قدمت الغارة التي شنتها قوات العمليات الخاصة الأميركية في سوريا، والتي أسفرت عن مقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية، تذكيرا حيا بأنه بغض النظر عن مدى رغبة العالم في المضي قدما بعد هزيمة الدولة الإسلامية، فإن صدى فوضى التنظيم يتردد في العالم، بحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”، تضمن خمس ملاحظات تم رصدها بناء على العملية.
والخميس الماضي، أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، مقتل الزعيم الجديد للدولة الإسلامية أبو إبراهيم الهاشمي القرشي بعملية عسكرية للقوات الأميركية في شمال سوريا.
وفي بيان نشره البيت الأبيض قال بايدن: ” تمكنت القوات الأميركية الليلة الماضية وتحت توجيهاتي من تنفيذ عملية ناجحة لمكافحة الإرهاب في شمال سوريا لحماية الأميركيين وحلفائهم، وجعل العالم مكانا أكثر أمنا”.
الحرب ضد الإرهاب مستمرة
لقد أدت سنوات من العمل العسكري للولايات المتحدة وشركائها الدوليين بهدف القضاء على الإرهاب إلى خسائر فادحة، في البداية ضد القاعدة ثم ضد تنظيم الدولة الإسلامية، بحسب التقرير.
ولكن حتى مع مقتل عدد لا يحصى من المقاتلين والقضاء على القادة، تكيفت المجموعات الصغيرة في منظمات أكثر انتشارا.
واستيلاء طالبان على أفغانستان في أغسطس من العام الماضي، والذي سهله انسحاب الجيش الأميركي، أعاد تركيز الاهتمام الدولي على احتمال عودة الإرهابيين للبلاد كملاذ لهم، حيث يتواجد فرع للدولة الإسلامية هناك.
وفي العراق، قتل تنظيم الدولة الإسلامية مؤخرا 10 جنود وضابطا في موقع للجيش وقطع رأس ضابط شرطة أمام الكاميرا.
بدوره، قال ميك مولروي، مسؤول سابق كبير في البنتاغون: “الهجمات الأخيرة التي نفذتها الدولة الإسلامية تشير إلى أنه لم ينته من القتال”.
عمليات الكوماندوز نادرة
تم تحديد الجهود الأميركية لمكافحة الإرهاب في جميع أنحاء العالم في السنوات الأخيرة في الغالب من خلال الضربات الجوية وحرب الطائرات بدون طيار.
وكانت الغارة على القريشي بمثابة تذكير بأن الجيش الأميركي يحتفظ بالقدرة على تنفيذ عمليات كوماندوز مستهدفة، لكنها تنطوي على مخاطر.
وحملت العملية التي قام بها نحو عشرين من قوات العمليات الخاصة المحمولة على طائرات الهليكوبتر في شمال غرب سوريا التي تم التخطيط لها لعدة أشهر، وتم رصدها على شاشات الفيديو من غرفة العمليات في البيت الأبيض، أوجه تشابه مذهلة مع الغارات الأميركية التي قتلت أسامة بن لادن في باكستان عام 2011، وزعيم الدولة الإسلامية السابق، أبو بكر البغدادي، في نفس الجزء من سوريا عام 2019.
ولكن بسبب التخطيط المكثف والمخاطر التي تتعرض لها القوات، فإن مثل هذه الغارات تقتصر على الأهداف الأكثر أهمية.
وأكد المسؤولون الأميركيون أنهم حرصوا على تجنب وقوع إصابات بين المدنيين وإجلاء 10 أطفال من المبنى أثناء الغارة.
وأشار المسؤولون إلى أن هذا الانفجار كان على ما يبدو مسؤولا عن مقتل 13 شخصا على الأقل في العملية.
الفوضى في سوريا
احتفظ الرئيس السوري، بشار الأسد بالحكم على الرغم من الحرب الأهلية التي استمرت عقدا من الزمان، لكن البلاد في حالة من الفوضى، مع وجود جيوب في البلاد خارجة عن سيطرته وعصابات مخدرات غير مشروعة.
ويوجد فراغ أمني في شمال شرق سوريا، حيث وجد الجهاديون ملاذا من خلال الهروب من العمليات التي يقودها الكورد بدعم من الولايات المتحدة بالقرب من الحدود مع تركيا وفي الصحراء التي تمتد عبر الحدود مع العراق.
وقبل أيام من الغارة، دعمت القوات الأميركية قوات سوريا الديمقراطية في مدينة الحسكة حيث قاتلت لأكثر من أسبوع لطرد مقاتلي الدولة الإسلامية من سجن احتلوه. وأسفرت المعركة عن مقتل مئات الأشخاص وقدمت تذكيرا بقدرة الجماعة على زرع العنف الفوضوي.
انتصار لبايدن
بينما يواجه الرئيس الأميركي، جو بادين، روسيا بشأن حشدها العسكري على الحدود مع أوكرانيا ويواجه منافسة عميقة مع الصين، فضلا عن التحديات المحلية الداخلية، حقق الرئيس بايدن انتصارا سياسيا مع المهمة في سوريا، بحسب الصحيفة.
ولقد قضت إدارة بايدن على أحد أكثر القادة الإرهابيين المطلوبين في العالم دون خسائر في الأرواح الأميركية.
وقدمت مطاردة القريشي، الذي كان مسؤولو المخابرات يتتبعونه منذ العام الماضي، دليلا على أن الولايات المتحدة احتفظت بالقدرة على تعقب القادة الجهاديين في سوريا.
استمرار الدولة الإسلامية بدون زعيم
وعند ترأس القريشي للتنظيم، وضعت الولايات المتحدة مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار يمن يطيح به. إلا أنه بقي بعيدا عن الأضواء لتجنب القبض عليه، والذي قال المحللون إنه منعه من توسيع نطاق وصول الجماعة.
لكن المجموعة تطورت لدرجة أن موت رجل واحد لا يعني أنه لم يعد يمثل تهديدا.
وفي هذا الصدد، قال دانيال ميلتون، مدير الأبحاث في مركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت: “لا أعتقد أن أي شخص يجب أن يتوهم أن إبعاد القريشي عن التنظيم هو ضربة قاضية للدولة الإسلامية”.