بعد صمت طويل أكد تنظيم الدولة الإسلامية مقتل زعيمه أبو إبراهيم القرشي وتعيين زعيم جديد له هو أبو الحسن الهاشمي القرشي، وهو الزعيم الثالث منذ نشأة التنظيم بقيادة أبوبكر البغدادي، ويتولى زمام القيادة في وقت أضعِفت الجماعة جرّاء الحملة المتواصلة التي تدعمها الولايات المتحدة في العراق وسوريا لإحباط عودة الجهاديين.
وعرّف التنظيم في تسجيل صوتي عن زعيمه الجديد باسم أبو الحسن الهاشمي القرشي، وهي كنية يتشاركها مع سلفه، نسبة إلى قبيلة قريش التي ينتمي إليها النبي محمّد. ولم يعلن التنظيم عن اسم زعيمه الحقيقي، في خطوة يقول محللون إن هدفها تعقيد عملية جمع المعلومات الاستخباراتية عنه.
ويشكل “البقاء على قيد الحياة” أولوية للزعيم الجديد لتنظيم الدولة الإسلامية بعد إعلان مبايعته الخميس وذلك بهدف الحفاظ على نقطة ارتكاز لمختلف التشكيلات التابعة للتنظيم، وفق ما يقول الخبير في المجموعات الجهادية هانس – جاكوب شندلر.
ويقول شندلر، وهو مدير مركز “مشروع مكافحة التطرف” للأبحاث والخبير السابق لدى الأمم المتحدة في شؤون التنظيمات الجهادية، إن التنظيم المتطرف يواصل العمل بشكل جيد رغم مقتل قادته المتعاقبين، لكنّه يحتاج بطبيعة الحال إلى اسم يتحلّق حوله.
وفي جواب عن الكيفية التي يتعامل بها تنظيم الدولة مع مقتل اثنين من قادته في غضون عامين، يوضح شندلر “لننظر إلى أبوبكر البغدادي، كان يدلي بتصريحات بشكل دائم، كما ينبغي للخليفة أن يفعل، لكنه مات. اتخذ خلفه أبو إبراهيم الهاشمي القرشي مسارا معاكسا تماما من خلال حصر تواصله مع عدد محدد من الأفراد. لكنه مات أيضا. ويشكل العثور على قائد لتقديم الولاء تحديا حقيقيا لا بدّ منه، فهذا ما يربط غرب أفريقيا مع شرقها وجنوب شرق آسيا وسواها. هكذا تعمل الشبكة”.
ويضيف بحسب تقرير لصحيفة العرب: “من دون ولاء لزعيم، لا يمثل مقاتلو داعش سوى حركة إسلامية في مكان ما، ومن هنا تبرز حاجتهم إلى نقطة ارتكاز. ولنتذكر أن حركة طالبان لم تقرّ إلا بعد وقت طويل بوفاة الملا عمر. وكان خلفه هادئا للغاية طيلة سنوات. لذلك، ربما رغبوا باتباع الطريق ذاته، لكن كان بإمكانهم إصدار بيان يقولون فيه إن إعلان وفاته ليس إلا كذبة”.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن في الثالث من فبراير الماضي أن الزعيم السابق للتنظيم فجر نفسه خلال عملية شنتها قوات خاصة أميركية في بلدة أطمة بمحافظة إدلب شمال غرب سوريا، وهي منطقة تسيطر عليها فصائل جهادية وأخرى من مسلحة تابعة لتركيا.
ومنذ تسلمه قيادة التنظيم خلفا للبغدادي نهاية أكتوبر 2019، لم يظهر أبو إبراهيم الهاشمي القرشي علنا أو في أي من الإصدارات ولم يكن يعرف الكثير عنه أو عن تنقلاته. ولم يعن اسمه حينها شيئا للكثير من الخبراء بشؤون الجماعات الجهادية.
وتكتم تنظيم الدولة الإسلامية عن نفي أو تأكيد خبر مقتل زعيمه وأخذ أكثر من شهر ليقرّ بذلك، ويرجع الخبير في المجموعات الجهادية ذلك إلى “أنهم أرادوا شخصا من لحم ودم. لأنه إذا لم يكن الأمر كذلك، وبصدق، من سوى الأميركيين يعرف بما لا يقطع الشك باليقين أن القرشي قد مات؟ لم أر أي صور، حتى لو رأيتها لم أكن لأعلم ما إذا كانت تعود إليه أم لا. عليهم التأكد ألا يحدث ذلك مرة ثالثة. هذا أمر مؤكد! قادة التنظيم كلهم تركوه بسبب الوفاة، ولم يتوفوا بسبب الشيخوخة أو غيرها من الأسباب. والتفسير الوحيد لتأخير الإقرار أنهم وجدوا طريقة لضمان أمن هذا الرجل”.
وتراجع نفوذ التنظيم مقارنة بالسنوات الماضية، حيث هزم في كل من العراق وسوريا، لكنه يسعى للحفاظ على وجود سري إلى حد كبير في البلدين ويقود تمردا على جانبي الحدود بينهما، وفق ما تؤكده تقارير للأمم المتحدة التي تقول أيضا إن 10 آلاف مقاتل نشط يتبعون التنظيم في العراق وسوريا.