أثار الكاتب والمحلل السياسيّ التركي مصطفى قره علي أوغلو سؤالاً يتكرر بكثرة في الشارع التركي، وهو لماذا لا يمكن إطفاء حرائق الغابات في تركيا؟ وذلك في معرض انتقاده للإهمال الحكومي وعدم اتخاذ الاحتياطيات اللازمة لمنع الكوارث أو التعامل معها بسرعة ومرونة.
قال مصطفى قره علي أوغلو في مقال نشره في صحيفة قرار التركية إنّ الإجابة على السؤال الذي يبحث الجميع عن إجابة له قد تم تقديمها جزئيًا من قبل الرئيس وجزئيًا من قبل وزير الغابات، حيث قال الوزير “ليس لدينا طائرات إطفاء في مخزوننا”.
وعلّق قره علي أوغلو على ما قاله الوزير بالسؤال: ألا تمتلك جمعية الطيران التركية، التي كانت تستجيب لحرائق الغابات لفترة طويلة، طائرة؟ وقال الرئيس ذلك أيضًا: “لا توجد طائرة يمكن استخدامها بشكل مريح!” واستنكر أوغلو غياب مثل هذه الطائرات على الرغم من الحاجة إليها، وعلى الرغم من تكرار هذه الحوادث بين موسم وآخر.
كما قال الكاتب إنه ليست هناك طائرات في المخزون، وإذا لم تعمل، فإن الغابات تحترق، خاصة إذا لم نفكر في طلب المساعدة ممن لديهم طائرات أو من دول لديها خبرة في مكافحة حرائق الغابات…
وأضاف دعونا نعطي الكلمات الكاملة لوزير الزراعة والغابات إذا واجه أي شخص صعوبة في فهم الوضع: لذلك ليس لدينا طائرات إطفاء في مخزوننا، وليس لدينا طائرات هليكوبتر لمكافحة الحرائق في مخزوننا.
وأشار الكاتب إلى أنّ مقولة الوزير بأنّ “هذا الأمر كان منذ السابق، ومع ذلك، بدأنا العمل بتعليمات رئيسنا فيما يتعلق بشراء الطائرات للمخزون. نأمل أن ننتهي من العطاء خلال هذا العام “. ولفت إلى أنّ الوزير حاول تطييب الخواطر وقال: “إذا احتجنا لشراء مركبة فضائية، فسنشتريها أيضًا”.
وتعليقاً على ذلك قال مصطفى قره علي أوغلو يبدو أن دولة مثل تركيا، المعرضة لحرائق الغابات وتعاني من هذه المشكلة كل عام، ليس لديها استعدادات عادية للحرائق. هذا العام، “بأمر من الرئيس…” سيتم اتخاذ إجراء. تعلمنا هذا. كما أعلن وزير الخارجية، المرافق لوزير الغابات، أن الإجراءات الجنائية المتعلقة بالحريق بدأت “بأمر من الرئيس…”.
ولفت الكاتب إلى أنّه مرة أخرى، يبدو أنه لم يتم التفكير في الطائرة ولا أي طريقة وقائية أخرى ضد حرائق الغابات التي نشهدها كل موسم صيفي. ولم يتلق الوزراء أي تعليمات لمنع حدوث مثل هذه الكارثة مرة أخرى، أو أنهم لم يقوموا بالعمل اللازم رغم تلقيهم ذلك. خلاف ذلك، سيكون لدى تركيا على الأقل أسطول طائرات لمكافحة الحرائق وسيتم اتباع أبسط تقنيات الطائرات بدون طيار على الأقل. كلاهما لم يكن مثاليًا. لا نعرف كيف يتخذ العالم إجراءات وقائية في مثل هذه الكوارث، لكنها لم تحدث أيضًا.
واثار سؤالاً آخر أيضاً بالقول: ماذا حدث؟ لينوّه بسخرية: كما نرى في كل كارثة، بعد ما حدث، يتوجه عدد من الوزراء إلى مكان الحادث “بتعليمات من الرئيس” ويعرضون الوضع سياسياً. إنهم لا يفوّتون أي فرصة لإسكات النقاد وتعداد الخطب التي لا تنتهي حول عظمة الدولة. لا نرى وزيرًا يذهب إلى مناطق الكوارث المحتملة قبل وقوع كارثة، ليتخذ الاحتياطات، ويجهز الأدوات والمعدات والموارد البشرية، لأن مثل هذه الرؤية غير موجودة في طريقة إدارة الكوارث للدولة. المفهوم هو أن ما يمكن أن نسميه الطب الوقائي غير مفهوم أبدًا. هناك صورة واحدة وحركة واحدة في كل كارثة: الوزراء في المشهد.
وشدّد الكاتب أنّ ما يحدث في جميع القطاعات التي تتحمل الدولة والحكومة مسؤوليتها هو في الأساس نفس ما يحدث في حرائق الغابات والكوارث الأخرى.. حقيقة أن المباني المبنية على مجرى النهر غمرت بالمياه، وتدمير المباني التي من الواضح أنها لا تقاوم الزلازل عند أدنى هزة، ومصير الغابات التي أصبحت رمادًا أمام أعيننا هي نتيجة نفس الإهمال.
وأكّد مصطفى قره علي أوغلو على أنّ الحكومة لا تركز على أي مشكلة خطيرة، ولا تستطيع معالجتها، ولا يمكنها الاستفادة من التجربة، ناهيك عن استخدامها، ولا توجد قدرة على اتخاذ الاحتياطات وحل المشكلة من المصدر قبل أن تتحول إلى كارثة. بعد وقوع الكارثة، لعمل صورة بعد وقوع الضحايا وإعطاء الدولة سلطة الظهور في الوقت المناسب بعد فوات الأوان.. هذا ما يتم فعله.
وختم الكاتب مقاله بالقول إنّه في حالات الكوارث الطبيعية، يختلف الوضع عنه في مجالات مثل الاقتصاد والتعليم والثقافة والرياضة والتكنولوجيا، والتي تتحول إلى كوارث بسبب الإهمال، ذلك أنّ الافتقار إلى السياسة وعدم القدرة على التركيز على المشاكل والابتعاد عن الواقع يعطي نفس النتيجة في كل مكان، وحذر من أن تركيا ستكون عاجزة أيضاً عندما تحدث نفس الكوارث مرة أخرى في المستقبل.
المصدر أحوال تركيا
المقال لا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع