بدأ الزعيم الشيعي مقتدى الصدر عقد سلسلة لقاءات في العاصمة العراقية بغداد مع قيادات شيعية وسنية، في سياق مساعيه لتشكيل تحالف نيابي يؤهله لتأليف حكومة “أغلبية وطنية”.
والتقى الصدر على مدى يومي الخميس والجمعة رئيس البرلمان السابق وزعيم كتلة “تقدم” (السني) محمد الحلبوسي، ورئيس تيار “الحكمة” (الشيعي) عمار الحكيم. واجتمع وفد من الهيئة السياسية للتيار الصدري الجمعة بممثلين عن الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة وزير الخارجية العراقي الأسبق هوشيار زيباري.
وجرت لقاءات تمهيدية بين الأطراف الأربعة خلال الفترة الماضية بحسب تقرير لصحيفة العرب. وتقول أوساط سياسية إن الصدر يسعى جاهداً لتشكيل تحالف مع هذا الثلاثي، والذي سيعني في حال تحقق سحب البساط كلياً من الفصائل الموالية لإيران.
وتشير الأوساط إلى أنه لا يمكن الجزم بما يمكن أن تصل إليه المفاوضات التي يقوم بها مقتدى الصدر، حيث إن الوضع دقيق جداً، ولا تريد قوى مثل الحزب الديمقراطي وكتلة تقدم أن تكون جزءا من الصراع الدائر داخل البيت الشيعي.
وترى الأوساط أن الأحداث الأمنية التي شهدتها العاصمة بغداد الجمعة بين أنصار الفصائل الموالية لإيران والقوى الأمنية، من شأنها أن تلقي بظلالها على مواقف تلك القوى وتدفعها إلى التريث في السير في أي تحالف، خشية أن تكتوي بنار أي انفجار للوضع قد يحدث.
وقال عمار الحكيم في تغريدة عبر حسابه على تويتر الجمعة “بحثنا خلال استقبالنا مقتدى الصدر مستجدات الأوضاع في العراق، ونتائج الانتخابات الأخيرة، واستحقاقات المرحلة القادمة”، فيما ذكر مكتب الحلبوسي مساء الخميس أن لقاء جرى بين الصدر والحلبوسي، دون الحديث عن تفاصيل بشأنه.
وبحسب بيان للتيار الصدري، فقد دعا رئيس وفد الكتلة حسن العذاري، خلال اجتماعه مع وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني، إلى أن تكون الحكومة العراقية المقبلة بعيدة عن أي تدخل خارجي. وأكد العذاري على أهمية المرحلة المقبلة بالنسبة للمواطن العراقي كونها مرحلة بناء وخدمات، مما سينعكس إيجابا على الوضع الأمني في البلاد.
وصرح هوشيار زيباري بـ”أن التيار الصدري من التيارات العقائدية النضالية وسيكون لهم دور مهم في هذه المرحلة”، دون إعطاء تفاصيل عن فحوى اللقاء.
ونقل مصدر مقرب من رئيس فريق التفاوض في الحزب الديمقراطي الكردستاني قوله “ان الكتلة الكوردية تتفاوض مع القوى الشيعية بحيل صدر”. وقال المصدر ان زيباري تحاور مع قادة الأحزاب الشيعية ممثلا عن كتلة كوردية فائزة في الانتخابات وقادرة على التأثير في تشكيل الحكومة الجديدة.
ويرى مراقبون أن نجاح الصدر في تشكيل تحالف نيابي مع كتلة تقدم والحزب الديمقراطي الكردستاني وتيار الحكومة، يبقى وارداً، لكن الأمر متعلق أيضا بتأثيرات القوى الخارجية في علاقة أساساً بالولايات المتحدة وإيران.
وسبق وأن هددت إيران كلا من الحزب الديمقراطي الكردستاني وكتلة تقدم من مغبة التحالف مع الصدر، واستثناء القوى الموالية لها، وفي المقابل تبدو الولايات المتحدة منكفئة على ذاتها.
وحصلت كتلة “تقدم” بزعامة الحلبوسي على 38 مقعداً، وحصد الحزب الديمقراطي الكردستاني 33 مقعداً، فيما حصلت كتلة “الحكمة الوطني” بزعامة الحكيم على مقعد واحد فقط من أصل 329 مقعدا.
وفي حال نجح التيار الصدري الذي تصدر نتائج الانتخابات التشريعية بواقع 73 مقعداً، في إقناع هذه القوى وعدد من المستقلين بالانضمام إليه ستكون له الأغلبية التي تؤهله لتشكيل الحكومة المقبلة.
وقال القيادي في تيار الحكمة بليغ أبوكلل في تصريحات سابقة إنه “يستبعد إمكانية تشكيل حكومة أغلبية وطنية، وفق المعادلة التي أنتجتها الانتخابات، إلا إذا تمكن التيار الصدري، أو قوى الإطار التنسيقي من تشكيل أغلبية وطنية بعد طمأنة الشركاء بأن لا يكون هناك إقصاء لهم”.
ورجح أبوكلل “عدم مشاركة التيار في الحكومة المقبلة، لكن حتى الآن ليس هناك قرار نهائي في المكتب السياسي، غير أن قرار عدم المشاركة قريب إلى الحسم”.
ويسعى الصدر إلى تشكيل حكومة “أغلبية وطنية”، وهو ما يتعارض ورغبة القوى الموالية لإيران التي تضغط باتجاه تشكيل حكومة توافقية لتدارك الخسارة الانتخابية، والبقاء ضمن معادلة السلطة في العراق.
وواجهت النتائج الأولية للانتخابات اعتراضات واسعة من قوى وفصائل شيعية متنفذة، إثر خسارتها الكثير من مقاعدها البرلمانية، إذ يقول المعترضون إن النتائج “مفبركة” و”مزورة”، ويطالبون بإعادة فرز جميع الأصوات يدويا.
ويرى متابعون أن الصدر يبدو مصراً على موقفه لجهة تشكيل حكومة أغلبية، وإظهار التزامه بتعهدات قطعها لناخبيه بالقطع مع سياسة المحاصصة التي كان لسنوات طويلة جزءا منها.
وأجريت انتخابات العاشر من أكتوبر الماضي مبكراً عن موعدها بضعة أشهر، في استجابة للاحتجاجات الجماهيرية في 2019 التي أطاحت بالحكومة وكشفت عن حالة من الغضب واسع النطاق ضد نظام المحاصصة الطائفية والحزبية.