مع سعي الرئيس الأميركي لإنهاء حروب بلاده الأبدية، سيبقى ما يقرب من 900 جندي أميركي في سوريا، لمواصلة دعم وتقديم المشورة لقوات سوريا الديمقراطية التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية، بحسب مسؤول أميركي.
وستقوم إدارة بايدن بسحب جميع القوات الأميركية من أفغانستان والانتقال رسمياً إلى دور استشاري في العراق. لكن العملية العسكرية الأميركية في سوريا لم تشهد أي تغييرات، ويتوقع المسؤولون بقاء مئات القوات في البلاد في المستقبل المنظور، وذلك بحسب مسؤولين لصحيفة البوليتيكو الأميركية.
وسيبقى ما يقرب من 900 جندي أميركي، بما في ذلك عدد من القبعات الخضراء، في سوريا لمواصلة دعم وتقديم المشورة لقوات سوريا الديمقراطية التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية، وهو نفس الدور الذي لعبوه منذ التدخل بقيادة الولايات المتحدة في عام 2014، وفقاً لأحد كبار المسؤولين في إدارة بايدن.
وقال المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته “لا أتوقع أي تغييرات في الوقت الحالي على المهمة أو البصمة في سوريا”.
وفي الوقت الذي يسعى فيه الرئيس جو بايدن إلى إنهاء “الحروب الأميركية الأبدية” في العراق وأفغانستان، فإن عملية البنتاغون الهادئة في سوريا، في معظمها، كانت تحت الرادار. فبعد سبع سنوات من الصراع ومحاولتين من قبل الرئيس السابق دونالد ترامب لسحب القوات الأميركية، أخبر مسؤولو الدفاع والإدارة صحيفة بوليتيكو أن الإدارة ليس لديها الآن أي خطط لإجراء أي تغييرات على العملية العسكرية الأميركية في سوريا.
وقال المسؤول الكبير في الإدارة “في سوريا، ندعم قوات سوريا الديمقراطية في قتالها ضد تنظيم الدولة. لقد كان ذلك ناجحاً للغاية، وهذا شيء سنواصله”.
ويأتي التأكيد في الوقت الذي أعلن فيه بايدن ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يوم الإثنين أن المهمة في العراق ستنتقل من القتال إلى الاستشارات بحلول نهاية العام. كان للقوات الأميركية هناك مهمة مماثلة وهي مساعدة القوات المحلية في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال مسؤول دفاعي “في الواقع لم يرافق أي جندي أميركي القوات المحلية في دوريات قتالية لأكثر من عام في العراق أو سوريا، ومنذ عام 2014، كان الهدف هو بناء قدرات القوات المحلية في كلا البلدين لمحاربة تنظيم الدولة بشكل مستقل، وهو تحوّل كبير في العملية الأميركية بالعراق من 2003 إلى 2011”.
وأضاف المسؤول أن الشريك المحلي الأساسي للولايات المتحدة، قوات سوريا الديمقراطية، كان في طليعة العمليات القتالية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، كما هو الحال في العراق، حيث قدمت الولايات المتحدة وقوات التحالف الدعم من بعيد.
وتعرضت القوات الأميركية في سوريا لإطلاق نار في الأسابيع الأخيرة، وتعرضت القوات في حقل العمر النفطي شرق سوريا لهجوم بطائرة مسيّرة في 7 تموز، وفي حادث منفصل أُصيب بعدة صواريخ في 28 حزيران، وكانت هذه الحوادث جزءاً من سلسلة هجمات شنتها المجموعات المدعومة من إيران ضد الأميركيين في كل من العراق وسوريا التي كثفت جهودها لإخراج الولايات المتحدة من المنطقة في الأشهر الأخيرة.
وفي خضم تعدد المصالح الأجنبية في سوريا، فإن المهمة العسكرية الأميركية هناك لها تداعيات واسعة تتجاوز بكثير قتال تنظيم الدولة الإسلامية، كما يقول الخبراء.
ويقول الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ويل تودمان، إن وجود القوات الأميركية يعمل على إعاقة هدف إيران المتمثل في إنشاء ممر جغرافي يربط بين طهران ولبنان والبحر الأبيض المتوسط.
وأضاف تودمان “إن الحفاظ على القدرة على عرقلة الجهود الإيرانية لنقل الأسلحة إلى سوريا هو جزء مهم من الوجود الأميركي هناك. إيران تستفيد من عدم الاستقرار المستمر”.
ويقول الخبراء إن أي تغيير كبير في الموقف العسكري الأميركي في العراق من المرجح أن يعقد الوضع في سوريا، لا سيما وأن الطريق الرئيس للولايات المتحدة للوصول إلى قواتها في شرق سوريا يمر عبر الحدود مع العراق.
وردّاً على سؤال عما إذا كان تغيير الوجود الأميركي في العراق سيؤثر على وضع القوات في سوريا، رفض المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي التعليق على المناقشات.
وقال كيربي “ما هي القرارات التي قد تخرج عن هذه المحادثات مع العراق والتي يمكن أن تؤثر على البصمة في سوريا، أنا لا أعرف. لكن من الواضح أن القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية مستمر”.
وفي غضون ذلك، رفض الجنرال فرانك ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأميركية، في وقت سابق من هذا العام، إعطاء إجابة مباشرة حول مستقبل العمليات العسكرية الأميركية في سوريا. لكنه أوضح أن وجود القوات الأميركية وفّر “عنصر استقرار” في الدولة التي مزقتها الحرب.