عززت تركيا وباكستان آفاقَ تعاونهما الثقافي، وأعلنت شركتان لإنتاج أفلام ومسلسلات أنهما بصدد إنجاز عمل درامي ضخم يتناول قصة السلطان صلاح الدين الأيوبي مؤسس الدولة الأيوبية والقائد العسكري الذي تمكّن من هَزْمِ مملكة الصليبيين في القدس والتصدي للحملة الصليبية الثالثة التي أعقبت ذلك.
وذكر بيان من شركتي “أكلي” التركية و”أنصاري شاه” الباكستانية أن الشركتين اتفقتا على إنتاج ثلاثة أجزاء من مسلسل تاريخي يصور حياة صلاح الدين الأيوبي، وأن التصوير سيتم في تركيا، بحسب تقرير لصحيفة العرب.
ونقل البيان عن المنتج التركي إمره كونوك، صاحب شركة “أكلي”، قوله إن المسلسل التلفزيوني سيضم ممثلين من تركيا وباكستان، وإن المشروع “يعد مكسبا كبيرا لتركيا في المجالين الثقافي والاقتصادي”.
ويواجه المسلسل إشكالية كبرى، تتمثل في كيفية تقديم شخصية صلاح الدين، القائد الكردي المولود في العراق، والذي أنهى سلطة الدولة الزنكية التركية التي حكمت أجزاء واسعة من العراق وسوريا ومصر بعد وفاة السلطان نورالدين زنكي؛ وذلك نظرا للحساسية التركية حيال كل ما له علاقة بالأكراد.
ولن يكون الأصل الكردي لصلاح الدين آخر مشاكل المسلسل المتوقعة؛ فصلاح الدين أسقط الدولة الفاطمية الشيعية التي حكمت من القاهرة أجزاء واسعة من الشرق الأوسط حوالي قرنين من الزمان، بعد أن توفي الخليفة الفاطمي العاضد لدين الله. وأمر صلاح الدين، نائب السلطان نورالدين زنكي، بأن يدعى في المساجد للخليفة العباسي المستضيء بدين الله، مسجّلا النهاية الرسمية للدولة الفاطمية.
ومن المتوقع أن يقدم المسلسل صلاح الدين كشخصية إسلامية لتجاوز الحساسيات إزاء أصله الكردي أو موقف الشيعة عمومًا من دوره في إنهاء أول دولة شيعية.
وسبق أن قدم الإنتاج الفني العربي والغربي شخصية صلاح الدين؛ ففي الستينات قدم المخرج المصري يوسف شاهين شريط “الناصر صلاح الدين” (1963)، وفي عام 2001 قدم المخرج السوري الراحل حاتم علي مسلسل “صلاح الدين الأيوبي” الذي حقق نجاحا كبيرا ولا يزال يعرض في فضائيات عربية.
وقدمت السينما الغربية شخصية صلاح الدين بوقار لافت في عدة أعمال كان أهمها فيلم “مملكة السماء” (2005) للمخرج والمنتج البريطاني ريدلي سكوت الذي أسند شخصية صلاح الدين إلى الممثل السوري غسان مسعود.
وينظر الغرب إلى شخصية صلاح الدين على أنها شخصية العدو المحترم الذي نازل الشخصية التاريخية الملك الإنجليزي ريتشارد قلب الأسد عندما حاول استعادة القدس بعد خسارتها التي أعقبت معركة حطين. ولا تزال بعض الكنائس في أوروبا إلى يومنا هذا تجمع “عشور صلاح الدين” كضريبة دينية لدعم الحملة الصليبية الثالثة لاستعادة القدس.