لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع أن نازحين في مخيم الهول الذي يضم نساء وأطفال من أسر تنظيم الدولة الإسلامية، قد تعرضوا لعمليات اغتيال. وهذه العمليات أبلغ دليل على الخطر الذي يشكله المخيم الذي بات قنبلة موقوتة لا يعرف متى تنفجر، خصوصاً بعد الهجوم الذي تعرض له سجن الصناعة في مدينة الحسكة القريبة من المخيم.
وأنشئ مخيم الهول أوائل عام 1991، لاستقبال اللاجئين العراقيين إبان حرب الخليج من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالتعاون مع الحكومة السورية، وفي أعقاب التدخل الأمريكي بالعراق عام 2003 أعيد افتتاح المخيم واستقبال العراقيين، وفي الأزمة السورية سيطر عليه تنظيم الدولة الإسلامية لوقوعه بالقرب من الحدود السورية – العراقية واتخذه كنقطة ربط بين المناطق التي يسيطر عليها في البلدين ومنطلقاً للهجمات على المنطقة.
وتم تحرير منطقة الهول مع المخيم من قبل قوات سوريا الديمقراطية في منتصف تشرين الثاني عام 2015، وبدأ حينها باستقبال النازحين السوريين من مناطق المعارك بين الحكومة السورية ومجموعات المعارضة المسلحة، ولاحقاً في تشرين الأول/أكتوبر عام 2016 بدأ اللاجئون العراقيون بالتوافد إلى المخيم بعد بدء معارك تحرير الموصل.
وبدأ نقل عائلات عناصر تنظيم الدولة الإسلامية الذين كانوا يسلمون أنفسهم إلى قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي، بالتزامن مع قرب القضاء على التنظيم جغرافياً في شمال وشرق سوريا منذ شباط/فبراير عام 2019، إلى هذا المخيم.
ويعيش في مخيم الهول حوالي 17 ألف عائلة يبلغ تعداد أفرادها حوالي 60 ألف شخص بينهم الآلاف من نساء وأطفال عناصر تنظيم الدولة الإسلامية. وقسم المخيم إلى عدة أقسام ويطلق عليها اسم “فيّز” وكل فيّز يضم عوائل تحمل جنسيات بعينها دون الأخرى.
ويعتبر هذا المخيم من أخطر المخيمات في العالم، نظراً لوجود نساء وأطفال تنظيم الدولة الإسلامية، فهناك بعض الأقسام الخاصة التي تضم نساء وأطفال عناصر التنظيم، وهؤلاء يحملون جنسيات روسية، تركية، أوزبكية، فرنسية، بلجيكية، تونسية، ليبية، إلى جانب جنسيات شرق آسيوية. في حين تضم أقسام أخرى نازحين يحملون جنسيات عراقية وسورية.
ومنذ نقل عائلات عناصر تنظيم الدولة الإسلامية إلى المخيم، اعتبر هذا المخيم قنبلة موقوتة، وترسخ هذا الاعتقاد بشكل أكبر بعد أن شن التنظيم في 20 كانون الثاني المنصرم هجمات على سجن الصناعة في حي الغويران بمدينة الحسكة والذي يضم معتقلين من عناصر التنظيم يبلغ عددهم حوالي 4 آلاف معتقل.
والداخل إلى المخيم يميز الأقسام التي تضم أفراد عائلات التنظيم عن العائلات النازحة من مناطق سورية أخرى واللاجئين العراقيين. إذ يطغى السوداء على بياض المخيم، فجميع نساء عناصر التنظيم يرتدين الأسود ويغطين وجوههن وأيديهن بالكامل.
ولا يستطيع أحد أن يقترب من عائلات التنظيم، بسبب الشتائم التي يتعرضون لها من قبل النساء والأطفال على حد سواء، ويتعدى الأمر ليصبح الأمر هجوماً بالحجارة، وسط إطلاق صيحات تمدح بتنظيم الدولة الإسلامية وجملتهم الشهيرة “باقية وتتمدد”، إلى جانب كلمات “الموت للكفار”.
وأنشأت نساء التنظيم محكمة شرعية في المخيم لمعاقبة بقية النساء اللواتي يحاولن الابتعاد عن فكر التنظيم المتشدد. فنساء عناصر التنظيم يدربن أطفالهن ضمن المخيم على فكر التنظيم.
وكثيراً ما نسمع عن وقوع عمليات اغتيال في المخيم، إذ تقوم الخلايا النائمة التابعة للتنظيم بتنفيذ عمليات اغتيال تستهدف السوريين والعراقيين خصوصاً من الأشخاص الذين يبتعدون عن فكر التنظيم، كما تعثر القوى الأمنية بين الحين والآخر في عمليات تفتيش المخيم على مواد قابلة للانفجار وأسلحة كاتمة للصوت.
ويشكل أطفال عناصر التنظيم الذين يتم تدريبهم من قبل نساء عناصر التنظيم، إلى جانب أمهاتهم، خطراً كبيراً ويعتبرون قنبلة موقوتة وخصوصاً الأطفال، فالعديد منهم يكاد يبلغ من العمر حوالي 15 عاماً وهم مدربون فكرياً على ذهنية التنظيم وهو قنابل جاهزة للانفجار في أية لحظة.
وهذا الخطر يستوجب على التحالف الدولي وكذلك الأمم المتحدة التحرك بشكل سريع وعاجل لحل أزمة مخيم الهول، فبقاء الأطفال بعيداً عن المدارس وعدم إدماجهم ضمن المجتمع واستمرار تدريبهم على فكر التنظيم يجعلهم جاهزين للانفجار في أية لحظة. وهذا ما يجعل من محاكمة عناصر التنظيم وإيجاد حل لمخيم الهول ضرورياً.
مشاركة المقال عبر