال الأحمر”.