في الوقت الذي تُطالب فيه المعارضة التركية بإجراء انتخابات مبكرة، تؤكد الحكومة على أن الانتخابات سوف تُجرى في عام 2023 كما هو مخطط لها، أملاً في تحسّن نسبة المؤيدين للحزب الحاكم، والتي تراجعت بشدة في الآونة الأخيرة إثر الفشل الذريع في مواجهة سلسلة الكوارث التي أصابت تركيا، ولم تكن الحكومة مستعدة لها مقابل إنفاق جزء كبير من الميزانية على العمليات العسكرية في الداخل والخارج.
وبينما تزداد التكهنات حول الشخصيات التي سترشح نفسها عن أحزاب المعارضة في البلاد، جرت أحاديث في الآونة الأخيرة عن أنّ الرئيس رجب طيب أردوغان متعب وحالته الصحية لا تسمح بأن يترشح للرئاسة من جديد، وهو ما يُفسّر عدم انعقاد اجتماعات مجلس الوزراء برئاسته (وفق النظام الرئاسي منذ 2018)، وتأجيلها عدّة مرّات.
ورأى مراقبون ومحللون أنّ أردوغان نفسه لا يرغب بالترشح للرئاسة من جديد، بينما تتضاءل سلطاته الحقيقية حالياً لصالح كل من وزير الدفاع خلوصي آكار، ومنافسه وزير الداخلية سليمان صويلو، وهو ما يُنذر بصراع حاد داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم.
الكاتب في صحيفة كوركوسوز أحمد تاكان، كتب حول ذلك بقوله “في الآونة الأخيرة، يُعاني رجب طيب أردوغان من حالة من الإرهاق انعكست عبر الشاشات التلفزيونية أيضاً، فثقل عشرين عامًا ملموس بشدة على وجه أردوغان، الذي يعتبر مرشحًا طبيعيًا للرئاسة، وقد يفشل، لكن عندما يأتي يوم الترشّح، فهو نفسه قد لا يرغب في ذلك أيضًا”.
وتبع الكاتب والمحلل التركي يقول “كما كتبت من قبل، لن أخوض في التفاصيل: هناك عقبة دستورية خطيرة أمام إعادة انتخاب رجب طيب أردوغان. وفقًا للدستور، لا يمكن لأي شخص أن يكون رئيسًا إلا لفترتين. الاستثناء الوحيد هو أن يتم تأجيل موعد الانتخابات، وتغيير الدستور بما يسمح للرئيس الحالي أن يكون مرشحًا مرة أخرى”.
وهو يرى أنّ ليست هذه هي المشكلة الوحيدة لحزب العدالة والتنمية، بل التعب والإرهاق الذي أصاب أردوغان، بما يمنعه عن الترشّح خاصة وإن أظهرت استطلاعات الرأي استحالة أن يُنتخب بمجرد ترشيحه، حيث تتراجع شعبية حزبه بشدة.
ويفسّر تاكان، أنّ “هذا هو السبب الذي جعل التحالف الحاكم يتساءل من سيكون مرشح المعارضة، فإذا تمكن تحالف الأمة من تحديد المرشح الأنسب للمؤهلات التي تم تحديدها، فسوف يستطيع تحالف الشعب أيضا التكتل ضده، ولهذا تشعر إدارة حزب العدالة والتنمية بفضول كبير”.
وشهد الشعب التركي تغييرات دستورية كبيرة في أعقاب استفتاء عام 2017، أضفت إلى نظام حكم رئاسي، كان الأتراك ينتظرون منه الكثير من الوعود التي قيلت لهم لكن بعد أربع سنوات من هذا النظام ثبت انه طريق الى الاستبداد والتفرد بالسلطة والحق الضرر بالمسار الديمقراطي ومصادرة هامش الحقوق والحريات فضلا عن اضعاف البرلمان والقضاء.
وصوّت الأتراك في تعديل دستوري على التوجه للنظام الرئاسي في 2017 في ظل حالة الطوارئ المعلنة آنذاك بعد محاولة الانقلاب الفاشل في 2016. وتم تطبيق النظام الرئاسي التنفيذي والانتقال إليه في 2018، وقام بنقل سلطات واسعة من البرلمان إلى أردوغان وربط العديد من مؤسسات الدولة بالرئيس.
ومنح النظام الجديد صلاحيات كثيرة لأردوغان كإقرار وتمرير قوانين وتقييد المؤسسات المهمة في البلاد كما منحه تحكما أكبر في الأمور المالية. وقال حزب العدالة والتنمية إن النظام الجديد يسمح للحكومة بالعمل بأفضلية. لكن انتقادات طالت النظام بأنه يقلص دور البرلمان ويكرس سلطة الرجل الأوحد.
المصدر أحوال تركية