أعلنت رئاسة البرلمان العراقي فتح باب الترشيح مجدداً لمنصب رئيس الجمهورية، بعد فشل جلسة البرلمان أول من أمس التي كانت مخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية. وقالت رئاسة البرلمان في بيان لها أمس الثلاثاء، إنها «عقدت اجتماعاً للتباحث حول موضوع انتخاب رئيس الجمهورية، نظراً لانتهاء المدة الدستورية المحددة للانتخاب بموجب المادة (72/ ثانياً/ ب) من الدستور، دون انتخاب رئيس للجمهورية».
وأضاف البيان أنه فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية ابتداء من اليوم الأربعاء، ولمدة 3 أيام. وكانت الجلسة التي قرر البرلمان عقدها الاثنين، شهدت مقاطعة شاملة من قبل الكتل السياسية الرئيسية؛ بدءاً من الكتلة الصدرية التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وتحالف «السيادة» السني بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والحزب «الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، ما دفع قوى «الإطار التنسيقي» التي تضم «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«الفتح» بزعامة هادي العامري، و«عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي، و«قوى الدولة» بزعامة عمار الحكيم، و«النصر» بزعامة حيدر العبادي، و«عطاء» بزعامة فالح الفياض، بالإضافة إلى حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة بافل طالباني، إلى إعلان مقاطعتها للجلسة التي لم يحضرها سوى 58 نائباً يمثلون الحركات السياسية الجديدة المعارضة، فضلاً عن المستقلين.
إلى ذلك، عدَّ خبراء قانونيون عراقيون أن قرار رئاسة مجلس النواب مخالف للقانون؛ لأنه لا يوجد خلو لمنصب رئيس الجمهورية، وذلك على أثر الجدل بشأن تسلُّم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي لمدة شهر منصب رئيس الجمهورية. وفي هذا السياق خاطب رئيس الجمهورية برهم صالح المحكمة الاتحادية بشأن الفراغ الدستوري. وقالت الرئاسة في وثيقة موجهة إلى المحكمة الاتحادية: «نرجو من محكمتكم الموقرة تفسير المادة 72؛ حيث لم يعالج النص في حال لم يتمكن البرلمان من معالجة المتطلب الدستوري وممارسة رئيس الجمهورية لمهامه».
وقال الخبير القانوني أمير الدعمي في تصريح لصحيفة «الشرق الأوسط»، إن «فتح باب الترشيح مجدداً من قبل مجلس النواب للتنافس على رئاسة الجمهورية، هو طعن في الدستور وليس خرقاً للدستور فحسب». وأضاف أنه «لا يوجد أي نص قانوني؛ لا سيما قانون 8 الخاص بالترشح لرئاسة الجمهورية، يمنح البرلمان صلاحية فتح أبواب الترشح لرئاسة الجمهورية في حال عدم انعقاد الجلسة المخصصة مطلقاً». وأوضح الدعمي أن «ما جرى هو مجرد ترضية من قبل البرلمان للحزب (الديمقراطي الكردستاني) الذي سيزج بمرشح إضافي لدعم موقف مرشحه الحالي هوشيار زيباري».
في السياق نفسه، أكد الخبير القانوني علي التميمي، بخصوص ما يثار بشأن خلو منصب رئيس الجمهورية، وإمكانية تسلم رئيس البرلمان المنصَّب لمدة شهر، أن الرئيس الحالي برهم صالح «يستمر في أداء مهامه وفق المادة (72/ ثانياً) من الدستور، وقرار المحكمة الاتحادية رقم 51 لسنة 2010، الذي أكد استمرار رئيس الجمهورية في مهامه، في حالة عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية». وأضاف التميمي في بيان: «لا يوجد شيء اسمه فراغ تشريعي، لوجود البرلمان والقضاء ومبدأ الفصل بين السلطات. الشيء الموجود هو شغور منصب رئيس الجمهورية، وهو يسمى فراغاً سياسياً وخلافات سياسية»، مبيناً أن «فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية من جديد يخالف المادة (72/ ثانياً) من الدستور، والمواد 2، و3، و4، و5 من قانون الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية؛ حيث إن السقوف والقيود الواردة فيها هي غير قابلة للكسر، إلا بقرار من المحكمة الاتحادية، أو تعديل القانون 8 لسنة 2012. والقاعدة القانونية تقول: (لا اجتهاد في مورد النص)، هذا القرار تطغى عليه الجوانب الإدارية أكثر من الدستورية والقانونية، وهو قابل للطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا».
وأشار إلى أنه «لكون المحكمة أجَّلت البت في دستورية أحد المرشحين (هوشيار زيباري) وبالتالي قرارها عطَّل جلسة يوم 7 فبراير (شباط)، وقرارها القادم سلباً أو إيجاباً بترشيح زيباري، هو الذي يتيح للمحكمة الاتحادية تحديد موعد التصويت على المرشحين المسجلين».
إلى ذلك، حذر زعيم ائتلاف «الوطنية»، وأول رئيس للوزراء في العراق بعد عام 2003، إياد علاوي، من إمكانية انزلاق الأوضاع إلى ما لا تحمد عقباه، في ظل ما تعانيه البلاد حالياً. وقال علاوي في بيان له أمس الثلاثاء، إن «التعنت وإعلاء المصالح الشخصية أوصل الأمور إلى طريق مسدود، وإن الارتهان لإرادات لا تهمها مصلحة العراق، ولا استقراره، هو السبب الرئيس لذلك». كما شدد على ضرورة وضع حدٍّ للتدخلات الإقليمية في الشأن العراقي، لافتاً إلى أن «استمرار تلك التدخلات سيدفع باتجاه تعقيد الأمور، وربما إيصال البلد إلى حافة الاقتتال الداخلي».
مشاركة المقال عبر