ساد هدوء حذر في درعا البلد جنوب سوريا، بانتظار جولة جديدة من المفاوضات، وسط قيام قوات الحكومة السورية برفع سواتر ترابية لإحكام حصار درعا البلد بعد نزوح آلاف المدنيين من المنطقة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، إن “هدوءاً حذراً يسيطر على عموم محافظة درعا، وسط حالة من الاحتقان عقب بيان العشائر يوم أمس، في ظل عدم التوصل إلى أي حلول إلى الآن، كما لا يزال طريق السرايا مغلقاً ودرعا محاصرة بغية الرضوخ لمطالب النظام السوري”.
وأشار المرصد إلى إصابة عدد من المدنيين بجروح متفاوتة، أمس، جراء قصف قوات الحكومة والفرقة الرابعة بالرشاشات الثقيلة والقذائف المدفعية الأحياء السكنية في درعا البلد، حيث سقطت عشرات القذائف، مساء أول من أمس، مصدرها الحواجز المحيطة بالمدينة، وقصفت أيضاً بنحو 20 قذيفة بلدة ناحتة بريف درعا.
وعلى صعيد متصل، رفعت قوات الحكومة السورية سواتر ترابية وأغلقت الطريق الوحيد أمام ما تبقى من المواطنين الذين يحاولون الفرار من أحياء عدة في مدينة درعا بسبب تصاعد الأعمال العسكرية.
ويأتي ذلك، في ظل تعثر الوصول إلى حل ينهي المفاوضات الجارية بين أهالي درعا وقوات الحكومة السورية برعاية روسية. وقالت عشائر حوران، في بيان، أول من أمس: “نستنكر الحشود العسكرية المتزايدة على أرض حوران تحت أي ذريعة كانت، كما نستنكر الحصار الظالم الذي يطبق على أهالي مدينتي درعا البلد وجاسم في ريف درعا الشمالي الغربي، ونرفض التهديد المستمر بالقتل والتدمير والاقتحام والتلويح بالتهجير الجماعي ونعتبرها أفعالاً عدوانية، لا يجب أن تتعامل بها أي دولة مع رعاياها”.
ودعا البيان إلى “فك الحصار عن مدينة درعا البلد وكل المدن والقرى المحاصرة وإيقاف جميع الأعمال العسكرية على أرض حوران ووقف تهديد الميليشيات الإيرانية وحزب الله في الجنوب تحت أي مسمى، وإدخال المساعدات الإنسانية فوراً والتزام الضامن الروسي بتعهداته كضامن لاتفاق تسوية 2018”.
وفر 18 ألف مدني من مناطق سيطرة مقاتلين محليين في مدينة درعا في جنوب سوريا جراء تصعيد عسكري مع قوات الحكومة استمر بضعة أيام، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة.
وأعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في بيان، الخميس، أنه منذ 28 يوليو (تموز) “أجبر تصعيد الأعمال العدائية ما لا يقل عن 18 ألف مدني على الفرار من درعا البلد”، أي الأحياء الجنوبية في مدينة درعا التي لا يزال يوجد فيها مقاتلون معارضون وافقوا على التسوية مع قوات الحكومة.
وأضافت: “هرب الكثير منهم إلى مدينة درعا نفسها وإلى المناطق المجاورة. ومن بين هؤلاء مئات الأشخاص الذين لجأوا إلى مدارس في درعا المحطة”، في إشارة إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات الحكومة في المدينة.
ومحافظة درعا هي المنطقة الوحيدة التي لم يخرج منها كل مقاتلي الفصائل المعارضة بعد استعادة قوات الحكومة السورية السيطرة عليها في يوليو 2018، إذ وضع اتفاق تسوية رعته موسكو حداً للعمليات العسكرية وأبقى على وجود مقاتلين معارضين احتفظوا بأسلحة خفيفة، فيما لم تنتشر قوات الحكومة في كل أنحاء المحافظة. ويوجد هؤلاء في بضعة مناطق بينها الأحياء الجنوبية من مدينة درعا. وانضم بعض مقاتلي المعارضة السابقين إلى “الفيلق الخامس”، وهو فصيل في الجيش السوري تدعمه روسيا.
لكن منذ 2018، تشهد المحافظة بين الحين والآخر مواجهات بين قوات الحكومة والمقاتلين المعارضين الذين غادر العشرات منهم خلال العامين الماضيين إلى شمال غرب البلاد.
وقالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، في بيان، الخميس: “تؤكد الصورة القاتمة التي تَرِدُنا من درعا البلد وأحياء أخرى، المخاطرَ الحثيثة التي يتعرض لها المدنيون في هذه المناطق، حيث يواجهون مراراً وتكراراً الاشتباكات وأعمال العنف، وهم في الواقع عالقون تحت الحصار”.
وخلال الأسابيع الماضية، أحكمت قوات الحكومة تدريجياً الخناق على “درعا البلد”. ولم يعد بإمكان السكان، وفق الأمم المتحدة، سوى عبور طريق واحد مشياً على الأقدام، ما يعرضهم “لإجراءات تفتيش أمنية صارمة”.
وقالت باشليه: “يجب تنفيذ وقف لإطلاق النار فوراً من أجل التخفيف من معاناة المدنيين في درعا. كما أدعو الأطراف في النزاع إلى السماح بوصول الإغاثة الإنسانية، وتسهيله بسرعة ومن دون أي عوائق”.