بينما تدّعي سلـ ـطات دمشق الجديدة تبني نهج مختلف عن النـ ـظـ ـام السابق، تتـ ـصـ ـاعد الإجـ ـراءات القمـ ـعـ ـية ضـ ـد الطـ ـوائـ ـف غيـ ـر السنـ ـية، في محاولة لفـ ـرض رؤية ديـ ـنية موحدة تقـ ـصي كل من يخـ ـالفـ ـها وإعادة رسم الخـ ـارطة الديـ ـنية وفق معايير جديدة.
ففي تصعيد جديد يعكس العنصرية الطائفية التي تمارسها سلطات دمشق الجديدة، اعتدت القوى الأمنية على مصلين شيعة في جامع المصطفى بحي الأندلس في بلدة ببيلا بريف دمشق، بعد رفضهم تسليم مفاتيح الجامع ومغادرته. كما أقدم العناصر على تخريب المكاتب والصور الدينية داخل المسجد، في خطوة اعتبرها أبناء الطائفة الشيعية محاولة لطمس هويتهم الدينية.
ويُعد جامع المصطفى الوحيد للطائفة الشيعية في المنطقة، حيث بُني قبل نحو 25 عاماً بتمويل شيعي ولا يتبع لوزارة الأوقاف السورية.
اعتقال الشيخ أدهم الخطيب وسط غضب شعبي
وبالتزامن مع هذه الأحداث، نفذت الأجهزة الأمنية في دمشق قراراً بإنهاء تكليف الشيخ أدهم الخطيب من مهامه الدينية في جامع المصطفى، ما أثار رفضاً شعبياً واسعاً، دفع الخطيب إلى دعوة الأهالي لإقامة الصلوات داخل الجامع وتثبيت ملكيته للطائفة الشيعية بإمامة شيخ من الطائفة.
ولكن السلطات لم تكتفِ بإقالته، بل أقدمت قبل أيام على اعتقاله مع نجله ومرافقه بعد مداهمة مكتبه في حي السيدة زينب، حيث تم اقتيادهم إلى أحد الأفرع الأمنية دون تقديم أي توضيح رسمي حول أسباب التوقيف، مما أثار حالة من الغضب والاستياء بين أبناء الطائفة، الذين اعتبروا الاعتقال استهدافاً مباشراً لوجودهم الديني في سوريا.
القوى الأمنية تفرض سيطرتها بالقوة على الجامع
وبعد تصاعد الاعتراضات، دفعت سلطات دمشق بعناصر أمنية مدججة بالسلاح إلى جامع المصطفى، حيث انتشرت سيارات الأمن العام المزودة بالرشاشات الثقيلة في محيطه، واقتحمت الجامع بالقوة خلال إقامة الصلاة، في محاولة لفرض أمر واقع جديد وإزاحة الطائفة الشيعية عن المسجد.
كما شرع العناصر في إزالة الصور والرموز الدينية الشيعية من الجامع، في خطوة وُصفت بأنها محاولة واضحة لتغيير هوية المكان وإخضاعه لسيطرة وزارة الأوقاف، رغم أن الطائفة الشيعية تؤكد أن أوقافها لا تخضع لسلطة الوزارة، بل لمرجعيتها الدينية المستقلة.
ملف الاستيلاء على منازل الشيعة.. تجاهل أمني متعمد
ويأتي هذا التصعيد بعد تزايد شكاوى أبناء الطائفة الشيعية من الاستيلاء غير القانوني على منازلهم في مناطق مختلفة، وإجبارهم على مغادرتها دون السماح لهم حتى بأخذ ممتلكاتهم الشخصية.
وتشير مصادر مقربة من الشيخ أدهم الخطيب إلى أن توقيفه قد يكون مرتبطاً بخطبة الجمعة الماضية، التي انتقد فيها تقاعس الأجهزة الأمنية عن التعامل مع هذه الانتهاكات، إضافةً إلى إهمالها قضية المخطوفين الشيعة.
غياب التوضيح الرسمي وسط مطالب بالإفراج الفوري
وحتى اللحظة، لم تصدر سلطات دمشق أي بيان رسمي يبرر اعتقال الشيخ الخطيب، فيما تتصاعد مطالب أبناء الطائفة الشيعية بالإفراج الفوري عنه أو تقديم مبررات واضحة لاحتجازه.
ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات تعكس توجهاً جديداً للسلطات في دمشق، يقوم على إقصاء الطائفة الشيعية وتقليص نفوذها الديني والاجتماعي، وسط مخاوف من تصاعد التوترات الطائفية في العاصمة السورية ومحيطها.