يواصل الباحث علي محمد هادي الربيعي توثيق تاريخ المسرح العراقي من خلال رصد سير ومنجزات أهم رموزه، وفي هذا الصدد قدم أخيرا كتابا جديدا يتناول سيرة الفنان أحمد سالار، راصدا ما قدمه الفنان من إسهامات في مجالات التأليف والتمثيل والإخراج والدرس الأكاديمي المسرحي، ما خول لسيرته أن تكون عنوانا مهما من عناوين المسرح العراقي.
ويحمل الكتاب عنوان “أحمد سالار أيقونة المسرح الكردي” وجاء في أربعمئة صفحة من القطع الوزيري، وصدر عن مديرية الإعلام والطباعة والنشر في وزارة الثقافة والشباب في إقليم كردستان العراق.
تجربة فنان
في كتابه الجديد “أحمد سالار أيقونة المسرح الكردي” يستعرض الربيعي بحسب ما كتب الناقد الفني العراقي عبدالعليم البناء في صحيفة العرب، سيرة فنان له بصمات واضحة في الفضاء الإبداعي لما قدمه من إسهامات في مجالات التأليف والتمثيل والإخراج والدرس الأكاديمي المسرحي، ما خول لسيرته أن تكون عنوانا مهما من عناوين المسرح العراقي.
يرى الربيعي -كما ورد في المقدمة- أن كتابه “يعد جزءا مهما من تأريخ المسرح الكُردي، لأنه يستعرض سيرة فنان له بصمات واضحة في الفضاء الإبداعي هذا، وما قدمه من تأليفات نصية وإسهامات في مجالي التمثيل والإخراج، وما جاد فيه على طلبته في الدرس الأكاديمي من فيوضات علوم المسرح، صيرته عنوانا مائزا من عناوين المسرح العراقي”، مؤكدا أن “هذا الكتاب سيحفظ تاريخه (أحمد سالار) المشتت في المظان من جانب، وسيقدم صحائف رهيفة إلى القارئين بالعربية من جانب آخر”، إذ لامس منجز الفنان أحمد سالار خلال رحلته الفنية التي تجاوزت الخمسة عقود من التأليف والتمثيل والإخراج.
قسّم الربيعي كتابه على خمسة فصول، تقدمتها مقدمة وألحقها بأكثر من ملحق، إذ بدأ بتتبع السيرة الشخصية للفنان أحمد سالار، ومراحل ترعرعه وتكوينه. وآثر في هذا الفصل ألا يقول في مسرحه الشيء الكثير، بل أوجز فيه، وترك للقارئ أن يعب وأن يتلذذ بقراءة سرده المسرحي في متون الفصول الأُخرى، متوقفا عند جرد لـ”نشاطه في فضاء النص المسرحي” الذي تمخض عن 26 نصا بدأت بمسرحية “إسطوانة ذات وجه واحد” 1970 وانتهت بمسرحية “القصة مستمرة” 2011، ومن ثم عند “نشاطه التأليفي المطبوع في الفضاء الإبداعي” الذي شمل دراسات وبحوثا مسرحية بلغ عددها أيضا 26 منجزا إبداعيا متنوعا.
كرس الباحث ثاني فصول كتابه للأخبار والرِّيبورتاجات الصّحافية الفنية التي تناولت سيرة الفنان سالار، التي بذل الربيعي في جمعها جهودا واضحة من خلال البحث في المئات من الدوريات والنشريات التي تابعت نشاط هذا الفنان منذ بواكير نشاطه الفني الشامل، مع تثبيت عنوان المقال واسم الكاتب والوسيلة الإعلامية وتأريخ النشر.
وإثر ذلك توقف الباحث عند المقابلات التي أجريت مع أحمد سالار ونشرت في الدوريات، وحرص الربيعي على نسخها ونشرها كما وردت في أصولها، مع صور توثيقية لبعض هذه المقابلات، في حين حفل الفصل الرابع من الكتاب بالمقالات النقدية التي تناولت منجز أحمد سالار المسرحي على صعيدي النص أو العرض المسرحي، والتي أجراها باحثون وصحافيون عرب أو كُرد ونشرت في دوريات عراقية عدة ومتنوعة، وتمت فيها محاورته والتوقف عند تجاربه ومشاركاته وعطاءاته وآرائه ومواقفه المسرحية.
توثيق بالصور
في ختام كتابه يتصدى الربيعي إلى استعراض الدراسات البحثية التي غطت النَّشاط المسرحي للفنان أحمد سالار، وقد شارك في كتابتها نخبة من أبرز نقاد المسرح العراقي عامة والمسرح الكردي خاصة.
وتضمن الكتاب ملحقين كرس المؤلف أولهما لنص الكلمة التي ألقاها الفنان أحمد سالار في تجمع للحوار العربي الكردي أقيم في جمهورية مصر العربية في شهر مايو 1998، وحملت الكلمة عنوان “العلاقة العربية الكُردية من المنظور الثَّقافي”، وقد شارك وفد من إقليم كُردستان العراق في هذا التجمع، وفي وقتها كان الفنان سالار رئيس اللجنة الثَّقافية في برلمان كُردستان العراق ورئيس جمعية فناني كردستان.
وبقيت الكلمة التي يضمها الكتاب الجديد حبيسة الأدراج ولم تنشر من قبل، وآثر المؤلف نشرها في هذا الملحق حتى يطّلع عليها القراء. فيما قدم في الملحق الثاني ثبتا شاملا بـ”أسماء المسرحيات التي قدمها أحمد سالار طوال مسيرته الفنية” منذ العام 1968 بمسرحية “سيزرت” وإلى غاية العام 2020 بمسرحية “الحارس”.
وتخللت فصول الكتاب العشرات من الصور الفوتوغرافية التي كانت معادلا وثائقيا لا غنى عنه، لجأ إليه الربيعي في استكمال النهج الأكاديمي الرصين الذي تميز به هذا الكتاب ولازم بقية مؤلفاته التوثيقية، التي شكلت علامات مهمة في تاريخ ومسيرة البحوث المسرحية التوثيقية العراقية والعربية.