الأخبار تركيا سوريا

مخـ ـططات جديدة بين أنقرة وموسكو في الشمال السوري… أمريكا تدخل على الخط!

لا تتوقف تركيا عن وضع المخـ ـططات في الشمال السوري، بهدف ضمان سيـ ـطـ ـرتها على المناطق ذات الغالبية الكوردية بعد أن غيّرت ديمغـ ـرافـ ـيتها، وذلك بالتوافق مع روسيا، وتقوم الاستـ ـخبـ ـارات التركية بوضع مخـ ـططات تصـ ـفية بعض الفصـ ـائل وتوجيه بعضها لمحـ ـاربة الأخرى، فيما تدخلت أمريكا مرة أخرى لدعم بعض الفصـ ـائل التي كانت تدعمها في بداية الأز.مة السورية خشـ ـية تقوية الموقف الروسي في إدلب بعد اللقاءات الروسية التركية الأخيرة.

منذ بداية الأزمة السورية، تدخل حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية لتقديم الدعم لبعض فصائل الجيش الحر (الجيش الوطني حالياً) ولكن بعد فترة من الزمن توقفت عن دعمها نظراً لتغير الاستراتيجية الأمريكية وثبوت ولاء تلك الفصائل لأطراف أخرى. ولكن يبدو أن الناتو يريد العودة إلى مناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة تركيا عبر مساعي إعادة دعم بعض تلك الفصائل للوقوف بوجه المخططات الروسية التي تجري هناك باتفاق مع تركيا الدولة العضو في الناتو.

وفي السياق، عقدت الولايات المتحدة الأمريكية في التاسع والعشرين من نيسان العام الجاري، اجتماعاً مع قائد جيش العزة المدعو جميل الصالح، وذلك في قاعدة أنجرلك التابعة لحلف الناتو والموجودة في مدينة أضنة التركية.

وبحسب المعلومات التي كشفت عنها مصادر مطلعة، فأن جماعة “الخوذ البيضاء” هي من توسطت لعقد اللقاء بين الجانب الأمريكي وجيش العزة.

وأوضحت المصادر، أنه في نهاية الاجتماع رصدت الولايات المتحدة مبلغ 600 ألف دولار كراتب سنوي لمسلحي هذا الفصيل.

من هو جيش العزة؟

وتأسس جيش العزة على يد المدعو جميل الصالح الذي كان ضابطاً برتبة رائد لدى قوات الحكومة السورية وانشق عنها أوائل عام 2012، وأسس ما يسمى “لواء شهداء اللطامنة” واتخذ من مدينة اللطامنة مسقط رأسه في ريف حماة مقراً له، ومن ثم غيّر اسم الفصيل إلى تجمع العزة عام 2013، وفي عام 2015، أطلق عليه تسمية جيش العزة، وحصل في البداية على الدعم المالي واللوجستي من أمريكا وخصوصاً حصوله على مضادات دروع وصواريخ تاو بعد انضمامه إلى غرفة الموك عام 2015، ومع تغيّر الأولويات الأمريكية في سوريا تم قطع الدعم عنه.

وهذا الفصيل ضم في البداية على الأغلب عناصر وضباط منشقين عن قوات الحكومة السورية وتركز نشاطه في مناطق حماة، اللاذقية وإدلب، ولاحقاً بعد اجتماعات أستانا وعقد تركيا وروسيا صفقات تم بموجبها إنشاء مناطق خفض التصعيد وتسليم تلك المناطق لقوات الحكومة السورية، انضم الأشخاص الذين رفضوا التسوية مع قوات الحكومة وتم نقلهم بالباصات الخضراء من أرياف حمص وحماة وغوطة دمشق ودرعا إلى هذا الفصيل.

أمريكا وفرقة المعتصم

ولفتت المصادر المطلعة أنه في اليوم التالي، أي الثلاثين من نيسان، وبحدود الساعة الثانية ظهراً، دخلت سيارتان من نوع جيب عليهما شعار اليونيسف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) من الأراضي التركية عبر معبر باب السلامة إلى داخل الأراضي السورية وتوجهتا إلى مدينة مارع الخاضعة لسيطرة تركيا وفصائلها، وكانت السيارتان تقلان ضباطاً أمريكيين وأتراك.

وأشارت المصادر، أنه كان برفقة الضباط الأمريكان والأتراك، قائد فصيل المعتصم، المدعو معتصم عباس الذي تم اعتقاله خلال الفترة السابقة من قبل الشرطة العسكرية الموالية لتركيا في مدينة إعزاز بريف حلب، وذلك من أجل عقد صلح بين معتصم عباس والأطراف الأخرى في فصيله والذين حصلت بينهم خلافات وصلت إلى حد وقوع اشتباكات بينهم.

هذا واندلعت في النصف الثاني من نيسان الفائت، اشتباكات في مقر قيادة الأركان التابعة لفرقة المعتصم على الطريق الواصل بين أخترين وأرشاف بريف مارع، بين قائد الفرقة، معتصم عباس، وقادة آخرين من فصيله وهم كل من الفاروق أبو بكر ومحمد الضاهر ومصطفى سيجري، عقب كشف الطرفين لملفات الفساد التي تورط بها الطرف الآخر، وأفضت الاشتباكات إلى مقتل شقيق معتصم عباس.

من هي فرقة المعتصم؟

وتأسس فصيل فرقة المعتصم في مدينة مارع شمال حلب صيف عام 2015، وحمل اسم “لواء المعتصم بالله” نسبة للخليفة العباسي الثامن “المعتصم بالله” وفي عام 2019 تم تغيير اسمه إلى فرقة المعتصم.

وانضم الفصيل إلى غرفة الموك وتلقى الدعم من حلف الناتو وبشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن أمريكا قطعت بعد فترة من الزمن الدعم عنه ولذلك دخلت الاستخبارات التركية على الخط وقامت بدعم الفصيل مادياً ولوجستياً واستخدمته لقتال الكورد، وبشكل خاص في عفرين ورأس العين، ومؤخراً بدأت الاستخبارات التركية مخططاً لتفريق الفصيل ونجحت إلى حد ما في تشتيته بعد تحريض بعض القيادات مثل مصطفى سيجري والفاروق أبو بكر ومحمد الضاهر ضد قائد الفصيل معتصم عباس.

وتعتبر مدينة مارع في ريف حلب على الحدود السورية التركية، المقر الرئيسي للفرقة، كما تنتشر الفرقة في ريفي حلب الشمالي والشرقي وبشكل خاص في مدينة عفرين وكذلك مدينة رأس العين التابعة للحسكة (المناطق ذات الغالبية الكوردية التي تم تهجير سكانها منها بعد الهجمات التركية عليها عامي 2018 و2019 على التوالي).

أسباب عودة الناتو وأمريكا لدعم الفصائل في الشمال السوري

وقال المصادر المطلعة، أن حلف الناتو وأمريكا، عادتا إلى التواصل وعقد العلاقات مع الفصائل التي كانت تقدم لها الدعم بداية الأزمة السورية قبل أن تتوقف عن دعمها لاحقاً.

وأوضحت المصادر، أن سبب إعادة العلاقات ومساعي تقديم الدعم لها، هو المشاكل الداخلية التي تعصف بهيئة تحرير الشام في منطقة إدلب، حيث ساهمت تلك المشاكل التي انشغلت بها تحرير الشام مؤخراً إلى تقوية المحور الروسي ومحور أستانا في إدلب ويخشى الناتو من سيطرة روسيا على إدلب، ولذلك بدأت أمريكا محاولاتها لبناء جبهة جديدة إلى جانب هيئة تحرير الشام في إدلب.

وأشارت المصادر، أن أمريكا تقوم بتسيير هذه العلاقات مع تلك الفصائل انطلاقاً من قاعدة انجرلك التركية وليس من قواعدها في شمال وشرق سوريا، إذ أن بعض الفصائل العراقية والمعروفة بولائها لإيران تضغط بشدة على الحكومة العراقية من أجل إخراج القوات الأمريكية من قواعدها في العراق، والتواجد الأمريكي في شمال وشرق سوريا مرتبط بتلك القواعد، فانسحابها من العراق وإقليم كوردستان يعني انسحابها من شمال وشرق سوريا أيضاً، ولذلك تعمل أمريكا على إدارة تلك العلاقات انطلاقاً من قاعدة انجرلك، رغم أن الانسحاب الأمريكي من شمال وشرق سوريا غير وارد حالياً.

الفصائل العربية متخوفة من تقارب أنقرة وموسكو ودمشق

وخلال الأيام الماضية، حدثت لقاءات بين الجانبين التركي والروسي، وتحدثت العديد من التقارير عن تقارب بين أنقرة ودمشق برعاية روسية، خصوصاً بعد انشغال إيران بالانتخابات عقب مقتل رئيسها إبراهيم رئيسي ووزير خارجيتها أمير عبد اللهيان في حادث تحطم طائرة الشهر الفائت.

هذه المعلومات التي رافقها محاولات تركية لإدخال الجيش الروسي إلى الباب وكذلك توجه قوات روسية إلى مناطق رأس العين الخاضعة لسيطرة تركيا في ريف الحسكة، خلقت خوفاً ضمن صفوف فصائل الجيش الوطني العربية السنية، كون تركيا تفضل الفصائل التركمانية عليهم وستضحي بهم في أية صفقة محتملة مع الحكومة السورية.

وأوضحت المصادر، أن هناك تخبطاً ضمن صفوف تلك الفصائل في كل من إدلب وعفرين والباب.

الفيلق الثاني ضمن الجيش الوطني موافقة على المخطط التركي الروسي

وفي سياق متصل، هناك تغييرات تحصل على أرض الواقع، وتقود الاستخبارات التركية تلك التغييرات عبر محاولة تركيا إضعاف بعض الفصائل وتصفية أخرى وتقوية فصائل على حساب أخرى، وتقول المصادر المطلعة في هذا السياق، أن الفصائل المنضوية ضمن صفوف الفيلق الثاني ضمن الجيش الوطني موافقة تماماً على جميع المخططات والاستراتيجية التركية التي تتضمن إيجاد حل لأوضاع المناطق الخاضعة للسيطرة التركية في الشمال السوري بالتوافق مع روسيا. ولذلك تسعى تركيا جاهدةً لتقوية فصائل الفيلق الثاني.

تحضيرات تركية لتوجيه لضربة لهيئة تحرير الشام في إدلب

وفيما يخص أوضاع إدلب الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام، أوضحت المصادر، أن هناك تحضيرات لتوجيه ضربة كبيرة وقوية لهيئة تحرير الشام من أجل المساعدة في تطبيق المخطط الروسي التركي في إدلب.

ولفتت المصادر، أن التحركات العسكرية على أرض الواقع تشير أن الاستخبارات التركية تستعد لتوجيه الفصائل العربية السنية لمقاتلة هيئة تحرير الشام في إدلب خلال الفترة المقبلة، وذلك من أجل إضعاف الطرفين في مواجهة روسيا والحكومة السورية، وأضافت أن الغاية التركية من تحركاتها مع روسيا وما تفعله على أرض الواقع، هو الحفاظ على سيطرتها للمناطق ذات الغالبية الكوردية بعد أن أجرت فيها عملية تغيير ديمغرافي كبيرة وأفرغتها من سكانها الكورد ووطنت بدلاً منهم التركمان وعائلات العناصر الموالية لها وبشكل خاص منطقة عفرين.

الغاية التركية هو ضمان سيطرتها على المناطق الكوردية

وذكرت المصادر، أنه لهذا السبب قامت تركيا بتقوية فصائل الفيلق الثاني ضمن مناطق عفرين، من أجل ضمان السيطرة التركية عليها في حال حصول أي اتفاق مستقبلي بينها وبين روسيا، بحيث ستضمن الصفقة بقاء سيطرة فصائل الفيلق الثاني الموافقة للاتفاق الروسي التركي على منطقة عفرين.

تركيا تكثف إرسال التعزيزات إلى قواعدها في إدلب… ما هي الأسباب؟

رغم الحديث عن اتفاق روسي تركي حول وضع المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا، على طريق التطبيع بين أنقرة ودمشق، تواصل تركيا إرسال التعزيزات العسكرية وبشكل مكثف إلى قواعدها في إدلب.

وفي السياق، قالت المصادر المطلعة، أن الفصائل الموالية لتركيا ما تزال تواصل إقامة دورات تدريبية لعناصرها على كيفية استخدام الأسلحة الثقيلة، دون وجود تحركات على الأرض.

وأضافت أن القوات التركية أرسلت خلال الفترة الماضية وبشكل مفاجئ تعزيزات عسكرية كبيرة إلى قواعدها في منطقة إدلب، والسبب بحسب المصادر يعود لوجود تهديدات جدية على تلك القواعد من قبل هيئة تحرير الشام التي أدركت منذ فترة بأن تركيا تضع مخططات لتصفيتها أو إضعافها على أقل تقدير من أجل دفعها وإجبارها على قبول مخططها حول تلك المناطق والتي تتم بالتوافق مع روسيا.

وأشارت المصادر، أن الاستخبارات التركية وعبر مخططاتها خلال الفترة الماضية، استطاعت أن تُخرج العديد من الفصائل المتشددة والجهادية من منطقة إدلب وبشكل خاص الإيغور والحزب الإسلامي التركستاني، ونقلهم إلى خطوط الجبهة في عفرين والشهباء عبر ضم عناصرها بشكل سري إلى فصائل الفيلق الثاني.

وأشارت المصادر، أن تركيا نقلت عناصر تلك الفصائل الجهادية والمتشددة إلى قرى مريمين وعنابكة وطريق حلب – إعزاز وعلى طول خطوط الجبهة في مناطق عفرين والشهباء وذلك من أجل استخدامهم في قتال الكورد والحفاظ عليهم في أي اتفاق مستقبلي مع روسيا من أجل استخدامهم لمصالحها في أي بقعة جغرافية ترغب بها مستقبلاً.

 

مشاركة المقال عبر