أظهرت الأزمة الأوكرانية ازدواجية الحكومة السورية وانفصالها عن الواقع، فهذه الحكومة اعترفت بالانفصاليين في شرق أوكرانيا، واعترفت بالجمهوريات التي أعلنوها بالقوة والدعم الروسي، ولكنها على الأرض السورية تنعت السوريين في شمال وشرق البلاد بالانفصاليين.
منذ أن بدأت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بتاريخ 24 شباط المنصرم، ظهرت العديد من القوى على حقيقتها، فتركيا أردوغان التي طالما تغنت بالعلاقة الجيدة بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أرسلت طائرات بيرقدار بدون طيار إلى أوكرانيا وبدأت بقتل الجنود الروس وتدمير آلياتهم.
ويرى المتابعون للأوضاع أن الرئيس الروسي لن ينسى هذا الدعم التركي لأوكرانيا، وسيعاقب أردوغان عليها مثلما فعل بعد أن اسقطت تركيا طائرة روسية في الأجواء السورية، حيث عانى أردوغان حينها ولم يغفر له بوتين إلا بعد أن اعتذر الرئيس التركي المتكبر علانية.
ولكن العقاب الروسي هذه المرة سيكون مؤلماً جداً لأردوغان لأنه يعاني من وضع اقتصادي صعب وتهوي شعبيته داخلياً يوماً بعد يوم، وعلاقاته الخارجية لم تنفرج بعد وما زال الرئيس الأمريكي ينظر إليه بعين الريبة، والانتخابات الرئاسية على الأبواب وهذا يعني سقوط أردوغان.
ولكن الحقيقة الساطعة التي ظهرت جراء الهجوم الروسي على أوكرانيا، كان من الحكومة السورية، فهذه الحكومة اعترفت بانفصال جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الأوكرانيتين اللتين يقطنهما غالبية تتحدث الروسية. ولكنها في ذات الوقت تهاجم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وتنعتها بالانفصالية.
هذه ازدواجية كبيرة من الحكومة السورية، واعترافها بانفصال الجمهوريتين الأوكرانيتين عن أوكرانيا، يجعل من اتهاماتها للإدارة الذاتية لا معنى لها بحسب المتابعين للأوضاع.
ويرى الخبراء والمختصون أن لا أحد سيصدق الحكومة السورية في ادعاءاتها واتهاماتها للإدارة الذاتية بالانفصال، ويقولون أن هذه الحكومة منفصلة عن الواقع ولأنها أصبحت دولة تابعة لروسيا، فهي مستعدة لفعل كل ما يطلب منها.
ويؤكد الخبراء أن اعتراف روسيا أيضاً بالجمهوريتين الانفصاليتين، يجعل من حديثها عن دعم أميركا “للنزعات الانفصالية” أمراً لم يعد له أية قيمة، ويرون أن روسيا مطالبة بتغيير توجهاتها نحو الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إذا أرادت لسياستها أن تنجح في سوريا.
ويشيرون إلى أن روسيا الآن مطالبة بالضغط على الحكومة السورية للتفاوض بشكل جاد مع الإدارة الذاتية للوصول إلى تفاهم بين الطرفين، يضمن حقوق الكورد وشعوب شمال وشرق سوريا ضمن الوحدة الجغرافية السورية وهذا ما سيفتح الطريق نحو التغيير في سوريا.
مشاركة المقال عبر