فجأة وسعت أميركا قائمة المدعوين إلى المؤتمر الوزاري الموسع في روما الخاص بسوريا في روما غداً الاثنين، لتضم الجامعة العربية في خطوة ترمي إلى إثارة ملف «التطبيع العربي» مع دمشق بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين و15 من نظرائه في «السبع الكبار» و«المجموعة المصغرة» وتركيا وقطر والاتحاد الأوروبي، بهدف الضغط على روسيا للموافقة على قرار الأمم المتحدة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا «عبر الحدود».
الاجتماع، وهو أول لقاء وزاري يرأسه بلينكين عن سوريا منذ تسلم الرئيس جو بايدن سيعقد على هامش المؤتمر الخاص بالتحالف الدولي ضد «داعش» في العاصمة الإيطالية، كان مقرراً أن يقتصر على إيجاز يقدمه المبعوث الأممي غير بيدرسن وإلقاء كل وزير خطاباً مدته دقيقتان، قبل إقرار مسودة بيان جماعي مختصر، مع تركيز خاص على ملف المساعدات الإنسانية وتمديد آلية إيصالها «عبر الحدود» التي تنتهي في 10 الشهر المقبل.
كان هذا واضحاً في مسودة البيان، التي حصلت «الشرق الأوسط» عليها، حيث نصت على أن الدول المشاركة «تشدد على الأهمية البالغة لضمان تقديم المساعدة المنقذة للحياة والاستجابة لوباء كورونا المستجد، لجميع المواطنين السوريين المحتاجين من خلال جميع السبل الممكنة، بما في ذلك توفير وتوسيع آلية الأمم المتحدة عبر الحدود، والتي لا يوجد بديل مناسب لها».
وكان مقرراً أن يؤكد الوزراء، «أهمية استمرار الدعم للاجئين السوريين، والبلدان المضيفة، حتى يتمكن السوريون من العودة الطوعية إلى ديارهم في أمان وكرامة» مع الترحيب بإحاطة بيدرسن وتأكيد «دعمنا القوي للجهود التي تقودها الأمم المتحدة لتنفيذ جميع جوانب قرار مجلس الأمن رقم 2254. بما في ذلك الدعم المستمر لوقف إطلاق النار الفوري على مستوى البلاد والتزامنا بمواصلة العمل بنشاط من أجل التوصل إلى حل سياسي يضع حداً للنزاع المستمر منذ عقد في سوريا، مع ضمان أمن الشعب السوري».
لكن الدول المشاركة تبلغت قبل يومين بدعوة آيرلندا والجامعة العربية إلى الاجتماع. آيرلندا دعيت إلى جانب النرويج لأنهما مسؤولتان عن ملف الشؤون الإنسانية في نيويورك. أما دعوة الجامعة العربية، فالسبب أن أميركا تريد إثارة موضوع رغبة دول عربية بـ«التطبيع» مع دمشق وإعادتها إلى الجامعة العربية بموجب اقتراحات عربية وضغوطات روسية عبر عنها وزير الخارجية سيرغي لافروف في جولته العربية الأخيرة ولقاءاته مع عدد من الوزراء.
وحسب المعلومات المتوفرة لـ«الشرق الأوسط»، فإن واشنطن (وباريس)، التي كانت صامتة ثم مقتصرة على ملاحظات عبر الأقنية الدبلوماسية، أبلغت دولاً عربية وأوروبية بضرورة ألا يكون «التطبيع العربي» مجانياً والتريث به إلى ما بعد معرفة موقف روسيا من التصويت على القرار الدولي لتمديد المساعدات «عبر الحدود» قبل انتهاء صلاحية القرار الحالي في 10 الشهر المقبل.
كانت واشنطن قدمت عدداً من «الإشارات المشجعة» لموسكو للتصويت لصالح صدور قرار يسمح بفتح ثلاثة معابر حدودية، اثنان مع تركيا وثالث مع العراق، كان بينها عدم إصدار عقوبات جديدة بموجب قانون قيصر» خلال أول ستة أشهر من عمر إدارة بايدن (إدارة دونالد ترمب فرضت عقوبات على 114 في آخر ستة أشهر من عهدها)، وتقديم استثناءات لمواد طبية من العقوبات، والموافقة على تقديم المساعدات «عبر خطوط» التماس بين مناطق النفوذ في سوريا.
لكن إلى الآن، لم تتبلغ واشنطن موقف موسكو التي قالت إن القرار سيتخذ على أعلى المستويات، أي الرئيس فلاديمير بوتين، وأن المؤشرات قد تصوت ضد تمديد القرار، بل إن وزير الخارجية سيرغي لافروف بعث رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، متهماً دولاً غربية بـ«بالابتزاز».
ودعا في مناسبة أخرى إلى ما مفاده، ضرورة الوصول إلى «صفقة شاملة» تشمل: 1) «قانون قيصر» الأميركي الذي يتضمن فرض عقوبات قاسية على دمشق، 2) دعم إعمار البنية التحتية في سوريا، 3) الوجود الأميركي شرق الفرات، 4) توفير دعم البنية لعودة اللاجئين والمساعدات عبر الحكومة في دمشق، 5) إيصال المساعدات «عبر خطوط» كما قابلت موسكو جهود بليكنين بحشد حلفائه في 15 دولة ومنظمة في روما اليوم، بأنها دعت إلى اجتماع لـ«مجموعة آستانا» (روسيا، إيران، تركيا) في 7 الشهر المقبل، عشية انتهاء صلاحية قرار «المساعدات». وإلى فتح واشنطن ملف «التطبيع العربي»، تلقى بيدرسن نصيحة بتأجيل تقديم اقتراحه لمقاربة «خطوة مقابل خطوة» إلى ما بعد «الاختبار الأميركي» لروسيا، إذ لا يزال فريق بايدن يقول إن قرار موسكو في شأن آلية المساعدات، سيحدد اتجاه العلاقات في المرحلة المقبلة، إذ إن الموافقة على تمديد آلية المساعدات «عبر الحدود» و«عبر الخطوط»، ستفتح الطريق على استعادة الحوار السياسي بين البلدين حول ملفات عدة تخص سوريا، بما في ذلك «خطوة مقابل خطوة» وبحث جميع «الحوافز».
صحيفة الشرق الأوسط