الأخبار سوريا

لماذا يتـ ـجنبـ ـون الحديث عنهم.. ما مصـ ـير العنـ ـاصـ ـر الأجـ ـنبـ ـية ضمن تحـ ـريـ ـر الـ ـشـ ـام؟

سيـ ـطـ ـرت هيـ ـئـ ـة تـ ـحـ ـريـ ـر الـ ـشـ ـام برفقة مجمـ ـوعـ ـات مسـ ـلـ ـحة متعددة، على الحـ ـكم في سوريا، ولكن الملفت للانتباه أن الجميع يتـ ـحـ ـاشـ ـون الحديث عن العنـ ـاصـ ـر الأجنـ ـبـ ـية ضمن تـ ـحـ ـريـ ـر الـ ـشـ ـام وتلك المجـ ـمـ ـوعات، في وقت قام أحـ ـمـ ـد الشـ ـرع بمـ ـنح بعـ ـضهم رتـ ـب عسـ ـكـ ـرية ما زاد من مـ ـخـ ـاوف السوريين والمجتمع الدولي على حد سواء.

بعد أكثر من 13 عاماً من الحرب في سوريا، وفي تطور لافت، سيطرت هيئة تحرير الشام ومجموعة من الفصائل الموالية لها، على الحكم في سوريا يوم 8 كانون الأول 2024. ورغم الفرح الذي ساد سوريا لبضعة أيام بالتخلص من نظام الطاغية بشار الأسد، بدأت مخاوف السوريين تظهر للعلن مع انتشار فيديوهات لعناصر أجنبية تتجول بكل راحة في أنحاء سوريا، وانتشار مقاطع مصورة للمتشددين الأجانب ضمن تحرير الشام وهم يحرقون شجرة عيد الميلاد في سقيلبية بريف حماة ويتجولون بحرية في المسجد الأموي ويرسلون رسائل تهديدية إلى الجوار من هناك.

وما زاد من خشية السوريين بأن لا تكون سوريا الجديدة للسوريين، هو إصدار وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة قراراً، بتوقيع أحمد الشرع، يقضي بترقية عدد من قادة الفصائل المسلحة، ومن بين هؤلاء القادة سبعة “جهاديين” عرب وأجانب تمت ترقيتهم إلى رتب لواء وعقيد.

ووفقاً للقرار، تمت ترقية عبد الرحمن حسين الخطيب إلى رتبة لواء في الجيش السوري الجديد، وهو يحمل الجنسية الأردنية ومن أصل فلسطيني، وهو معروف بأنه شخصية سلفية جهادية.

كما شملت الترقيات الجديدة أيضاً:

– عبد العزيز داود خدابردي (أبو محمد التركستاني) من تركستان – رتبة لواء

– عمر محمد جفتشي (مختار التركي) من تركيا – رتبة لواء

– عبدل صمريز يشاري من ألبانيا – رتبة عقيد

– مولان تيرسون عبد الصمد من طاجيكستان – رتبة عقيد

– علاء محمد عبد الباقي من مصر – رتبة عقيد

– إبنيان أحمد حريري من الأردن – رتبة عقيد

وشمل القرار أيضاً ترقية كل من مرهف أحمد أبو قصرة وعلي نور الدين النعسان إلى رتبة لواء، إضافة إلى ترقية أكثر من 42 ضابطاً إلى رتبة عقيد.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما هو مصير المقاتلين الأجانب ضمن هيئة تحرير الشام؟

إن وجود المقاتلين الأجانب ضمن هيئة تحرير الشام ومنحهم رتب عسكرية ضمن سوريا يعتبر من القضايا الأكثر تعقيداً وإثارة للقلق، إذ يحمل أبعاداً سياسية، أمنية، وإنسانية.

خطر أمني

إن وجود آلاف المقاتلين الأجانب داخل هيئة تحرير الشام، المنحدرين من عشرات الدول، يجعلهم تهديداً محتملاً لأمن المنطقة والعالم. ومع سعي تحرير الشام لجعل هؤلاء جزءاً من جيش الدولة، فقد يؤدي هذا إلى تكوين ملاذ آمن لهم واستمرار نشاطاتهم المتطرفة.

وتسعى تحرير الشام لدمج هؤلاء الأجانب في النسيج السياسي والعسكري للنظام الجديد، وهذا من شأنه أن يضعف فرص أي تسوية سياسية دولية، لان العديد من هؤلاء يعتبرون إرهابيين بنظر دولهم والعديد من الدول حول العالم.

ما هو مصير المقاتلين الأجانب المحتمل؟

قد تسعى هيئة تحرير الشام إلى دمج بعض المقاتلين الأجانب في الجيش أو المؤسسات الأمنية لتوظيف خبراتهم القتالية، وهذا الخيار سيواجه رفضاً داخلياً ودولياً بسبب خطورتهم الفكرية وتاريخهم في التنظيمات الإرهابية.

وقد تعمل الهيئة على عزل المقاتلين الأجانب في معسكرات أو مناطق نائية لتجنب الضغط الشعبي والدولي، وهذا سيظل ذلك حلاً مؤقتاً، إذ يمكن أن يتحول هؤلاء المقاتلون إلى خلايا نائمة.

أما الاحتمال الثالث فقد تلجأ الهيئة إلى تصفية المقاتلين الأجانب أو التخلص منهم، سواء بالتصفية الجسدية أو تسليمهم لدولهم، للتخفيف من الضغوط الدولية.

ولكن ماذا عن السيناريوهات الدولية؟

قد تطلب بعض الدول تسليم مواطنيها من المقاتلين لمحاكمتهم في بلادهم، لكن العديد من الدول ترفض استقبالهم خوفاً من زعزعة استقرارها الداخلي.

ويمكن أن تحاول الهيئة تصدير هؤلاء المقاتلين إلى مناطق نزاع جديدة مثل إفريقيا أو أفغانستان، حيث تستفيد منهم جماعات متشددة أخرى.

وقد يلجأ المجتمع الدولي لشن ضربات عسكرية تستهدف تجمعات المقاتلين الأجانب داخل سوريا، خصوصاً إذا شكلوا تهديداً مباشراً لدول الجوار أو العالم.

ومن الملاحظ حتى الآن، أن الدول ورغم زيارات البعثات الدبلوماسية إلى سوريا ولقاء الإدارة الجديدة في دمشق، نرى أنها تعبر بشكل صريح من خشيتها من هيئة تحرير الشام والمقاتلين الأجانب ضمنها، حتى وإن لم يظهر ذلك على الإعلام.

وفي حال عدم قدرة تحرير الشام على إيجاد حل يرضي المجتمع الدولي حيال هؤلاء الأجانب، فأن الحكومة الجديدة في دمشق ستعاني من عزلة دولية وسترفض الدول التعامل معها وستعمل على فرض عقوبات صارمة عليها، ولذلك فأن أمريكا كانت أول من مدد عقوبات قيصر حتى عام 2029 وذلك من أجل زيادة الضغوط على تحرير الشام.

محلياً، وجود المقاتلين الأجانب يعزز من حالة عدم الاستقرار، مما سيصعّب أي جهود لإعادة الإعمار أو تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في سوريا، ويمكن أن تنزلق البلاد نحو حرب أهلية مستقبلاً.

وبالتالي؛ إذا ظل المقاتلون الأجانب جزءاً من المنظومة الجديدة، ستواجه سوريا خطر استمرار الفكر المتطرف، مما يهدد مستقبل الدولة والمجتمع.

وعليه، يجب أن يركز المجتمع الدولي على تقديم هؤلاء المقاتلين إلى العدالة من خلال محاكمات دولية تتوافق مع القانون الدولي.

كما ينبغي تقديم دعم لحلول سياسية تمنع تحويل سوريا إلى ملاذ آمن جديد للإرهابيين. فضلاً عن ضرورة أن يضغط المجتمع الدولي على الدول التي تقدم الدعم لهذه الجماعات وخصوصاً تركيا من أجل وقف أي شكل من أشكال الدعم المستقبلي لها.

إن مصير المقاتلين الأجانب في هيئة تحرير الشام يبقى مصدر تهديد كبير، ليس فقط لسوريا بل للعالم بأسره. ويحتاج المجتمع الدولي إلى استراتيجية شاملة تتضمن محاسبة هؤلاء المقاتلين ومنع انتشارهم، مع دعم أي جهود سياسية تهدف إلى منع التنظيمات المتطرفة من السيطرة على مستقبل سوريا.

مشاركة المقال عبر