آراء وتحليلات

تركيا أنجزت مهمتها في سوريا والمـ ـعارضة السورية في فـ ـخ الصفـ ـقات الروسية التركية

“توقف الصراع بين النظام والمعارضة، هو “الإنجاز الرئيسي” لتركيا وروسيا.

بهذه العبارة لخص وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مسار السياسة التركية في سوريا منذ بدء الأزمة وحتى اليوم، لكنه نسي أن يزيل عبارته تلك بمقولة (هو الهدف الأول والأخير لتركيا).

وقال الوزير التركي في مقابلة مع قناة “خبر تورك” التركية، إن “أهم شيء تمكن الروس ونحن من تحقيقه في سوريا هو أنه لا توجد حرب حاليا بين النظام والمعارضة، ولفت إلى أن مفاوضات أستانا والأشكال الأخرى جعلت ذلك ممكنا في الوقت الحالي”.

قد يكون لعبارة “لا توجد حرب” وقع رنان على وناعم وسلس باعتبار أن لكل حرب نهاية ذات يوم. إلا أن وقعها سيكون مختلفاً جداً على الطرف الآخر من الحرب والمتمثل بالمعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري، التي لم تكن أبداً طرفاً في أي من صفقات وقف القتال في سوريا منذ تسليم الغوطة والفوعة ومروراً بصفقات تسليم حلب للحكومة السورية، وحصر المعارضة في مناطق محددة متاخمة للحدود التركية، وجعلها رهينة للسياسات والمخططات التركية سواء في حربها الداخلية مع الكورد أو في حروبها الخارجية.

تعلم المعارضة قبل الحكومة، وتعلم روسيا وكذلك أمريكا وباقي الأطراف المتدخلة في سوريا أن تركيا كانت السبب الرئيسي لتحول حراك الشعب السوري إلى التسلح، وقامت بتشكيل ودعم وإدخال العديد من المجموعات المسلحة في سوريا، وبالتالي فهي المسؤولة عن كل الدمار الذي لحق بسوريا حتى اليوم.

لقد خسرت المعارضة السورية المسلحة مساحات كبيرة من مناطق سيطرتها في سوريا، ليس ميدانياً أو عبر مفاوضات مباشرة ووجهاً لوجه مع الحكومة، بل عبر صفقات مشبوهة بين تركيا والحكومة بوساطة روسية، ولم يمكن على المعارضة سوى تقبل الإملاءات والرضوخ للأمر الواقع.

تمكنت تركيا من لي ذراع المعارضة، عبر تعزيز قوة وسلطة مجموعات تركمانية موالية لها على حساب المجموعات الأخرى السنية. وبالتالي نجحت في توجيه بوصلة المعارضة من النضال من أجل مصالح “الثورة” السورية، إلى العمل كأدوات لتنفيذ مصالح تركيا، حيث استخدمتهم تركيا في حربها وعملياتها العسكرية ضد الكورد أولاً وضد الإدارة الذاتية من خلال سلسلة عمليات في عفرين ورأس العين وتل أبيض. وهي المناطق التي تسيطر عليها تركيا حالياً وتقوم بتشغيل فصائل ومجاميع المعارضة كحراس ومرتزقة في تلك المناطق.

طبعاً لا يخفى أيضاً تحول عشرات الآلاف من عناصر تلك المجموعات إلى مرتزقة حقيقيين ونقلهم إلى ليبيا وآذربيجان والنيجر للقتال لصالح المصالح التركية هناك.

لكن يبدو أن الأمور تتجه إلى ما هو أسوأ بكثير بالنسبة للمعارضة، مع توارد الحديث عن صفقات روسية تركية جديدة، حول التطبيع مع الحكومة السورية. والهدف هذه المرة أيضاً لن يكون صالح الثورة السورية ولا الشعب السوري كما هو واضح من تصريحات وزير الخارجية التركي، بل أن الهدف دائماً هو توجيه سوريا حكومة ومعارضة للحرب ضد الكرد وضد الإدارة الذاتية بما يحقق في النهاية المصالح التركية فقط.

الأمر لن يقف عند هذا الحد طبعاً، لأن روسيا والحكومة لن تقبل التصالح مع هذه المعارضة، وبالتالي سيتعين على تركيا القضاء عليها وتصفيتها، سواء من خلال زج عناصرها في حروبها الخارجية، أو من خلال تأجيج خلافات وصراعات داخلية أو إجبارها للاستسلام للحكومة والخضوع لبرنامج المصالحات الذي ترعاه روسيا بين الحكومة والمسلحين في العديد من المناطق.

 

مشاركة المقال عبر