آراء وتحليلات

على الفصـ ـائل العربية في شمال سوريا أن تشد الرحال…. التركمان قادمون

أسعد حسين

 

الرد السوري الرسمي على دعوة أردوغان للقاء الأسد في إطار مساعي التطبيع، والشروط السورية بعودة الأوضاع إلى ما قبل 2011، يبدو أنها لن تثني أنقرة عن مواصلة مساعيها من خلال سلسلة إجراءات، سيكون من بينها التخلي عن العديد من الفصائل المسلحة العاملة ضمن صفوف الجيش الوطني السوري الذي تدعمه تركيا.

وسبق أن أعرب وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، عن وقوفه ضد ما أسماها “كل التنظيمات الإرهابية في الأراضي السورية” مؤكداً أن ملف محاربتها سيكون على طاولة المباحثات. في إشارة واضحة إلى تركيا مضطرة بطريقة ما للتخلي عن الكثير من المجموعات المنضوية في صفوف الجيش الوطني وكذلك هيئة تحرير الشام والحزب الإسلامي التركستاني وغيرها.

إلا أن تركيا لن تتخلى بشكل نهائي عن ورقة الفصائل المسلحة سواء لاستخدامهم كحراس للمناطق التي تسيطر عليها شمال سوريا، أو لتعويمهم وربما تحويلهم إلى طرف سياسي يمثل المصالح التركية في أية مفاوضات أو مباحثات مع الحكومة السورية.

ولطالما كان السؤال المطروح من قبل المعارضة السورية الموالية لتركيا هو، من هي المجموعات التي ستتخلى عنهم تركيا؟

والجواب على هذا السؤال لا يبدو عصياً للمتابع لتطورات الأحداث خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث يبدو جلياً أن تركيا بدأت بمساعي تعزيز سلطة عدد من الفصائل التي تضمن ولائها لها، وبالأخص الفصائل التركمانية، على حساب الفصائل العربية السنية.

وأظهرت صور وتقارير إعلامية أن زعيم حزب الحـ.ـركة القـ.ـومية التركي دولت بهجلي استقبل في مقر حزبه في العاصمة التركية أنقرة قائد لـ.ـواء السـ.ـلطان سليمان شاه في ” الجيـ.ـش الوطني ” محمد جاسم الملقب بـ (أبو عمشة) و قائد فـ.ـرقة الحمـ.ـزة سيف بولات. علماً أن الفصيلين مدرجان في قائمة العقوبات الأمريكية.

كان من عادة السياسة التركية في تعويم الفصائل المتهمة بارتكاب جرائم انتهاكات، هو تغيير قادتها أو تغيير أسمائها وبالتالي الالتفاف على التقارير الحقوقية والعقوبات، كما فعلت مع جبهة النصرة حين غيرت اسمها إلى “هيئة تحرير الشام”. إلا أنها فيما يبدو لم تفعل ذلك مع الفصائل التركمانية، بل تحاول الترويج لها وتلميع صورتها ومحاولة فرضها كقوة عسكرية وسياسية تمثل المصالح التركية في سوريا ما بعد التطبيع.

واستقبال المتزعمان المتهمان بجرائم حرب في المناطق التي يسيطرون عليها وخاصة في عفرين، بهذا الشكل العلني من قبل زعيم حزب الحركة القومية التركي يصب في سياق هذه المساعي.

وبحسب تقرير الخزانة الأمريكية فإن القيادي في “الجيش السوري الوطني” محمد الجاسم أو الملقب بـ”أبو عمشة”   “يعرض سكان هذه المنطقة للاختطاف والابتزاز، واستهدف سكان عفرين الأكراد، وكثير منهم يتعرضون للمضايقات والاختطاف وانتهاكات أخرى إلى أن يضطروا إلى هجر منازلهم، أو دفع فدية كبيرة مقابل إعادة ممتلكاتهم أو أفراد عائلاتهم”.

ويقول التقرير “تحت قيادة أبو عمشة، تم توجيه أعضاء اللواء لتهجير السكان الأكراد قسرا والاستيلاء على ممتلكاتهم، وتوفير منازل مهجورة للسوريين من خارج المنطقة الذين غالباً ما يرتبطون بالمقاتلين في اللواء”،

كما أشار تقرير الخزانة الأميركية إلى أن “فرقة الحمزة” أو كما تعرف محليا بـ”الحمزات” “متورطة في عمليات اختطاف وسرقة ممتلكات وتعذيب”.

و”تدير الفرقة أيضا مراكز احتجاز يأوي فيها أولئك الذين اختطفتهم لفترات طويلة، وأثناء سجنهم غالبا ما يتعرضون للاعتداء الجنسي”.

وأوضحت الخزانة أن “سيف بولاد أبو بكر هو قائد الفرقة ووجهها العام، وظهر في العديد من مقاطع الفيديو الدعائية”.

وبينما كان قائدا، اتُهمت فرقته “بقمع وحشي للسكان المحليين، بما في ذلك اختطاف نساء كرديات وإساءة معاملة السجناء بشدة، مما أدى في بعض الأحيان إلى وفاتهم”.

إن تشدق تركيا بقوة بمجموعات مسلحة متهمة بارتكاب فظائع بحق سكان المناطق التي تسيطر عليها، رغم العقوبات المفروضة عليها، يدعم بشدة ما ذهب إليه العديد من المراقبين، وهو أن على باقي الفصائل العربية السنية أن تشد الرحال وتترك مصير مناطق شمال سوريا للمجموعات التركمانية. لأن تركيا لن تترك لهم سوى خيارين أحلاهما مر، وهما أما أن تستسلم لحكومة دمشق أو أن يعملوا كمرتزقة في حروب تركيا ومصالحها.

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

 

مشاركة المقال عبر