دفن شاب سوري من مدينة حمص في قرية بولندية صغيرة بعدما مات برداً في الأحراش المتجمدة، حيث يعيش المهاجرون ومن ضمنهم آلاف الكورد من إقليم كوردستان، أوضاعاً مأساوية على الحدود البيلاروسية البولندية.
ودفن الشاب المهاجر من مدينة حمص السورية، أحمد الحسن (19 عاما)، يوم الاثنين، في بلدة بوهونيكي البولندية الحدودية الصغيرة، بعد أن وجدته السلطات جثة هامدة، في الأحراش المتجمدة في أواخر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعد تسلله من بيلاروسيا المجاورة، بحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”.
ويوجد آلاف المهاجرين من الشرق الأوسط غالبيتهم من إقليم كوردستان وسوريا، عالقين وسط الأحراش في طقس قارس البرودة على الحدود بين بيلاروسيا وبين بولندا وليتوانيا، العضوين في الاتحاد الأوروبي، واللتين ترفضان دخول المهاجرين إلى أراضيهما.
وعثر على جثة الحسن، طافية في نهر بأواخر أكتوبر الماضي، قرب بوهونيكي، الموطن التاريخي لأقلية التتار المسلمة في بولندا، حيث يوجد مسجد، وإمام تمكن من إجراء مراسم الجنازة، ودفنه وفقا للتعاليم الإسلامية.
وكانت الصحيفة، شاهدة على العثور على شقيقين سوريين آخرين من مدينة حمص، ليوس (41 عاما)، وخضر (39 عاما)، من قبل عمال الإغاثة في وقت متأخر من يوم الأحد، في الغابة المتاخمة للحدود البولندية البيلاروسية، متجمدين بعد أن تقطعت بهما السبل لعدة أيام.
وقالت الصحيفة “وجوههما كانت نصف مجمدة وشفاههم زرقاء من البرد، كانوا بالكاد قادرين على النطق بكلمة واحدة لعمال الإغاثة الذين عثروا عليهم”.
وقالت إحدى الناشطات في مؤسسة خيرية بولندية تساعد المهاجرين منذ سبتمبر للصحيفة: “لقد كانوا في الغابة لمدة أربعة أيام على الأقل. أخبرونا فقط بأسمائهم، ولا نعرف أي شيء آخر”.
وبينما كان النشطاء على الحدود يتلقون العديد من رسائل المهاجرين اليائسين خلال الشهرين الماضيين، إلا أن هواتفهم ظلت صامتة منذ الأسبوع الماضي، ما يدل على انتشار كبير لقوات البولندية التي شددت القيود على الحدود، حيث تعيد إلى بيلاروسيا كل من تتمكن من القبض عليه خلال محاولات العبور إلى أراضيها.
وعبر الهاتف، قال سائق شاحنات سابق من الجنسية العراقية عالق مع زوجته وأولاده الثلاثة وبينهم رضيع وطفل يبلغ ثمانية أعوام مبتور الأطراف لوكالة فرانس برس: “أريد الذهاب إلى أي بلد. نحن جميعا متعبون وعلى آخر رمق”.
وتزامنت مراسم دفن الحسن في بوهونيكي، كانت القوات البيلاروسية لا تزال تحشد مجموعات كبيرة من المهاجرين وتشجعهم على شق طريقهم عبر الحدود البولندية، على بعد 15 دقيقة بالسيارة إلى الشمال الشرقي، رغم التطمينات التي قدّمتها مينسك بشأن إعادة المهاجرين الموجودين في خيم عند الحدود البولندية “إلى بلادهم”.
وقضى ما لا يقل عن عشرة مهاجرين نحبهم بالفعل، وثمة مخاوف بشأن سلامة الباقين في الطقس الشتوي.
وعبر مكبرات الصوت عمد حرس الحدود البولنديون إلى تحذير مئات المهاجرين المحتشدين عند معبر بروسغي البيلاروسي المقابل لبلدة كوزنيتسا البولندية “انتبهوا! العبور غير الشرعي للحدود ممنوع. قد تتعرضون لملاحقات جزائية”.
وبعدما علقوا عند الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، يتهيّأ مهاجرون يتراوح عددهم بين ألفين وثلاثة آلاف شخص، غالبيتهم من إقليم كوردستان العراق وبينهم أطفال كثر، لقضاء ليل الاثنين في خيم في أجواء جليدية.
وجاء المهاجرون إلى بلاروسيا من بلدان مختلفة، ونقلت وكالة الأنباء البيلاروسية (بيلتا) عن مهاجر قوله إنهم كورد، وأن حوالي 1500 شخص موجودون في المنطقة التي لا تبعد كثيراً عن معبر بروزجي الحدودي.
وسبق لوكالة رويترز أن سلّطت الضوء في تقرير لها على المهاجرين من إقليم كوردستان ونقلت عن أحد المهربين في بلدة شيلادزي، أن العشرات من سكان هذه البلدة يتم تهريبهم إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر روسيا البيضاء “بيلاروسيا”.
وقال أحد المهربين الكورد في إقليم كوردستان أنه رتب رحلة لحوالي 200 مهاجر يرغبون في مغادرة بلدة شيلادزي والمنطقة المحيطة، أولاً بالطائرة بشكل قانوني إلى مينسك عاصمة روسيا البيضاء ثم براً بشكل غير قانوني إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن عمله بدأ في أواخر ربيع هذا العام عندما ارتفع عدد المهاجرين الذين يحاولون دخول الاتحاد الأوروبي من روسيا البيضاء.
وقال المهرب من شيلادزي لوكالة رويترز أن شريكه في أوروبا رجل التقى به في تركيا المجاورة. وقال إنه “هرّب حوالي 200 شخص إلى أوروبا في الأشهر الخمسة الماضية”، على الرغم من أنه من غير المعروف ما إذا كانوا جميعاً وصلوا إلى أراضي الاتحاد الأوروبي.
وقال أنه يعرف ما لا يقل عن ثلاثة مهربين آخرين يعملون في منطقته.
ولم يتمكن المسؤولون المحليون من توفير أرقام محددة لعدد المهاجرين. وقال صحفي من إقليم كوردستان للوكالة أن العدد ربما يصل إلى 400 من شيلادزي وبلدات أخرى في المنطقة منذ ربيع هذا العام، وأن الأعداد آخذة في الازدياد.
وقال عبد الله عمر، وهو حلاق يبلغ من العمر 38 عاماً، “لقد رحل العديد من أقاربي وأصدقائي عبر هذا الطريق. ويريد كثيرون آخرون أن يفعلوا الشيء نفسه”. وأضاف “باع الناس منازلهم أو سياراتهم لتحمل تكاليف الرحلة”.
وبلدة شيلادزي في إقليم كوردستان، يبلغ عدد سكانها حوالي 40 ألف نسمة، وهي إحدى نقاط الانطلاق الرئيسية، وفقاً للمهربين وسكان المنطقة. وسبب الهجرة من الإقليم بحسب التقرير هو سوء الوضع الاقتصادي وقلة الوظائف وتدني الأجور
مشاركة المقال عبر