الأخبار سوريا

دمشق تجري بعد غدٍ انتخابات تشريعية فـ ـاقـ ـدة للشـ ـرعـ ـية

تستعد الحكومة السورية لإجراء انتخابات مجلس الشعب في مناطق سيـ ـطـ ـرتها يوم الـ 15 من تموز/يوليو الجاري، في انتخابات شكلية وفـ ـاقـ ـدة للشـ ـرعـ ـية، لا يُنتظر أن تحمل نتـ ـائـ ـجـ ـها مفـ ـاجـ ـآت أو تغييراً في المشهد السياسي الذي يتصدّره حزب البعـ ـث الحـ ـاكـ ـم.

والانتخابات التي حدّد بشار الأسد موعدها، هي رابع انتخابات تُجرى منذ اندلاع الأزمة السورية في العام 2011، في ظل غياب أيّ معارضة فعليّة مؤثرة داخل سوريا وبينما لا تزال مناطق واسعة خارج سيطرة الحكومة لن تجرى فيها الانتخابات والفائزون عن تلك المناطق محسومون سلفاً.

وتُجرى الانتخابات التشريعية مرة كل أربع سنوات. ويفوز بانتظام حزب البعث بغالبيّة المقاعد البالغة 250 مقعداً فيما تحجز المقاعد المتبقية للأحزاب المنضوية في الجبهة الوطنية التقدمية والتي يقودها حزب البعث أيضاً فيما.

وتتوزّع المقاعد مناصفة تقريباً بين قطاع العمّال والفلاحين (127 مقعدا) وبقيّة فئات الشعب (123 مقعداً). وبلغ عدد المتقدمين لهذه الدورة البرلمانية 8,953 مرشحاً، بينهم 1317 امرأة، وفق الحكومة.

واعتاد السوريون على رؤية صور الشخصيات ذاتها التي تفوز في كل انتخابات تشريعية تجريها الحكومة السورية منذ عقود، حتى وإن تغيرت بعض الصور في ظل سنوات الأزمة.

والمرشحون هم بعثيون بامتياز، والملفت أن عدداً من هؤلاء الذين رشحهم حزب البعث هم من الإعلاميين في مؤسساتها أي أنهم من المطبلين والمزمرين للحكومة ويدافعون عن أخطاءها ويبررون جميع ممارساتها وقراراتها العشوائية. إلى جانب وجود عدد من تجار الحروب بين المرشحين وهم الذين نهبوا البلاد طولاً وعرضاً وباتوا يحاربون الفقير في لقمة عيشه إلى جانب وجود بعض البعثيين القدامى الذين هم ربما لا يجيدون القراءة والكتابة ويجري ترشيحهم من قبل حزب البعث على أنهم ممثلون للعشائر العربية في حين أنهم لا يتمتعون بأي وزن ضمن عشائرهم.

ويتفق سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة أن البرنامج الانتخابي الذي يعلنه هؤلاء المرشحين، لن يتحقق منه شيء لأن مجلس الشعب لدى الحكومة بذاته هو مؤسسة شكلية ولا يهمها الشعب ولا أوضاعه ومهمتها فقط شرعنة القرارات التي تصدرها الحكومة بحق الشعب.

هذه الانتخابات التي ستجرى هي شكلية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، إذ أن نحو 35 % من الأراضي السورية خارجة عن سيطرة الحكومة في دمشق، وسكان تلك المناطق لن يشاركوا في الانتخابات في حين أن المرشحين عن مناطقهم قد تم تعليق صورهم في العاصمة دمشق وخصوصاً إدلب، فمرشح إدلب سيتم انتخابه من قبل السلطة وليس من قبل الشعب لأن المنطقة واقعة تحت سيطرة تركيا وهيئة تحرير الشام/جبهة النصرة سابقاً.

وفي الوقت الذي يتم فيه الحديث بأن عدد سكان سوريا يبلغ نحو 24 مليون نسمة في الوقت الحالي، فأن تقديرات منظمات الأمم المتحدة والمنظمات السورية المعنية، تشير إلى أن عدد اللاجئين السوريين حول العالم يبلغ نحو 6.5 ملايين سوري، كما يبلغ عدد النازحين داخل البلاد نحو 6 ملايين نازح وهؤلاء النازحون يعيشون في مناطق خارج سيطرة الحكومة، أي أن نصف سكان البلاد لاجئون خارجياً ونازحون داخلياً، ويضاف إلى ذلك سكان مناطق شمال وشرق سوريا والشمال السوري الخاضع لسيطرة تركيا والبالغ عددهم تقديرياً 5 مليون نسمة، وبذلك يبقى نحو 8 مليون نسمة فقط في مناطق سيطرة الحكومة التي شهدت هجرة كبيرة خلال الفترة الماضية للفئة الشابة منها.

وأمام هذا الوضع الذي تعيشه سوريا، فأن هذه الانتخابات تعتبر غير شرعية لعدم مشاركة أكثر من نصف السوريين فيها، علاوة عن أن أبناء السويداء أكدوا مقاطعتهم للانتخابات وكذلك الحال في درعا ومناطق أخرى من ريف حمص والتي تعيش أوضاعاً أمنية متدهورة رغم إجراء الحكومة السورية ما تسمى “التسويات” فيها.

ولأن الحكومة السورية تدرك أن الشعب لن يشارك في الانتخابات، لذلك فهي تفرض على جميع الموظفين لديها المشاركة في الاقتراع، وبطبيعة الحال فأن أولئك الموظفون مجبرون على التوجه لصناديق الاقتراع رغماً عنهم لأن عدم مشاركتهم فيها سيعرضهم للملاحقة الأمنية والاعتقال والارتباط بجهات خارجية وهي التهمة الجاهزة التي تطلقها دمشق على كل من يخالف سياساتها.

لا صناديق اقتراع في مناطق شمال وشرق سوريا

وكالانتخابات السابقة، فأنه لن توضع صناديق الاقتراع في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وسيقتصر وضع الصناديق على مربعين أمنيين في مدينتي القامشلي والحسكة وسيقتصر التوجه إليها على عناصر الجيش والشرطة وبعض الموظفين البعثيين لدى الحكومة في تلك المربعات الأمنية.

ومساء اليوم أصدر مجلس سوريا الديمقراطية بياناً حول الانتخابات، أشار فيه إن من واجبه الوطني تحديد موقفه بشكل رسمي تجاه الانتخابات التشريعية التي تجريها دمشق وما يرتبط بها من قضايا جوهرية تمس مستقبل سوريا وتطلعات شعبها.

وأعلن المجلس مقاطعة الانتخابات كما حثُّ الشعب السوري وجميع القوى الوطنية والديمقراطية على عدم المشاركة فيها. وشدد على أنَّ الحلَّ السياسي الشامل، المستند إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254، هو السبيل لتجاوز الأزمة السورية وتحقيق آمال الشعب السوري. ونؤكد أهمية الحوار السوري – السوري كركيزة أساسية لأي حل سياسي مستدام يضمن مصالح جميع السوريين.

كما دعا المجلس المجتمع الدولي إلى ممارسة الضغط الفعَّال على جميع الأطراف للانخراط بجدية في مسار الحل السياسي، وتهيئة الأرضية المناسبة لعملية انتقال سياسي حقيقي. وأكد على ضرورة توفير الشروط الأساسية لأي عملية سياسية ذات مصداقية، بما في ذلك إطلاق سراح المعتقلين، وضمان العودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين لمناطق سكناهم الأصلية، وإنهاء جميع أشكال القمع والانتهاكات ضد المدنيين، وتوفير بيئة سياسية وإعلامية حرة ومحايدة، وإنهاء كافة أشكال الاحتلال للأراضي السورية.

وعلى الرغم من اتفاق جميع الأطراف على عدم شرعية الانتخابات التشريعية التي تجريها دمشق في مناطق سيطرتها إلا أن أحداً لا يتحدث عنها، على عكس انتخابات الإدارة المحلية التي أعلنت عنها الإدارة الذاتية والتي ستجرى في شهر آب/أغسطس القادم.

فمناطق شمال وشرق سوريا تتميز بتوفر الأمن والأمان فيها وهي أكثر المناطق السورية استقراراً مقارنة مع مناطق سيطرة الحكومة والمناطق الخاضعة لسيطرة تركيا والائتلاف السوري، وكما تتميز بحرية إعلامية وحرية ممارسة النشاط السياسي فيها، ورغم ذلك فهي تعرضت للهجمات من قبل عدد من الأطراف وفي مقدمتها تركيا التي تخشى من إجراء انتخابات ديمقراطية في سوريا التي تعيش حالة أزمة في مناطق سيطرة الحكومة وحالة من الفوضى والفلتان الأمني في مناطق سيطرة تركيا من الشمال السوري.

مشاركة المقال عبر