تتجه وزارة الدفاع الروسية لحل “اللواء الثامن” في جنوب سورية، التابع لـ”الفيلق الخامس المدعوم من قبل هذه الوزارة، التي كانت فرضت “خريطة حل” على بلدات ومدن محافظة درعا بجنوب سورية، تتضمن تسويات أمنية هدفها إنهاء أي مظاهر مسلحة لا تتبع لقوات الحكومة السورية وأجهزتها الأمنية.
ونقل “تجمع أحرار حوران” الذي يضم مجموعة من الصحافيين والناشطين الإعلاميين في جنوب سورية، عمن قال إنه قيادي في “الواء الثامن” قوله إن هذا اللواء “في طريقه للتفكك”، مضيفاً: “جميع المؤشرات الحالية في المنطقة الشرقية من محافظة درعا، تدل على حلّه خلال المرحلة المقبلة، خاصة بعد وصول التسويات إلى مناطق نفوذه، والتي شملت مجموعات تابعة له في بلدات عدة”.
وأشار القيادي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه إلى أنّ الحكومة السورية “ترفض وجود تكتل اللواء الثامن، وتعتبره عثرة كبيرة أمام تنفيذ مشاريعها في المحافظة”، مؤكداً أن “النظام طلب من حليفه الروسي إنهاء ملف اللواء، لأنه يرفض التكتلات العسكرية خارج ملاكه”. وتحدث المصدر عن “إمكانية تحويل تبعية اللواء إلى ملاك شعبة المخابرات العسكرية أو دمجه في قوات الحكومة”، مشيراً إلى أن “جميع ملفات عناصره تحولت إلى شعبة المخابرات”. ولفت المتحدث نفسه إلى أن “الأمور ما زالت غير واضحة بشكل كامل”.
وفي السياق، أوضح الناشط الإعلامي يوسف معربة، في حديث مع “العربي الجديد”، أن الجانب الروسي “اجتمع (أول من أمس) الإثنين مع القيادي الثاني في اللواء علي باش”، مشيراً إلى أن “الروس طالبوا بتسليم المجموعات التابعة للواء في بلدات صيدا والنعيمة وكحيل بريف درعا الشرقي، سلاحها لقيادة اللواء في بلدة بصرى الشام”. ولفت إلى أن “تسليم السلاح يشمل المجموعات المحلية التي تعمل لصالح فرع الأمن العسكري (جهاز أمني تابع لقوات الحكومة) في البلدات المذكورة”.
وأكد معربة أن قائد اللواء الثامن أحمد العودة “خرج بشكل سري من معبر نصيب باتجاه الأردن في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي”، مشيراً إلى أن “بلدات عدة في ريف درعا الشرقي دخلت التسوية مع الحكومة، وهي: صيدا، النعيمة، كحيل، وقريتان على الشريط الحدودي مع الأردن هما ندى والعمان”. ولفت معربة إلى أنه “خلال الأيام القليلة المقبلة ستدخل بلدات في التسوية منها الجيزة والمتاعية”.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد شكّلت هذا اللواء الذي يقوده القيادي السابق في فصائل المعارضة السورية أحمد العودة، في منتصف عام 2018، من عناصر كانوا في فصائل المعارضة وأجروا تسويات مع الحكومة السورية في ذلك العام، الذي شهد انتهاء المواجهات العسكرية في عموم الجنوب السوري بضغط روسي وإقليمي، حيث اضطرت فصائل المعارضة لتسليم سلاحها الثقيل. ويتمركز اللواء الثامن في بصرى الشام كبرى بلدات ريف درعا الشرقي الذي يعد نطاق نفوذ هذا اللواء الذي يتلقى توجيهاته من وزارة الدفاع الروسية. لذا، لم يتحرك لنجدة منطقة درعا البلد بمدينة درعا في أغسطس/ آب الماضي، حين حاولت مجموعات تابعة للحكومة السورية اقتحامها بعد حصار لمدة ثلاثة أشهر. ووفق مصادر مطلعة، يبلغ قوام اللواء الثامن نحو 1800 عنصر لديهم أسلحة خفيفة ومتوسطة.
وتعليقاً على الأنباء التي تؤكد نية الروس تفكيك هذا اللواء، قال اللواء محمد الحاج علي (من أبناء محافظة درعا)، والذي كان انشق عن قوات الحكومة السورية، في حديث مع “العربي الجديد”: “كل الفرق تنتهي مهماتها عند انتهاء الغرض الذي وُجدت من أجله”.
ويضم ريف درعا الشرقي العديد من البلدات، أبرزها: صيدا، نصيب، الجيزة، المسيفرة، السهوة، الحراك، الكرك الشرقي، غصم، المليحة الغربية، المليحة الشرقية، الغارية الغربية، الغارية الشرقية، بصرى الشام، المتاعية، الطيبة، مليحة العطش، علما، معربه، أم ولد، أم المياذن، طيسيا، ومنطقة اللجاة إضافة لمناطق أخرى أيضاً. وبدأت قوات الحكومة السورية إجراء تسويات في ريف درعا الشرقي بعد انتهائها من ريفي درعا الغربي والشمالي، إذ دخلت السبت الماضي بلدة نصيب الحدودية مع الأردن، التسويات لتكون أول بلدة تخضع للتسوية في ريف محافظة درعا الشرقي.
وينصّ اتفاق التسوية على تسليم قطع السلاح، وإجراء تسويات للمطلوبين والمنشقين والمتخلفين عن التجنيد الإلزامي، وإجراء عمليات تفتيش شكلية في بعض المنازل، بحضور الشرطة الروسية. وكانت موسكو قد فرضت مطلع الشهر الماضي “خريطة حل” على الحكومة السورية واللجنة المركزية التي تمثل الأهالي في محافظة درعا، لإنهاء كل المظاهر المسلحة، وفك الحصار الذي تفرضه قوات الحكومة على البلدات والمناطق الخارجة عن سيطرتها، وفتح الطرق بين هذه البلدات لعودة الحياة إلى طبيعتها. وكانت البداية من منطقة درعا البلد، ثمّ انتقلت التسويات سريعاً إلى بلدات الريفين الغربي والشمالي وصولاً إلى الريف الشرقي، وذلك من دون معوقات أو مشاكل.