نادين مينزا: مشروع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا نموذج للتعايش

مينزا: تفاؤل حذر بمستقبل سوريا.. والحل يتطلب حماية حقوق الأقليات وتعزيز المؤسسات المدنية

كشفت رئيسة أمانة الحرية الدينية الدولية (IRF) والرئيسة السابقة للجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية (USCIRF)، نادين مينزا، عن مشاهداتها وملاحظاتها خلال زيارتها الأخيرة إلى سوريا، والتي شملت كلاً من شمال وشرق سوريا والعاصمة دمشق.

وخلال حديثها مع شبكة “رووداو”، أكدت مينزا أن زيارتها لشمال وشرق سوريا كانت جزءًا من سلسلة زيارات متكررة قامت بها خلال السنوات الخمس الماضية، مشيرةً إلى أن المنطقة شهدت تطورًا لافتًا في الإدارة الذاتية، مما خلق نموذجًا نادرًا من التعايش الديني والحرية الاجتماعية.

وأوضحت أن الإدارة الذاتية نجحت في إحداث تغييرات عميقة في مدن كانت سابقًا خاضعة لسيطرة تنظيم داعش، مثل الرقة، حيث باتت نصف القيادات من النساء وأعيد فتح الكنائس رغم عدم عودة غالبية المسيحيين الذين فروا.

وفيما يتعلق بزيارتها إلى دمشق، أوضحت مينزا أن الوضع اتسم بمزيج من الآمال والمخاوف، خصوصًا مع تزايد العنف الطائفي، معتبرة أن النظام السابق بقيادة الأسد قام بتقسيم البلاد على أسس طائفية. وشددت على أن الأقليات، خصوصًا الإيزيديين والمسيحيين والعلويين، تطالب الآن بمواطنة متساوية بعيدًا عن أسلوب الحماية الطائفية الذي مارسه النظام السابق.

وحدة الصف الكوردي ومفاوضات دمشق

وتطرقت مينزا إلى المحادثات بين القوى الكوردية، مشيرةً إلى تفاؤل القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، بوحدة الصف الكوردي. وأضافت أن الاجتماعات التي عقدت مع قيادات كوردية ومسيحية وعربية كانت مثمرة، حيث شكلت لجنة تفاوضية تضم المجلس الوطني الكوردي وحزب الاتحاد الديمقراطي وشخصيات مستقلة، استعدادًا لإجراء حوار رسمي مع دمشق.

وأشارت إلى أن مظلوم عبدي عبّر عن ارتياحه لمستوى التفاهم مع أحمد الشرع، معتبرًا أن الاتفاقات المبدئية التي أبرمت بين الطرفين تمثل خطوات إيجابية نحو بناء شراكة مستقبلية.

مأساة عفرين وتحديات الأمن المحلي

وفي سياق متصل، انتقدت مينزا الوضع في مدينة عفرين، مشيرةً إلى أن التغيير المأمول في إدارتها لم يتحقق، مع استمرار هيمنة الفصائل المدعومة من تركيا، والتي ارتكبت انتهاكات خطيرة بحق الكورد والمسيحيين والإيزيديين. وأوضحت أن غياب الأمان يحول دون عودة النازحين إلى منازلهم، داعية إلى أن يكون السكان المحليون وحدهم مسؤولين عن إدارة شؤونهم بعيدًا عن سيطرة الجماعات المسلحة.

مستقبل الأقليات في سوريا

وحذرت مينزا من المخاطر التي تواجه الأقليات في سوريا، لا سيما مع تفاقم العنف الطائفي في المناطق الساحلية. وأضافت أن الإيزيديين في عهد النظام السوري تعرضوا للتهميش عبر تصنيفهم قسريًا كمسلمين، مما عرضهم لمزيد من التهديدات من قبل الجماعات المتطرفة.

وأكدت على ضرورة أن تضمن الحكومة المقبلة، أياً كانت هويتها، حرية الهوية الدينية والقومية لجميع المواطنين، مشددة على أن “سوريا الجديدة” يجب أن تكون دولة مواطنة لا تميّز بين أبنائها على أي أساس ديني أو قومي.

رؤية أميركية حذرة وأهمية الضغوط الدولية

وحول السياسة الأميركية تجاه سوريا، أكدت مينزا أن واشنطن لا تزال حذرة ومترددة في التعامل مع السلطة الحالية، وسط مخاوف من تكرار أخطاء الماضي، لا سيما فيما يتعلق بتصاعد النفوذ الإسلامي. وأشارت إلى أن المجتمع الدولي بحاجة إلى ممارسة ضغوط مدروسة على دمشق من أجل دفعها نحو إصلاحات حقيقية تحمي التنوع الديني وتكرّس مبادئ المواطنة، محذرة في الوقت نفسه من مخاطر نشر معلومات مضللة قد تزيد التوترات الطائفية داخل البلاد.

وختمت نادين مينزا بالقول: “هناك فرصة لسوريا قوية إذا تم احترام التنوع وحماية حقوق الجميع. ولكن الطريق لا يزال محفوفًا بالمخاطر، ويحتاج إلى تعامل دقيق ومسؤول من جميع الأطراف”.

 

مشاركة المقال عبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى