أغلقت سلطات إقليم كوردستان يوم أمس معبر الوليد التجاري، بعد أن كانت أغلقت في وقت سابق معبر سيمالكا/فيش خابور. فلماذا أغلق المعبران وما هي تداعيات ذلك على الإقليم وشمال وشرق سوريا؟
ويوم أمس أعلنت الإدارة العامة للمعابر في شمال وشرق سوريا عن إغلاق سلطات إقليم كوردستان معبر الوليد التجاري الواصل بين شمال وشرق سوريا وإقليم كوردستان.
وجاء إغلاق هذا المعبر بعد أيام من إغلاق معبر سيمالكا الذي يقابله في طرف الإقليم معبر فيش خابور، حيث أغلق المعبر يوم 16 كانون الأول الجاري أمام حركة المسافرين والحالات الإنسانية.
لماذا يُستخدم المعبران؟
ويعتبر معبر سيمالكا/فيش خابور من أول المعابر التي تم افتتاحها بين مناطق شمال وشرق سوريا (كردستان الغربية) وإقليم كوردستان.
وافتتح المعبر عام 2013 بعد اجتماع هولير الذي عقد بين “مجلس شعب غربي كردستان” و “المجلس الوطني الكردي” برعاية السيد مسعود البرزاني.
وجاء القرار من أجل تخفيف تداعيات الأزمة السورية التي بدأت في ربيع عام 2011 والهجمات العسكرية التي كانت تتعرض لها المناطق الكوردية، وفرض الحصار على المنطقة من قبل الفصائل المعارضة والحكومة السورية على حد سواء.
وتركز عمل المعبر على الزيارات المدنية من كردستان الغربية إلى إقليم كوردستان، ومن أجل نقل الحالات الإنسانية والحالات المرضية في حالة الأمراض المزمنة، إلى جانب بعض المعاملات التجارية.
أما معبر الوليد فهو يبعد مسافة 35 كم عن معبر سيمالكا، وهذا المعبر افتتح بعد معبر سيمالكا وخصص للتبادل التجاري بين شمال وشرق سوريا وإقليم كوردستان، وكانت أغلب المواد الداخلة من المعبر ترتبط بعمليات إعادة الإعمار والبناء وخصوصاً الحديد والاسمنت، إلى جانب عمليات تجارية أخرى متعددة.
هل يستفيد إقليم كوردستان من المعبرين ؟
وكأي نقطة عبور، فأن معبري الوليد وسيمالكا يدران دخلاً إضافياً لإقليم كوردستان نتيجة رسوم الدخول والجمارك المفروضة على البضاعة الداخلة إلى جانب توفير فرص عمل في الإقليم سواء لسيارات الشحن والنقل أو توفير فرص عمل لمواطني الإقليم، فضلاً عن تنشيط الحركة التجارية داخل الإقليم، كونه يعيش في مناطق شمال وشرق سوريا حوالي 6 مليون نسمة يعتمدون على بعض السلع القادمة من هناك.
وعلاوة على ذلك يستفيد الإقليم من المعبرين في الحصول على المنتجات الزراعية والخضار والفاكهة وحيوانات التسمين “اللحم الأحمر” التي تعتبر أسعارها مرتفعة جداً في الإقليم ويعمل تجارها على شراءها من شمال وشرق سوريا وبيعها بالأسعار المعتمدة في الإقليم والذي يدر لهم دخلاً وأرباحاً إضافية.
والمعروف بأن هناك أحزاب سياسية في شمال وشرق سوريا تعود مرجعيتها إلى الإقليم وتكثر زيارات مسؤولي هذه الأحزاب إلى الإقليم، وذلك لتسيير أمورهم الحزبية والشخصية على حد سواء.
إغلاق المعبرين
وأغلق معبر سيمالكا كلياً يوم 16 كانون الأول الجاري، في حين أغلق معبر الوليد 19 كانون الأول الجاري.
وفي هذا السياق عقدت الإدارة العامة للمعابر في شمال شرق سوريا، مؤتمراً صحفياً في معبر سيمالكا الحدودي للحديث عن إغلاق المعبرين.
وقال أحد مسؤولي إدارة المعابر في شمال وشرق سوريا رودي محمد أمين، خلال المؤتمر الصحفي بأنه لم يتم إبلاغهم بإغلاق المعبرين وأسباب الإغلاق.
وبين محمد أمين أنه في الآونة الأخيرة وعلى وجه الخصوص خلال شهر آذار المنصرم شدد القائمون على معبر سيمالكا من إجراءاتهم وأصبحت مدة الانتظار أطول لدخول المعبر, وأن الكثير من الطلبات تُقابل بالرفض.
ونوه محمد أمين إلى أن أغلب الذين يسافرون إلى إقليم كوردستان هم كبار السن لتلقي العلاج وخاصة الأمراض المزمنة، وهؤلاء كانوا ينتظرون لأسابيع حتى الموافقة على دخولهم بعد إرسال استمارتهم من قبل إدارة معبر سيمالكا إلى فيش خابور”.
وقال محمد أمين: “إن قرار إغلاق المعبر جاء من إدارة معبر فيش خابور، لعدة أسباب تم التحضير لها، وأصبحت خيمة الاعتصام حجة لإغلاق المعبر”.
سبب الإغلاق
ورغم الحديث عن عدم معرفة أسباب إغلاق المعبرين، إلا أن الإغلاق جاء بعد تظاهرة لحركة الشبيبة الثورية في معبر سيمالكا يوم الـ 15 من كانون الأول الجاري، حيث انطلق الشبيبة “جوانن شورشكر” في مسيرة من مدينة القامشلي إلى المعبر استغرقت 3 أيام، وذلك للانضمام إلى أمهات مقاتلين من حزب العمال الكردستاني قتلوا على يد قوات البيشمركة في الإقليم قبل أكثر من شهرين والمعتصمات أمام المعبر للمطالبة بتسليم جثامين أبنائهم.
ولكن خلال تلك التظاهرة في المعبر حاول الشبيبة الوصول إلى الطرف الآخر من المعبر “فيش خابور” إلا أنه اندلعت مشاجرات بين الشبيبة وقوات الأمن في الإقليم استخدم فيها الطرفان الحجارة إلى جانب استخدام قوى الأمن في الإقليم قنابل الغاز المسيّل للدموع والمياه، ما أدى لإصابة حوالي 15 من الشبيبة في حين قالت قوى الأمن في الإقليم إن عدداً من عناصرها أصيبوا وتضررت سيارة.
هل حجة الإغلاق مقنعة؟
ونظراً لأهمية معبري الوليد وسيمالكا لطرفين هما كورديان، فأن إغلاق المعبر بسبب احتجاجات للشبيبة وصدامات بينهم وبين قوات الأمن في الإقليم هي حجة غير منطقية لا تراعي المصالح القومية الكوردية، لأن أغلاق معبر بين جزأين كورديين هو تكريس للتقسيم الذي يفرضه أعداء الكورد والاتفاقيات الدولية التي تستهدفهم وتستهدف وجودهم.
ويستغرب المتابعون من هذا القرار لأن تركيا تشن الهجمات بشكل مستمر على إقليم كوردستان، ولكن لم يتم يوماً إغلاق المعابر من قبل إدارة الإقليم، فكيف تلجأ إدارة الإقليم لإغلاق معابر مع جزء كوردي.
ويرى المراقبون أن منطقة شمال وشرق سوريا تخضع للحصار من قبل الحكومة السورية وتركيا والفصائل الموالية لها والآن من قبل إقليم كوردستان، فهل هذا يعني سياسة مشتركة من قبل الجميع لإركاع المنطقة عبر التجويع. ومتى كان طرف كوردي يستخدم هذه السياسة لتركيع أخاه الكوردي.
فإلى متى ستبقى الأطراف الكوردية تعادي بعضها البعض وتستقوي على بعضها البعض، ألم يحن الوقت بعد لإزالة هذه الخلافات الحزبية والالتفات إلى المصلحة الكوردية الكبرى، أم سيبقى الكورد يدفعون ثمن أخطاء سياسية يرتكبها قادتهم في وقت لا ينفع فيه الندم؟
مشاركة المقال عبر