الأخبار سوريا

تصـ ـاعد خطـ ـير في موجـ ـة الاختـ ـطاف والتـ ـصـ ـفية.. والمناطق العلوية في عين العـ ـاصفة

تشهد مناطق سلـ ـطة دمشق في الآونة الأخيرة تصـ ـاعداً مقـ ـلقاً في عمـ ـلـ ـيات القـ ـتل والتصـ ـفية والاختـ ـطاف، في ظل فـ ـوضى أمـ ـنـ ـية متـ ـفـ ـاقـ ـمة. واللافت أن المناطق ذات الغـ ـالـ ـبية العلوية، باتت اليوم في قلب هذا التصـ ـعيد، مما يثـ ـير تسـ ـاؤلات حقيقية حول أهداف هذه المـ ـوجة، وخلـ ـفيـ ـاتها، ومـ ـآلاتـ ـها.

حمص تتصدر مشهد الدم: استهداف طائفي وجرائم منظمة

محافظة حمص كانت على رأس قائمة المناطق المتضررة خلال الأسبوع الأخير، حيث سجلت 8 عمليات تصفية واغتيال راح ضحيتها 13 مدنياً، بينهم 5 سيدات. ووفقاً لتوثيقات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن معظم الضحايا قُتلوا على خلفية الانتماء الطائفي، ما يؤشر إلى نمط استهداف متعمد للفئات العلوية في المنطقة، وإعادة إنتاج خطابات الكراهية والانقسام الطائفي.

وفي حادثة مروعة، اقتحمت مجموعة مسلحة مجهولة منزل عائلة في حي وادي الذهب في مدينة حمص، واختطفت رب الأسرة وزوجته ورضيعهم البالغ من العمر شهراً واحداً، دون أن يُعرف مصيرهم حتى اللحظة. عناصر المجموعة كانوا يرتدون زياً عسكرياً ويستقلون سيارات مدنية.

الحادثة جاءت بعد توثيق أحد أفراد العائلة لجريمة تصفية جرت في اليوم نفسه عند مفرق ضاحية الوليد، راح ضحيتها رجل وسيدة من الطائفة العلوية، في مشهد ينذر بعودة سيناريوهات التصفية على الهوية.

إدلب، درعا، دمشق.. رقعة الدم تتمدد

وفي مناطق أخرى من البلاد، توزعت بقية العمليات القاتلة على محافظات حماة، درعا، ريف دمشق، وحلب، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 12 مدنياً، معظمهم في عمليات اغتيال غامضة، وسط عجز تام للسلطات عن تقديم أي معلومات حول هوية الفاعلين أو خلفيات الجرائم.

وفي مدينة إدلب، أُعدم رجل ستيني يعمل كمحاسب سابق برصاص مجهولين، في جريمة يُرجح أنها تمت بدافع الانتقام، لتُضاف إلى سلسلة عمليات تصفية طالت أكاديميين وموظفين سابقين في مناطق سيطرة سلطة دمشق.

ظاهرة الاختفاء القسري والاختطاف: من المدن إلى الأرياف

ومن 19 حتى 23 نيسان الجاري، سجل المرصد السوري ما لا يقل عن 14 حالة اختفاء، أسفرت عن فقدان 18 مدنياً، توزعت بين 10 حالات يرجّح أنها نتيجة عمليات اختطاف، و4 حالات خطف مؤكدة.

ووفقاً للتوثيقات، سُجلت في طرطوس وحدها 4 حالات فقدان (لسيدتين ورجلين)، وفي دمشق 4 حالات (لـ5 رجال)، بينما رُصدت حالتان إضافيتان في اللاذقية والسويداء.

هذه الحوادث تأتي في وقت تعاني فيه هذه المناطق من ضغوط اقتصادية خانقة، وانهيار شبه كامل للخدمات، ما يخلق بيئة خصبة للجريمة، والفوضى، والابتزاز.

تراجع أمني ينذر بالانهيار

وتكشف هذه الحوادث المتصاعدة عن تدهور خطير في بنية الدولة الأمنية، وضعف الردع القانوني، في وقت تستمر فيه الانقسامات السياسية والعسكرية، ويتراجع الأفق السياسي لأي حلول شاملة. ومع ازدياد معدلات الفقر والبطالة والانفلات الأمني، يبدو أن البلاد تسير نحو مرحلة أكثر تعقيداً وخطورة.

القلق الشعبي يتنامى، خاصة في المناطق الساحل السوري ذات الغالبية العلوية، والتي تشهد اليوم جرائم تحمل طابعاً طائفياً أو سياسياً.

الحاجة إلى وقفة وطنية وإنسانية عاجلة

بين استهداف طائفي، وفوضى أمنية، وتصفية حسابات سياسية أو عشائرية، تزداد معاناة السوريين وتتعمق جراحهم في غياب أفق للحل، واستمرار حالة الشلل السياسي والعسكري. إن تجاهل هذه الظواهر وعدم مساءلة مرتكبيها سيقود البلاد نحو دوامة جديدة من العنف، لن يسلم منها أحد.

إن المطلوب اليوم ليس فقط إدانة هذه الجرائم، بل إعادة النظر في البنية الأمنية، وتعزيز سلطة القانون، والذهاب نحو مصالحة وطنية حقيقية، تنقذ ما تبقى من المجتمع السوري الممزق.

مشاركة المقال عبر