الأخبار تركيا

من اليورانيوم إلى الذهب والنفط… أعين تركيا على ثروات النيجر

منذ أن بدأ اكتشاف اليورانيوم والذهب في النيجر الدولة غير ساحلية الواقعة في غرب أفريقيا، ورضع رئيس النـ ـظام التركي رجب طيب أردوغان أعينه على ثرواتها التي تشمل أيضاً البترول والغاز والحديد والفوسفات، ومؤخراً سنحت له الفرصة مع تزايد خـ ـطـ ـر الإ..ر..هـ ـاب هناك، فأينما تواجد إ..ر..هـ ـاب في دولة تجد تركيا تـ ـقـ ـف وراءه لتجـ ـعله سـ ـبباً للتـ ـدخـ ـل فيه.

تعتبر دولة النيجر رغم ما تمتلكه من احتياطات كبيرة من اليورانيوم والذهب والبترول والغاز والفوسفات والحديد، من أفقر الدول حول العالم، وفي ترتيب البلدان حسب نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فإن النيجر تأتي في المركز 186 عالمياً. ووفقا لهذا المعيار، فإن سكانها هم من بين أفقر البلدان الـ196 التي تنشر ناتجها المحلي الإجمالي.

ومنذ وصول أردوغان إلى سدة الحكومة في تركيا وتحديداً عام 2005، بدأ بانتهاج سياسة توسعية في أفريقيا، مستغلاً الفقر أحياناً عبر تقديم المساعدات وأحياناً عبر استغلال الدين الإسلامي، وأخيراً محاربة الإرهاب رغم أنها أكبر داعميه لتأمين تدخلها في بعض البلدان الأفريقية ومن بينها النيجر التي تمتلك نحو 65 % من الموارد العالمية التي لم تُستغَل بعد.

وما يؤكد مطامع أردوغان في أفريقيا هو قيامه بزيارة 30 دول أفريقية في الفترة ما بين أعوام 2008 و2023، فضلاً عن زيادة عدد سفارات وقنصليات بلاده فيها لترتفع من 12 عام 2002 حين وصوله للسلطة إلى 44 عام 2022.

واستغل أردوغان الأزمة التي وقعت في النيجر بسبب انقلاب 26 تموز/يوليو 2023، ليعلن الوقوف مع الحاكم العسكري الذي نفذ الانقلاب وأعلن عن تقديم الدعم العسكري له، وبذلك استطاع خداع العسكر بسهولة عبر إغرائهم بتقديم المدرعات والطائرات المسيرة وما إلى هنالك من أسلحة وذخيرة، لتكون مدخلاً لسيطرته على خيرات هذا البلد.

الملفت للانتباه أن التدخل التركي يأتي بالتزامن مع تدخل روسيا وإيران أيضاً في شؤون هذا البلد من أجل السيطرة على خيراتها، والمعروف أن الأطراف الثلاثة متواجدون معاً أيضاً على الأرض السورية، ولكن على طرفي نقيض، فتركيا تدعم فصائل الجيش الوطني التي أسستها ودعمتها بالمال والسلاح بالتعاون مع قطر، في حين تقف روسيا وإيران إلى جانب الحكومة في دمشق.

ورغم أن تركيا تقف على النقيض من روسيا وإيران، إلا أن الأطراف الثلاثة تجتمع معاً في حلف استانا لمناقشة مصالحهم وفرضها على السوريين.

وعلى اعتبار أن نظام أردوغان يقدم المال والسلاح لفصائل الجيش الوطني التي وقعت عقداً مع شركة سادات الأمنية التي تديرها الحكومة والاستخبارات التركية بشكل خفي، فأن تلك الفصائل تعمل على تنفيذ أوامر أردوغان وتتحرك وفق ما يريد من أجل حماية المصالح التركية في حين أن تلك الفصائل تدعي إنها ثورية وتقاتل من أجل السوريين.

واستخدمت تركيا فصائل الجيش الوطني كمرتزقة يقاتلون نيابة عن الجيش التركي في كل من ليبيا وكذلك إلى جانب أذربيجان في حربها ضد أرمينيا في إقليم ناغورني/قره باغ. ومنذ نهاية عام 2023 بدأت تركيا بإرسال المرتزقة السوريين إلى النيجر من أجل حماية مصالحها ومناجم الذهب واليورانيوم التي تديرها عبر أذرعها.

وتستخدم تركيا أدوات متعددة للتغلغل في النيجر، أبرزها الأداة الاقتصادية، من خلال شركاتها التي تعمل على تحديث مطار العاصمة “نيامي” وإنشاء فندق فخم فيها ومقر لوزارة المالية وكذلك مشفى في مدينة مارادي.

أما الأداة الثانية فيها الأسلحة والمعدات العسكرية والجيش، حيث استغلت تركيا وصول قادة عسكريين إلى الحكم في النيجر عبر انقلاب واغرتهم بالطائرات المسيرة من أجل مقاتلة خصومها، وتسعى تركيا لإقامة قاعدة عسكرية في النيجر لتكون مقراً وواجهة لتحركاتها في المنطقة وتعزيز تغلغلها في البلدان الأفريقية الأخرى. كما نشرت تركيا قوات في هذا البلد الأفريقي وأرسلت معهم آلاف المرتزقة السوريين لحمايتهم.

أما الأداة الثالثة لتغلغلها فكان عبر تقديم المساعدات الإنسانية مستغلة فقر هذا البلد الأفريقي، إذ تعمل الاستخبارات التركية تحت مسمى إنساني من أجل جمع المعلومات وإنشاء خلايا لها في عموم البلاد التي تقدم لها تركيا المساعدات.

ويسعى النظام التركي من وراء التغلغل في هذا البلد، للسيطرة على مناجم اليورانيوم التي تتواجد في إقليم أغاديس، إذ تعد النيجر مُنتجاً مهماً لهذه المادة؛ وتحتل احتياطاتها من اليورانيوم المرتبة الأولى عالمياً، وتطمح أنقرة إلى الاستفادة من إمدادات النيجر من اليورانيوم لتوفير الوقود لصناعة الطاقة النووية الناشئة في تركيا، حيث كانت أنقرة تتزود بالوقود النووي من اليورانيوم من شركات كندية وفرنسية، لكن تردي العلاقات بين النيجر والغرب أدى إلى خروج تلك الشركات من النيجر.

ومؤخراً زار وفد تركي ضم وزير الخارجية والدفاع ومسؤولين آخرين، النيجر، وتم خلالها توقيع اتفاقيات من أجل أن تعمل الشركات التركية على تطوير حقول النفط والغاز الطبيعي في النيجر.

كما تعمل تركيا عبر مرتزقتها السوريين على حماية المنجمين عن الذهب الأتراك الذين يتواجدون هناك بكثرة وبدأوا بنهب الذهب من هذا البلد الأفريقي من أجل توفير الأموال للنظام التركي من أجل دعم مشاريعه التوسعية في المنطقة.

ورغم أن تركيا تدّعي بأن تواجدها هناك هو من أجل محاربة الإرهاب، إلا أن الحقيقة تختلف كلياً، فالمرتزقة السوريين مكلفون أساساً بحماية القواعد والمصالح التركية هناك، ودائماً ما يقتل المرتزقة السوريون هناك في الهجمات التي تتعرض لها القواعد التركية، حيث تستخدم تركيا هؤلاء المرتزقة لحماية جنودها من أجل تخفيف الضغط الشعبي التركي على النظام التركي.

مشاركة المقال عبر