الأخبار العالم والشرق الاوسط سوريا

بقاء القـ ـوات الأمريكية في سوريا تعـ ـدى المصـ ـالح السياسية وبات قـ ـضـ ـية أمـ ـن قـ ـومـ ـي

عاد الحديث عن إمكانية إقـ ـدام الولايات المتحدة الأمريكية على سـ ـحب قـ ـواتـ ـها من الأراضي السورية إلى الواجهة، بالتزامن مع بدء استـ ـلام إدارة الرئيس دونالد ترامب مهامها في البيت الأبيض.

وتجلى هذا الحديث المتوقع في تصريحات أو تسريبات عن مسؤولين إسرائيليين بأن مسؤولين من البيت الأبيض أبلغوا نظرائهم الإسرائيليين بعزم واشنطن سحب قواتها من سوريا.

إلا أن الرد، المتوقع أيضاً، جاء سريعاً على لسان مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية والذي جدد التزامه بهزيمة تنظيم داعش، ودعم قوات سوريا الديمقراطية “قسد” حليفتها في محاربة التنظيم في سوريا.

ويستبعد مراقبون انسحاباً وشيكاً للقوات الأمريكية من سوريا في ظل تطورات متسارعة جداً عصفت بالمنطقة خلال الأشهر القليلة الماضية، أهما ما جرى ويجري في سوريا، والتي تعزز وفق العديد من الدراسات والتحليلات فرضية بقاء القوت الأمريكية في سوريا لمدة أطول، أو ربما زيادة عددها أيضاً.

وبغض النظر عن العامل السياسي الاستراتيجي المهم المتعلق بتعزيز النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط بعد تراجع النفوذ الروسي والإيراني، يبقى  العامل الأهم والحاسم في الموضوع هو ما يتعلق بشكل مباشر بخطر تنظيم داعش الذي بدا يتنامى في سوريا.

فقد كشف الهجوم الإرهابي في نيو أورليانز، الذي نفذه جندي أميركي سابق موالي لتنظيم “داعش” وأودى بحياة 15 شخصا وإصابة 30 آخرين خلال احتفالات رأس السنة، عن استمرار قدرة التنظيم على إلهام الهجمات في الغرب، حتى مع تراجع سيطرته الجغرافية في مناطق نفوذه.

وجاء الحادث الإرهابي الأخير في الولايات المتحدة، بالتزامن مع تصاعد المخاوف من محاولات التنظيم إعادة بناء نفوذه في سوريا، خاصة بعد انهيار نظام بشار الأسد، في الثامن من كانون الأول الماضي، والفراغ السياسي والأمني الحاصل في البلاد.

وحتى قبل سقوط نظام بشار الأسد توالت العديد من التقارير حول تنامي نفوذ داعش في مناطق البادية السورية. ورغم تراجع نفوذه، شهد تنظيم “داعش” تصاعدا ملحوظا في نشاطه، العام الماضي، من خلال تنفيذ عمليات نوعية داخل سوريا والعراق وخارجهما.

وجاء انهيار نظام الأسد المفاجئ ليمنح التنظيم فرصة جديدة، إذ استولى بحسب تقارير على مخزونات من الأسلحة والمعدات التي خلفها جيش النظام السوري والميليشيات الموالية لإيران. ووفقا لتقارير وخبراء عسكريين، يعمل التنظيم حاليا على تدريب مجندين جدد وحشد قواته في الصحراء السورية، في محاولة لإحياء مشروعه المتطرف.

وسبق أن حذر خبراء استراتيجيين أمريكيين ومراكز دراسات من أن سحب هذه القوات قد يؤدي إلى عودة ظهور التنظيم من جديد. مؤكدين أن الوجود العسكري الأميركي المحدود في المنطقة نجح في كبح قوة تنظيم داعش. وأشاروا إلى أن هذا التطور سيشكل تهديدا مباشرا للحكومة الجديدة في سوريا وأيضا في العراق، وقد يمتد تأثيره إلى داخل الولايات المتحدة من خلال هجمات مشابهة لما حدث في نيو أورليانز.

في ضوء كل هذه المعطيات فإن وجود القوات الأمريكية في سوريا يعتبر عاملاً مهماً لحماية الأمن القومي الأمريكي والذي تعتبره إدارة ترامب هاجسها الأساسي.

ولا يغفل الدور المهم لقوات سوريا الديمقراطية شريكة الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد داعش، حيث تؤكد التقارير أن هذه القوات نجحت بشكل كبير في دحر داعش والقضاء على وجوده الجغرافي إضافة إلى قدرتها الفائقة في إدارة العديد من السجون الخطيرة التي يحتجز فيها عناصر وقيادات خطيرة للتنظيم في مناطق شمال وشرق سوريا.

ولا يرجح مراقبون أن ترتكب واشنطن خطأ مماثلاً لما أقدمت عليه في عام 2019 حين قررت سحب قواتها من سوريا. خاصة أن التحالف الدولي بات يخشى من أن انشغال قوات سوريا الديمقراطية بردع هجمات الفصائل الموالية لتركيا قد يؤدي إلى تراجع اهتمامها بمحاربة داعش وكذلك قد يقوض قدراتها على حماية السجون.

 

مشاركة المقال عبر