الأخبار تركيا سوريا

لمعـ ـاقـ ـبة الفصـ ـائل وتسهيل الاتفاق مع روسيا.. الاستخـ ـبـ ـارات التركية ستـ ـسـ ـلم الحـ ـواجـ ـز للشـ ـرطة العسـ ـكـ ـرية

تسعى الاستخـ ـبـ ـارات التركية لتسـ ـلـ ـيم الحـ ـواجـ ـز والمعابر للشـ ـرطـ ـة العسـ ـكـ ـرية التي أثبتت ولائـ ـها التام لتركيا خلال قمـ ـعـ ـها للاحتـ ـجـ ـاجـ ـات التي شهدها الشمال السوري في تموز/يوليو الفائت رفـ ـضـ ـاً للتطبيع، وكذلك لضمان تطبيق اتفاقاتها مع الجانب الروسي نتيجة رفـ ـض بعض الفـ ـصـ ـائل تلك الاتفاقات التي تستهـ ـدفـ ـها بالدرجة الأولى.

بعد أن أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومسؤولو حكومته التصريحات الواحدة تلو الأخرى حول إعادة تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، بدأت تركيا بخطوات عملية على الأرض منها فتح المعابر مع مناطق سيطرة الحكومة السورية وعقد اجتماعات مع الجانب الروسي لافتتاح المزيد من المعابر.

والآن تريد تركيا إبعاد فصائل الجيش الوطني عن المعابر التي توفر مصدر دخل كبير للفصائل.

وفي هذا السياق، قالت مصادر مطلعة، إن الحواجز المنتشرة في مناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة تركيا، سيجري تسليمها للشرطة العسكرية.

ولفتت المصادر، أن مسؤولين في الاستخبارات التركية عقدوا اجتماعاً مع وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف السوري، وناقشوا تسليم عموم الحواجز للشرطة العسكرية.

وأوضحت المصادر، أن المسؤولين الأتراك، أخبروا وزارة الدفاع، بأن على جميع عناصر الجيش الوطني المنتشرين على الحواجز تسليم تلك الحواجز للشرطة العسكرية والانسحاب من تلك الحواجز بعد عملية التسليم وعدم الاقتراب منها تحت طائلة المسؤولية والمحاسبة.

خطة قديمة تتجدد

هذا وكانت الاستخبارات التركية قد أصدرت بداية عام 2023 تعليمات بتسليم جميع المعابر ونقاط العبور والحواجز على الطرق، للشرطة العسكرية، وتحججت بأن الهدف من هذه الخطوة هو ضبط الحواجز وتنظيم عملها.

وحينها وعد الناطق الرسمي لوزارة الدفاع في حكومة الائتلاف، المدعو أيمن شرارة، بضبط عمل عناصر الحواجز، وتطبيق قرارات جديدة تساهم في “تأمين الأمن والاستقرار”، ولكن لم يحدث أياً مما ذكر رغم مرور أكثر من عام ونصف منذ ذلك الوقت.

وفي ذلك الوقت، استلمت الشرطة العسكرية عدداً قليلاً جداً من الحواجز في بعض المناطق ولم تستطع استلامها في مناطق كثيرة بسبب رفض فصائل الجيش الوطني المستفيدة من تلك المعابر، وخصوصاً فصائل الفيلق الثالث وكذلك الفصائل المقربة من هيئة تحرير الشام.

ويجني قادة الفصائل آلاف الدولارات يومياً من خلال الإتاوات التي يفرضونها على الأهالي والسيارات المدنية والتجارية المارة، فضلاً عن جني أموال طائلة من عمليات تهريب البشر والمخدرات عبرها.

وفي السياق، ترى المصادر المطلعة أن الغاية الأساسية من تسليم الحواجز، هو تأمين رواتب الشرطة العسكرية من تلك المعابر ونقاط العبور، إذ أن الاستخبارات التركية هي التي تقدم رواتب الشرطة العسكرية الذين يتحركون بأوامر مباشرة من الاستخبارات التركية ولا يخرجون عن طاعتها.

وأكدت المصادر، أن الاستخبارات التركية مصّرة على تسليم المعابر ونقاط العبور والحواجز للشرطة العسكرية التي لا تخرج أبداً على قراراتها عكس بعض فصائل الجيش الوطني التي ترفض أحياناً تنفيذ بعض الأوامر من أجل مصلحتها الشخصية المرتبطة بجني الأموال.

وخلال الفترة الماضية وخصوصاً مطلع تموز/يوليو الفائت، شهدت مدن الشمال السوري الخاضعة لسيطرة تركيا مظاهرات واحتجاجات عارمة رفضاً للتصريحات التي أطلقها الرئيس التركي حول التطبيع مع الحكومة السورية وكذلك بعد تعرض اللاجئين السوريين لهجمات عنصرية داخل تركيا، وحينها قاد عناصر من الجيش الوطني الاحتجاجات التي استخدمت فيها القوات التركية الرصاص الحي وقتلت وأصابت العشرات واعتقلت الشرطة العسكرية وبأوامر تركية لاحقاً عشرات العناصر الذين قادوا الاحتجاجات.

والملفت للانتباه أن هذه الخطوة التي تريد الاستخبارات التركية اتخاذها، تأتي أيضاً بعد عقد اجتماع بين الاستخبارات التركية والقوات الروسية في مدينة سراقب في الـ 17 من تموز/يوليو الفائت.

حيث ناقش الاجتماع فتح الطرق والمعابر بين مناطق سيطرة تركيا في الشمال السوري ومناطق سيطرة الحكومة السورية.

وترفض العديد من فصائل الجيش الوطني وخصوصاً العربية السنّية منها اتفاقات تركيا مع روسيا، لأنها تدرك تماماً أنها ستكون الضحية في أي اتفاق لتطبيع العلاقات بين تركيا والحكومة السورية ولذلك فهي ترفض المخططات التركية واتفاقاتها مع روسيا، وخطوة إبعاد تلك الفصائل من الحواجز يعني تجفيف مصادر تمويلها وبالتالي جعلها أداةً طيّعة في يد الاستخبارات التركية وتصفيتها متى ما أرادت.

الشرطة العسكرية سيئة الصيت

ورغم الادعاءات بأن الشرطة العسكرية تشكلت من أجل ضبط الأمن في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا، ولكن الواقع يقول عكس ذلك، إذ تم إنشاء الشرطة العسكرية من قبل تركيا، كأداة لتنفيذ مخططاتها، ففي عموم مدن الشمال السوري وخصوصاً مدينة عفرين تمارس الشرطة العسكرية عمليات الاختطاف والاستيلاء وطرد السكان الكورد، فتركيا كدولة احتلال تحاول التملص من مسؤولياتها عبر هذه المجموعة التي شكلتها.

وسبق أن وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها نُشر في 29 شباط/فبراير 2024 وحمل عنوان ” “كل شي بقوة السلاح… الانتهاكات والإفلات من العقاب في مناطق شمال سوريا التي تحتلها تركيا”، الجرائم التي ارتكبتها فصائل الجيش الوطني والشرطة العسكرية في تلك المناطق.

وقال التقرير إن الشرطة العسكرية والمدنية التي أنشِأت تحت إشراف الحكومة المؤقتة تخضع للقوات العسكرية ووكالات المخابرات التركية.

ووثّق التقرير عمليات الاختطاف والاعتقال التعسفي والاحتجاز غير القانوني، بما في ذلك تلك الواقعة على الأطفال، والعنف الجنسي، والتعذيب من قبل الفصائل المختلفة في الجيش الوطني السوري، والشرطة العسكرية، وأعضاء القوات المسلحة التركية ووكالات الاستخبارات التركية، بما في ذلك “جهاز الاستخبارات الوطنية” (ميت) وعدد من مديريات المخابرات العسكرية.

كما وثّق التقرير أيضاً انتهاكات حقوق السكن والأراضي والملكية، بما في ذلك عمليات النهب والسلب على نطاق واسع، فضلاً عن الاستيلاء على الممتلكات والابتزاز.

مشاركة المقال عبر