أكد الاتحاد الوطني الكردستاني، رسمياً، أمس، على لسان المتحدث باسمه، أمين بابا شيخ، تقارير أفادت بتعرض ملا بختيار، القيادي في الاتحاد، للتسمم، وأنه يتلقى العلاج في أحد مستشفيات ألمانيا، لافتاً إلى أن تحقيقاً سيبدأ بالموضوع حال انتهاء الفحوصات الطبية، وأن حالته الصحية غير مستقرة، فيما أعلن مقرب من القيادي أنه يتلقى العلاج، وحالته مستقرة، وأنه أرسل نتائج الفحوصات التي أثبتت تعرضه للتسمم إلى مجلس قيادة الاتحاد لفتح تحقيق بالموضوع.
ويأتي ذلك في ظل ظاهرة تعرض عدد من قياديين من الاتحاد الوطني الكردستاني للتسمم بعد الخلافات الداخلية التي عصفت بالحزب في يوليو (تموز) الماضي، على خلفية الخلاف بين الرئيسين المشتركين للاتحاد؛ بافل طالباني (نجل الرئيس الراحل جلال طالباني) الذي أعلن تعرضه للتسمم على يد ابن عمه وشريكه في قيادة الحزب لاهور شيخ جنكي. وأكد طالباني، في تصريحات رسمية، تعرضه للتسمم، وأن لديه الأدلة التي سيعلنها في المستقبل.
أمين بابا شيخ، المتحدث الإعلامي باسم الاتحاد الوطني الكردستاني، قال في تصريح نشر بالموقع الرسمي للاتحاد الوطني الكردستاني إن «عضو المجلس السياسي الأعلى للحزب ملا بختيار يمر بحالة صحية غير مستقرة، إثر تناوله مادة سامة قاتلة، وإنه يخضع لفحوصات طبية، ويتلقى العلاج في أحد مستشفيات ألمانيا»، مبيناً أن «التحقيقات ستبدأ فور انتهاء الفحوصات الطبية لبيان ما إذا كان التسمم نتج عن حالة اعتيادية أم كان بدافع الاغتيال».
بابا شيخ أكد التزام الاتحاد بنتائج التحقيقات القانونية، مستبعداً حدوث أي مواجهات مسلحة بين قيادة الاتحاد، قائلاً إن ما «يتم تناقله من احتمالية مواجهات مسلحة بين قيادات الاتحاد غير صحيح؛ نحن نعيش في بلد يحكمه القانون، وجميعنا ملتزم بسيادة القانون، وما سيحكم بموجبه».
ومن جهته، أكد مدير شبكة «جاودير» الإعلامية، هادي سامي، المقرب من القيادي ملا بختيار، لصحيفة «الشرق الأوسط» إن ملا بختيار «نقل إلى مستشفى متخصص في ألمانيا في 20 أكتوبر (تشرين الأول) إثر ظهور أعراض التسمم عليه، وإنه تلقى 50 في المائة من العلاج، وحالته الصحية باتت مستقرة، ومن المحتمل عودته للوطن بعد إنهاء العلاج خلال عشرة أيام»، مبيناً أن «فحوصات طبية متخصصة دقيقة أجريت للقيادي بختيار في مستشفى متخصص في العاصمة الأردنية عمان، وأخرى في برلين، وجميع النتائج أكدت تسميمه بمادة سمية يطلق عليها (جيو)، ما يثبت أنها محاولة اغتيال، وليست حالة تسمم عادية»، مضيفاً أن «نتائج الفحوصات الطبية وملابسات حالة التسمم أرسلت إلى الرئيس المشترك للاتحاد ومجلس القيادة لفتح تحقيق بالموضوع».
سامي أضاف أن «القيادي ملا بختيار لم يتهم أي جهة محددة بالوقوف وراء حالة التسميم التي تعرض لها حتى الآن، إنما طالب قيادة الاتحاد بفتح تحقيق بذلك، ومن ثم سيقوم بتقديم شكوى قانونية أمام المحاكم في كردستان، وسيقدم للرأي العام كل ملابسات الحادثة بالأدلة».
ولم تقتصر حالة تسميم قيادات الاتحاد على ملا بختيار، حيث كان مصدر مقرب من القيادي ومدير أمن السليمانية السابق حسن نوري قد قال في تصريحات إعلامية إن «القيادي حسن نوري، المعروف بـ(وسطا حسن)، ظهرت عليه أعراض التسمم، وتم نقله إلى مستشفى متخصص في ألمانيا بداية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، حيث تلقى العلاج فيها، واستقرت حالته الصحية، وعاد إلى الوطن».
وعن حالات التسميم التي يتعرض لها قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني، قال الكاتب المحلل السياسي سامان نوح لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الموضوع مطروح منذ أشهر، فهناك مسؤولون في الاتحاد الوطني يتهمون مقربين من الرئيس المشترك للاتحاد لاهور شيخ جنكي بالتورط في محاولات قتلهم عبر استخدام سم قاتل، ويقولون إن لديهم أدلة على ذلك، وهو ما ذكره بافل طالباني بوضوح قبل أكثر من شهر، وأكد أنه سيقدم قريباً أدلة على ذلك، لكن لم يحصل تطور جدي في الملف».
نوح أوضح أن «حل هذه المشكلة يكون بطريقين: الأولى أن يقدم الحزب الأدلة وأسماء المتورطين إلى القضاء لينظر فيها، والثانية أن يعالج الموضوع حزبياً داخل المكتب السياسي والهيئة القيادية وعبر لجنة تحقيق». وتابع نوح أنه «على الرغم من الاتهامات التي تعددت في الأيام الأخيرة، لم يحدث تحرك جدي نحو القضاء لحسم الأمور قانونياً، وكذلك لم يحدث أي تحرك جديد داخل الحزب لاحتواء الموضوع»، مبيناً أن «هذا الموضوع له تداعيات على وضع الاتحاد داخلياً، وحتى على وضع الإقليم. ففي حال استمرار إيراد الاتهامات دون حسم للأمور عبر تحرك باتجاه القضاء أو عبر لجنة تحقيقية في قيادة الاتحاد، فإن ذلك لن يخرج عن دائرة صراع الأجنحة على السلطة داخل الاتحاد الوطني، ولكل جناح جمهوره ومؤيدوه، وهذا الأمر يهدد مستقبل الاتحاد الوطني بصفته قوة فاعلة في الإقليم، وينعكس سلباً على الوضع الأمني والسياسي في السليمانية بشكل خاص».
جدير بالذكر إن مراقبين ومحللين يرجعون تراجع عدد مقاعد الاتحاد الوطني الكردستاني في البرلمان العراقي بالانتخابات الأخيرة إلى هذا الصراع غير المحسوم، نتيجة غضب جمهور الاتحاد من الصراعات في رأس قيادته، وعدم ثقة الجمهور المحايد بقدرة هذه القيادة على إبقاء الحزب متماسكاً قوياً، ما يجعله ينحدر سريعاً، وهو ما قد يخلق فراغاً أمنياً خطراً لا يمكن ملؤه من قبل أي قوة سياسية أخرى.
وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بمحافظة السليمانية، معقل الاتحاد الوطني، قد انحدرت إلى 28 في المائة، وهي النسبة الأقل المسجلة في العراق بعد بغداد، ما يعكس حجم عدم الرضا من الاتحاد الوطني، ومن كل القوى السياسية في الإقليم.