كثّفت روسيا في الآونة الأخيرة رسائلها العسكرية إلى تركيا عبر قصفها عدة مناطق تقع تحت النفوذ التركي، من خلال استهداف طائراتها الحربية مدينة مارع لعدة مرات في غضون أيامٍ قليلة قبل نحو أسبوعين لتسبقها ثلاث غارات روسية استهدفت محيط القاعدة العسكرية التركية في منطقة التويس بمحيط مارع في ريف حلب الشمالي، علاوة على قصف قرية براد بمنطقة عفرين وسرمدا وأريحا والقاح، فالاعتماد التركي على المساومات والمقايضات بينها وبين روسيا على الساحة السورية منذ سنوات عبر استبدال منطقة بمنطقة أخرى بات جلياً أنه لم يبقَ لهذه السياسة مكاناً في التطورات الحاصلة اليوم، فروسيا التي استطاعت انتزاع المدينة الصناعية “حلب” عبر صفقة مقايضة من غير الممكن أن تسمح أو أن تقايض مجدداً هذه المنطقة أو غيرها أو حتى بوابة حلب مثل منطقة تل رفعت مع تركيا، فالهدف الأساسي لروسيا هو استعادة سيطرة قوات الحكومة السورية على المناطق الخاضعة للنفوذ التركي بشكلٍ تدريجي.
يتجلى للجميع أن تركيا تعيش أزمة حقيقية ومأزقاً كبيراً فالأنظار الروسية اليوم تتجه إلى مدينة الباب ومارع وادلب، فمدينة الباب هي محط اهتمام لقوات الحكومة السورية وحليفته روسيا بسبب موقعها على الطريق إم4 ووقوعها في منتصف الطريق الذي يصل مدينة حلب بمدينة منبج أكبر مدن ريف محافظة حلب، وعوامل وميزات استراتيجية أخرى تتمتع بها الباب، والتي تعزز فرضية اهتمام روسيا وقوات الحكومة السورية بالمدينة.
في حين تسعى روسيا وقوات الحكومة السورية لتأمين الطريق إم4 جنوبي ادلب بهدف إعادة تشغيل طريق حلب – اللاذقية وتنشيط الحركة التجارية، والذي سيضمن أيضاَ السيطرة على كامل منطقة جبل الزاوية ومدن كبيرة كأريحا وجسر الشغور، وربما تمتد السيطرة إلى جبال اللاذقية التي تشكل هاجساً لقوات الحكومة السورية وروسيا باعتبارها المنطقة الأكثر تحصيناً بالنسبة للمعارضة، كما أنها تهدد القواعد الروسية في اللاذقية.