آراء وتحليلات

لا حــ ـياة لمن تنادي …. أهاليهم تحت القـ ـصـ ـف… وهم مرابـ ـطون في نيجيريا

صالح حسين

عادت الطائرات الحربية الروسية لتحوم في سماء ما تسمى بمناطق خفض التصعيد، وبشكل خاص في ريف إدلب، وتلقي بنيرانها على الأهداف المحددة مسبقاً. فيما لا تكف مسيرات وقذائف قوات الحكومة السورية عن إشعال جبهات القتال. بينما لسان حال أهالي تلك المناطق يتساءل “أين مقاتلونا الذين يفترض بهم أن يدافعوا عنا”، “أين الجيش الوطني”. لكن دولة مثل نجيريا بعيدة جداً عن إدلب، ولا يبدوا أن مسلحي الجيش الوطني الذين يرابطون هناك لحماية المصالح التركية يستطيعون الاستجابة لنداء أهلهم القابعين تحت النار.

وتركيا أيضاً لا تبدو مهتمة بمصير تلك المناطق، في الوقت الذي تسير فيه مخططاتها مع روسيا على أكمل وجه بالنسبة لمصالح الطرفين، حيث تتجول عربات عسكرية روسية تركية في مناطق مختلف المناطق التي تسيطر عليها تركيا والفصائل الموالية لها. وتحرس بكل أمانة المعابر التي افتتحها الطرفان بين مناطق سيطرة تركيا ومناطق سيطرة الحكومة السورية.

منذ أن اكتمل مخطط تركيا في السيطرة على المجموعات والفصائل المسلحة المنضوية تحت سقف ما يسمى بالجيش الوطني السوري، فإنها لم تتوقف عن المتاجرة بهم وتسخيرهم لسياساتها ومصالحها، بعد أن نجحت في تغيير بوصلة المعارضة السورية وبشكل خاص بوصلة الفصائل المسلحة من اتجاه دمشق إلى اتجاه مصالح أنقرة في مختلف أصقاع العالم. ولا يعرف كيف تمكنت تركيا من إقناع هؤلاء أن جميع الطرق تؤدي إلى دمشق، بما فيها طرق ليبيا وإذريبجان والصحراء الأفريقية في النيجر.

ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف تركيا عن نشر وإرسال المرتزقة السوريين (كما يسمون في الإعلام العالمي) والاستعانة بهم في مختلف أماكن تواجدها، من ليبيا إلى أذربيجان وأخيراً في داخل الصحراء الأفريقية في دولة النيجر، مستغلة حاجة السوريين للمال لكي تستغلهم حراسا لمشاريعها التوسعية وحماية لمصالحها الاقتصادية.

تبرر تركيا وجود المرتزقة السوريين في أفريقيا عمومًا للحفاظ على مصالحها الاقتصادية والتجارية، ولكن حقيقة الأمر وبحسب تقارير إعلامية فإن هؤلاء المسلحين يتواجدون في معارك قتالية على المثلث الحدودي بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو، تحت قيادة عسكرية روسية، وذلك نظرًا لتقارب والتقاء المصالح التركية الروسية هناك، بالرغم من أن هؤلاء المسلحين معارضين للحكومة السورية وللدور الروسي الداعم له.

إنها لمفارقة كبيرة ومـ ـؤلمـ ـة جداً للسوريين خاصة أولئك الذين يعيشون فيما يسمونها بـ “المـ ـحرر”، ففي الوقت الذي يتـ ـعرضون فيه للقـ ـصـ ـف بشكل يومي، فإن مــ قـ ـاتـ ـليهم الذين كان من المفترض بهم حـ ـراسـ ـتهم والدفـ ـاع عنهم، في الحقيقة يقـ ـاتلـ ـون في مكان بعيد جداً عنهم من أجل تركيا وتحت قيـ ـادة عسـ ـكـ ـرية روسية، فيما الطـ ـائـ ـرات الروسية تنـ ـفث حــ ـمم نـ ـيرانـ ـها على ما تبقى من حياة في تلك المناطق.

 

المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

مشاركة المقال عبر