كونفرانس وحدة الموقف الكوردي اختصر الطريق أمام دمشق نحو دولة عصرية

الالتزام بوحدة أراضي سوريا وسيادتها وتحديد المطالب الكوردية

بعد فترات تأجيل متكررة انعقد كونفرانس “وحدة الموقف والصف الكوردي في روجآفايي كوردستان” في مدينة القامشلي في محافظة الحسكة، بدعم واضح من جهات دولية وبشكل خاص فرنسا وأمريكا بالإضافة إلى إقليم كوردستان العراق.
الكونفرانس الذي عقد في الـ 26 من نيسان الجاري، جاء تتويجاً لجهود ومساعي مباشرة برعاية قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي منذ عام 2019 وحتى اليوم.

بعد سقوط نظام حزب البعث في سوريا، يتطلع السوريون أجمع إلى مرحلة عدالة انتقالية تؤسس لبناء دولة حديثة قائمة على نبذ إرث الدولة المركزية ودولة الحزب الواحد. وعليه تبرز بشكل كبير قضايا القوميات والإثنيات والمكونات الدينية والثقافية في سوريا.

من القضايا المهمة جداً التي تبرز أمام أي سلطة جديدة في دمشق هي القضية الكوردية، بوصفها قضية شعب تعرض للتهميش ومساعي الصهر القومي وإجراءات تعسفية كثيرة على مدى عقود من الزمن.
ورغم المواقف الواضحة والتصريحات المتكررة للأحزاب والقيادات الكوردية بشأن طبيعة المطالب الكوردية التي تتمحور حول الاعتراف الدستوري وهامش من الإدارة في مناطق تحت سقف دولة لا مركزية، إلا أن فئات معينة من المجتمع السوري وتحت ضغط انتماءات قومية عنصرية، حاولت إضفاء صبغة الانفصال على الحركة الكوردية في سوريا.

وربما جاء هذا الكونفرانس بتوجهاته الواضح حول الالتزام بوحدة أراضي سوريا وسيادتها وتحديد المطالب الكوردية، رداً على هذه الهواجس، وطمأنة للداخل السوري.
الكونفرانس المنعقد في القامشلي لا شك يضع البلاد أمام مشهد واضح وصريح للوجود الكوردي ومطالب الكورد في سوريا الجديدة. مما يسهل على السلطات في دمشق التعامل مع هذه القضية، لجهة وضوح وشفافية الجهة التي سوف تتعامل معها، وكذلك وضوح وشفافية المطالب.

وحدة الموقف الكوردي حيال مطالبه ووجوده في سوريا، يعزز بطريقة مباشرة وغير مباشرة وحدة وسيادة البلاد والنأي بها من مخاطر الانقسام. وكذلك يشكل درعاً متينا لعدم انجرار مناطق شمال وشرق سوريا لأية تجاذبات قومية وطائفية قد تجر البلاد إلى أوضاع لا تحمد عقباها.

من الواضح أن الخطوة التي أقدم عليها الكورد في سوريا بعقد هذا الكونفرانس يحظى بدعم دولي وبشكل خاص من حلفاء الكورد في الحرب ضد داعش، خاصة أن وفداً من التحالف الدول حرص على الحضور بشكل رسمي ومباشر في قاعة انعقاد الكونفرانس.

في المحصلة فإن الكورد حالياً قد اختصروا على دمشق الكثير من الإجراءات والوقت، فهم باتوا يحملون ورقة مطالب متفق عليها، ورقة مطالب واضحة، شفافة. والوفد الكوردي الذي سيزور دمشق حاملاً هذه الورقة سيتمتع بصلاحية البت في القرارات والمفاوضات.

يبقى على دمشق أن تتعامل بمسؤولية مع هذا الملف لصالح بناء دولة قوية بكل مكوناتها وطيفها الواسع. إن التمسك بثوابت عفى عليها الزمن، والتقوقع خلف فوبيا خطر الانقسام والانفصال لن يفيد السوريين. لقد عانى السوريون على مدى عقود طويلة من النظام المركزي الفظ، وحان الوقت لخوض تجربة أكثر عصرية وانفتاحاً على العالم وعلى الحريات.

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى