قدّم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا وحليفه حزب الحركة القومية الاثنين، مشروع قرار لرئاسة البرلمان، يتضمن مقترحا بخفض العتبة الانتخابية لدخول البرلمان من 10 إلى 7 في المئة، في خطوة يقول معارضوها إنها تهدف إلى تحصين حزب حليف رئيسي لرجب طيب أردوغان في انتخابات مقررة العام المقبل، والتي يتوقع أن تشهد منافسة حامية.
وحمل المقترح المشترك للحزبين تواقيع كامل نوابهما لدى البرلمان. وبموجب مشروع القرار المقترح، سيتمكن كل حزب سياسي في تركيا من الدخول إلى البرلمان بمجرد حصوله على 7 في المئة من أصوات الناخبين.
وينص مشروع القرار أيضا على ضرورة أن يكون الحزب السياسي الراغب في المشاركة بالانتخابات قد عقد لمرتين متتاليتين مؤتمراته الكبرى في الولايات والأقضية، بحسب تقرير لصحيفة العرب.
وبالتالي، لا يحق للأحزاب السياسية التي لها كتل نيابية في البرلمان، خوض الانتخابات ما لم تكن قد عقدت مؤتمراتها لمرتين على الأقل خلال المدة المحددة في قانون الأحزاب السياسية وفي أنظمتها الداخلية. وتسعى السلطة الحاكمة لتقليص زخم الأحزاب الجديدة عبر إجراءات تشريعية على قانون الانتخابات، خاصة بعد نجاحات حققتها في اختراق الشارع التركي، وفي الصدارة منها حزب المستقبل، وحزب الديمقراطية والتقدم “ديفا”.
ووفقا لقانون الأحزاب السياسية في تركيا، فإنّه يجب تواجد أي حزب سياسي في ما لا يقل عن نصف المقاطعات الـ81، وأن يعقد مؤتمره العادي مع مندوبين منتخبين قبل موعد الانتخابات التي يعتزم المشاركة بها بستة أشهر على الأقل.
وتأتي الخطوة في وقت باتت قطاعات معتبرة في الداخل التركي ترى في قيادات الأحزاب الجديدة فرصة لتحسين أوضاع الاقتصاد المأزوم، وكذلك التحايل على حالة الانقسام السياسي التي باتت العنوان الأبرز في البلاد.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2023، تشهد الساحة حضورا لافتا لمنافسين محتملين للرئيس أردوغان، وخاصة أكرم داود أوغلو رئيس بلدية إسطنبول، وعلي باباجان رئيس حزب “ديفا”، وكلاهما يحظى بشعبية كبيرة، ناهيك عن تمتعهما بميزات خاصة، حيث يمتلكان قدرة خطابية عالية، ولديهما قدرة على الإقناع، فضلا عن أنهما يجمعان بين المدنية السياسية والمحافظة الاجتماعية ولديهما عدد من الإنجازات الاقتصادية والسياسية، وفوق ذلك قدرتهما على خلق مساحة مشتركة بين مختلف التوجهات السياسية والاجتماعية التركية.
ومن شأن التعديل أن يتيح لحزب الحركة القومية ضمان الحصول على مقاعد برلمانية، حتى إذا ما منعت الحكومة المجموعات الصغيرة من الاعتماد على أخرى أكبر لدخول البرلمان كأعضاء ضمن ائتلاف، وسط مضمار مزدحم بأحزاب المعارضة.
وبلغت نسبة تأييد حزب الحركة القومية 11.1 في المئة في انتخابات 2018 لكن معدل تأييده انخفض، وفقا لأحدث الاستطلاعات.
والعتبة الانتخابية هي قانون يحدد النسبة المقبولة من الأصوات الانتخابية التي تسمح للأحزاب السياسية الدخول إلى البرلمان.
وتضمن العتبات الانتخابية تمثيل الأحزاب التي تصل إلى المعدل المحدد مسبقا في البرلمان، وبالتالي توحيد وجهات النظر السياسية تحت أسطح معيّنة، وهو تطبيق يساهم بشكل كبير في اتخاذ القرارات السليمة وتشكيل القوانين والأنظمة بما يتماشى مع آراء الأحزاب التي تمثل رأي الأغلبية.
ورغم أن تخفيض هذه النسبة ستستفيد منه أحزاب معارضة عدة، إلا أن معارضين يشيرون إلى أن أردوغان يريد من خلال تخفيض العتبة الانتخابية ضمان حصول شريكه في التحالف (حزب الحركة القومية) على النسبة المطلوبة لدخول البرلمان في ظل مؤشرات على تراجع شعبية التحالف لدى الناخبين الأتراك.
وفي تعليقه حول تخفيض العتبة الانتخابية، قال رئيس حزب المستقبل المعارض أحمد داود أوغلو “تم تصميم القانون بشكل هندسي لمنع شخص ما من دخول البرلمان، عتبة الـ10 في المئة قد تم تحديدها سابقا لمنع حزب الشعوب الديمقراطي وحتى حزب الرفاه من الوصول إلى البرلمان”.
وأضاف أوغلو أن “الحد الأدنى ليس له معنى بالنسبة إلينا، نحن على يقين من أننا سنحصل على أصوات أعلى، لكنهم سيكونون تحت تأثير الهندسة السياسية، هم أيا كان من يقوم بالهندسة السياسية، هذا لا يقلل من قوتنا وهامش التفاوض لدينا في أي معادلة سياسية”.
وتكشف نتائج استطلاعات الرأي التي تشهدها تركيا بين الحين والآخر عن تراجع شعبية أردوغان وحزبه الحاكم وكذلك حليفه الحركة القومية، بسبب الأوضاع المتردية التي تشهدها البلاد على كافة الأصعدة، ولاسيما الاقتصادية منها، والناجمة عن تبني سياسات غير ناجعة للقضاء على الأزمات.
كما تتآكل شعبية أردوغان على وقع أزمة مالية ونقدية واقتصادية تعتبر الأكثر تعقيدا على الإطلاق تواجهها تركيا حاليا، جراء انهيار الليرة المحلية إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة خلال العامين الماضي والحالي، نتج عنه تراجع مدوِ لمؤشرات وقطاعات اقتصادية عدة.
وتحمّل المعارضة، وكذلك الشارع التركي، النظام الحاكم متمثلا في أردوغان مسؤولية هذا التدهور نتيجة تبنيه سياسات عقيمة غير مجدية.
وتعيش الأوساط السياسية في تركيا أجواء ملتهبة في ظل حالة من الاحتقان السياسي وأوضاع اقتصادية متردية، وغضب شعبي لفشل النظام في النهوض بالمستوى المعيشي للمواطنين، ما أدى إلى انخفاض شعبيته في استطلاعات الرأي التي تجري بين الحين والآخر.
كما أن أحزاب المعارضة في البلاد تحشد الرأي العام التركي للضغط على النظام من أجل تبكير الانتخابات عن موعدها المزمع في 2023، ليأتي حزب جديد يتولى دفة القيادة من العدالة والتنمية الذي يحكم البلاد منذ 20 عاما .
مشاركة المقال عبر