مع استمرار تدهور قيمة الليرة التركية، ترتفع أسعار المحروقات والمواد والسلع خصوصاً الغذائية منها في مناطق سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها، ما دفع العديد من أرباب العمل إلى إيقاف العمل أو تقليل الانتاج، في وقت يبقى فيه راتب العامل ثابتاً، ما يزيد الأعباء عليهم.
قبل عام ونصف، فرضت تركيا والفصائل الموالية لها، على المدنيين الخاضعين لسيطرتهم تداول العملة التركية بدلاً من العملة الوطنية السورية. وهذا ما يجعل أسواق تلك المناطق (إدلب، إعزاز، الباب، جرابلس وغيرها من المناطق الخاضعة للسيطرة التركية) تتأثر بشكل مباشر بأداء العملة التركية.
وفقدت الليرة التركية حوالي 60 % من قيمتها خلال هذا العام، وأصبح التداول بها بحدود 12 ليرة للدولار الواحد. هذا الانخفاض الشديد في قيمة الليرة التركية ألقى بظلاله بشكل مباشر على المناطق السورية التي فُرض عليها استخدام الليرة التركية.
ومع هذا الانخفاض في قيمة الليرة التركية، لجأ أصحاب المهن والمحال التجارية إلى إغلاق محالهم وورشاتهم الصناعية، نتيجة الخسائر المادية التي تعرضوا لها. كما بدأ عدد كبير من الصناعيين والتجاريين بتقليص كميات الإنتاج إلى أقل من النصف لمختلف السلع التجارية (الصناعية والغذائية)، بسبب الخسائر التي لحقت بهم وكساد كميات كبيرة من الإنتاج لديهم.
وهذا الانخفاض في سعر الليرة التركية والتوقف عن الانتاج ألقى بظلاله على أسعار السلع التي ارتفعت بنحو 40 % تقريباً، حيث ارتفع سعر علبة السمنة سعة 2 كغ من 35 ليرة تركية إلى 55 ليرة، وكيلو الزيت النباتي من 15 ليرة تركية إلى 22 ليرة، بينما عبوة القهوة 200 غرام من 18 ليرة تركية إلى 24 ليرة، والسكر من 7 ليرات إلى 11 ليرة تركية ومثله الأرز.
وترافق ذلك مع ارتفاع أسعار المواد البترولية في شركة (وتد) التابعة لهيئة تحرير الشام، والذي أسهم أيضاً برفع أسعار المواد التجارية والاستهلاكية، حيث ارتفع سعر ليتر البنزين من 9.14 ليرة تركية إلى 11.32 ليرة، وسعر ليتر المازوت (الديزل) من 8.50 إلى 10 10.45 ليرة، الأمر الذي أثر على أجور النقل والإنتاج وأسهم بارتفاع أسعار السلع التجارية والغذائية (المحلية والمستوردة) في الأسواق.
وبالمقابل من هذا الارتفاع الكبير، بقيت أجور العمال على حالها، فالموظف في القطاع الخاص يتقاضى ما قدره 700 – 800 ليرة تركية، وهي الآن تساوي حوالي (58 – 66 دولار فقط). في حين كان عامل المياومة يتقاضى يومياً 30 ليرة تركية أي بحدود 2.5 دولار ولكن الوضع اختلف مع توقف العمل أو انخفاض الانتاج في المعامل الذي أدى إلى توقف عدد كبير من العمال عن العمل.
ويعاني السوريون في تلك المناطق من أزمات مركبة، فمن جهة تفرض الفصائل إتاوات على المواطنين وتتحكم بالتجارة، ومن ناحية أخرى يفرضون عليهم التعامل بالليرة التركية التي تضاعف من معاناتهم، ومن جهة أخرى فهم نازحون يقطنون الخيم ولا تتوفر فرص عمل في المنطقة التي يتكدس فيها. وهذا ما يفاقم المشاكل والأزمات في تلك المناطق ويفتح الباب أمام أوضاع أكثر صعوبة ويجعل من مستقبلهم أكثر قتامة.