تشهد مناطق سيـ ـطرة سلـ ـطة دمشق تصـ ـاعدًا خطـ ـيرًا في وتيـ ـرة الجـ ـرائـ ـم الجـ ـنائـ ـية وحـ ـالات القـ ـتـ ـل تحت التـ ـعـ ـذيـ ـب والاغتـ ـيـ ـالات الغـ ـامـ ـضة، في ظل حـ ـالة من الانـ ـفـ ـلات الأمـ ـنـ ـي وتـ ـراجـ ـع سلـ ـطة القـ ـانـ ـون، وسط غيـ ـاب أي رقـ ـابة أو محـ ـاسـ ـبة قضـ ـائية فاعلة.
ففي مدينة حماة، قُتل مواطن سبعيني برصاص مباشر أطلقه مسلحان مجهولان يستقلان دراجة نارية قرب دوار عين اللوزة وسط المدينة. الضحية، وفق مصادر محلية، يُعد من أوائل المعارضين للنظام السابق، وكان من المهجّرين سابقًا إلى الشمال السوري قبل أن يعود إلى حماة، في ظروف لا تزال غامضة حتى الآن.
وفي حادثة مشابهة، أُصيب مواطن آخر بجروح متفاوتة نتيجة استهداف مباشر تعرض له أثناء وجوده داخل سيارته في منطقة مجرى الزيادة خلف حي النصر، بالقرب من كراجات البولمان. وأسفر إطلاق النار أيضاً عن إصابة امرأة كانت تمر في الطريق لحظة وقوع الهجوم، ما أثار موجة غضب شعبي واسع في المدينة.
ويأتي هذا التصعيد ضمن سياق سلسلة طويلة من الجرائم الغامضة، التي باتت جزءًا من مشهد يومي قاتم في مناطق عدة خاضعة لسيطرة دمشق. ووفقاً لإحصائيات موثّقة، بلغ عدد الجرائم الجنائية وجرائم القتل ضد مجهول منذ مطلع عام 2025، 136 جريمة، راح ضحيتها 153 شخصًا، بينهم “120 رجلًا، 26 سيدة، 7 أطفال”
جرائم تعذيب داخل السجون: حمص تدفع الثمن
وفي محافظة حمص، أفادت مصادر “المرصد السوري لحقوق الإنسان” بمقتل ثلاثة شبان من ريف حمص الغربي تحت وطأة التعذيب، عقب اعتقالهم خلال حملات أمنية مكثفة منذ بداية العام الجاري.
وأوضحت المصادر أن أحد الشبان قُتل بعد اعتقاله في قرية تارين بين 21 و23 كانون الثاني، حيث عُثر على جثمانه مقتولًا ومرميًا قرب سد الحولة. كما قُتل شقيقان عقب اعتقالهما بتاريخ 22 من الشهر ذاته، خلال مداهمة أمنية استهدفت قرية خربة الحمام، وتم نقل جثمانيهما اليوم إلى مشفى الوعر في مدينة حمص.
وارتفع بذلك عدد القتلى تحت التعذيب داخل سجون إدارة العمليات العسكرية إلى 32 معتقلاً منذ بداية العام، معظمهم من أبناء محافظة حمص، في ظل انعدام الرقابة المستقلة على مراكز الاحتجاز، واستمرار الانتهاكات الجسيمة بحق المعتقلين.
تصفية ضابط في اللاذقية بعد مكالمة غامضة
وفي مدينة اللاذقية، عُثر على جثمان الضابط السابق في جيش النظام “باسل عبد الكريم سلامة”، برتبة عميد، مقتولًا داخل المشفى الوطني، بعد ثلاثة أيام من اختفائه في ظروف مريبة. وكان قد أُجري له تسوية أمنية في وقت سابق، وكُلّف بالعمل ضمن مركز البحوث العلمية في طرطوس.
مصادر المرصد أكدت أن الضابط تلقى اتصالًا هاتفيًا يوم الاثنين 21 نيسان الجاري، يُطلب منه الحضور العاجل إلى المركز، ومنذ لحظة مغادرته منزله في اللاذقية، انقطع الاتصال به تمامًا، حتى عُثر لاحقًا على جثمانه مقتولًا.
الواقع الأمني: غياب السلطة أو تغوّل الأجهزة؟
وتعكس هذه الحوادث صورة قاتمة عن الوضع الأمني في مناطق سيطرة دمشق، حيث تبرز تعدد مصادر العنف وغياب الشفافية في التحقيقات، سواء في الجرائم الجنائية أو في حالات الوفاة تحت التعذيب، ما يطرح تساؤلات جدية حول من يتحكم فعليًا بزمام الأمور، وهل تمثّل هذه الحوادث حالة من تغوّل الأجهزة الأمنية، أم تراجع في قدرة السلطة على ضبط الأمن.
ويطالب ناشطون وحقوقيون بإجراء تحقيقات مستقلة بإشراف جهات دولية، للكشف عن مصير المعتقلين، ووقف سلسلة الانتهاكات التي تتكرر دون رادع أو محاسبة.