باتت المناطق التي تسيـ ـطر عليها تركيا في سوريا، مـ ـلاذاً آمـ ـنـ ـاً لقـ ـادة وعنـ ـاصـ ـر د.ا.عـ ـش، وتحـ ـولت المستـ ـوطـ ـنات التي بنتها تركيا بدعم من جمـ ـعيات إخـ ـوانـ ـية قطرية ومصرية وفلسطينية، إلى مـ ـلاذ آمـ ـن لقـ ـادة د.ا.عـ ـش ويخـ ـططون منها لـ ـشـ ـن الهجـ ـمات في مختلف أنحاء العالم، ومقـ ـتل الجـ ـنـ ـابي في إحدى المستـ ـوطـ ـنات دليل آخر يضاف إلى جملة الأدلة الأخرى المؤكدة للدعم التركي لـ ـد.ا.عـ ـش.
في السابع عشر من حزيران الجاري، نشرت ما تسمى الحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف السوري الموالي لتركيا بياناً، يدعي فيه زوراً وبهتاناً أن قوات سوريا الديمقراطية قد قصفت مستوطنة “كويت الرحمة” التي تم بناءها من قبل تركيا والجمعيات الإخوانية، في مدينة عفرين التي سيطرت عليها تركيا في آذار 2018.
ووصفت تلك الحكومة القتيل بـ “الشهيد” المدني، ولكن القيادة المركزية الأمريكية نشرت يوم أمس بياناً أوضحت إنها نفذت غارة جوية في سوريا أسفرت عن مقتل “أسامة جمال محمد إبراهيم الجنابي” ولفتت إنه مسؤول كبير في تنظيم داعش.
وأكدت في البيان، أن مقتل الجنابي سيؤدي إلى تعطيل قدرة داعش على توفير الموارد وتنفيذ الهجمات، مشيرةً أنها ستواصل إلى جانب الحلفاء والشركاء في المنطقة في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية، تنفيذ العمليات الرامية إلى إضعاف القدرات العملياتية لداعش وضمان هزيمته الدائمة.
ويبدو أن القيادة المركزية الأمريكية تجنبت ذكر اسم المستوطنة التي جرى فيها استهداف الجنابي، تجنباً لإحراج تركيا حليفتها في حلف الناتو.
ومن جانبها، هنأت قوات سوريا الديمقراطية، التحالف الدولي على هذه العملية، وقالت إن ما تسمى الحكومة المؤقتة أعلنت أن المسؤول الداعشي هو مدني، وأضافت: “هذا يكشف مرة أخرى وبشكل واضح حجم التضليل المتعمد الذي يمارسه ما يسمى الائتلاف ومحاولة التغطية على تحركات قيادات داعش وإلصاق الصفة المدنية بهم”.
مؤكدةً أن المناطق السورية الخاضعة لسيطرة تركيا تشكل ملاذاً آمناً لقيادات داعش، وتواجد المقتول أسامة الجنابي في مستوطنة بعفرين يؤكد حجم التورط التركي في دعم الإرهاب.
وحولت تركيا على مدار السنوات الماضية، المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى معقل وملاذ آمن لعناصر وقادات تنظيم داعش، ففي مدينة عفرين ونواحيها، تمنح الاستخبارات التركية بطاقات خاصة لعناصر التنظيم ليتحركوا بكل سهولة دون أن يخضعوا للتوقيف أو التفتيش ولذلك لإبقاء تواجدهم سراً في المنطقة، وكذلك فعل في مدينة تل أبيض وناحية سلوك التابعة لها، والتي باتت من أكبر معاقل التنظيم في سوريا، بالإضافة إلى مدينة رأس العين، التي باتت معقلاً لعناصر التنظيم من حملة الجنسية العراقية، حيث تتواجد العشرات من عائلات التنظيم العراقية في هذه المدينة، ومنحتهم المجالس المحلية التابعة لتركيا، بطاقات إقامة يتحركون فيها بكل حرية ويؤمنون التواصل بين خلايا التنظيم في المناطق القريبة.
هذا وكانت القيادة المركزية للولايات المتحدة الأمريكية (CENTCOM) قد أعلنت في الثاني عشر من شهر تموز من عام 2022 عن مقتل زعيم التنظيم في سوريا ماهر العقال في غارة جويّة بالقرب من ناحية جنديرس التابعة لعفرين.
وماهر العقال كان يعد من كبار زعماء التنظيم، وشارك مع أفراد عائلته في الهجوم على مدينة كوباني عام 2014، وانتقل إلى عفرين والباب بعد القضاء على التنظيم جغرافياً، ومن هناك بدأ بتنظيم وتدريب عناصر التنظيم وتوجيههم لتنفيذ العمليات في مناطق شمال وشرق سوريا.
والعقال هو الذي أمر بتنفيذ مجزرة برسوس وخطّط لها ونقل القنبلة عبر الحدود لتنفيذها، وهو مسجّلٌ كإرهابي في قائمة الإرهاب الدولية، وذكر في سجلات المحاكم التركية بصفة مرتكب المجازر لكنّه عاش براحة لسنوات في المناطق التي تسيطر عليها تركيا بالوثائق المزورة الصادرة عن الدولة التركية.
ولم تكن هذه العملية التي نُفّذها التحالف الدولي ضد ماهر العكال العملية الأولى ولا الأخيرة. فقد نفّذ التحالف في 16 حزيران 2022 عمليةً في مدينة جرابلس، وعلى إثرها ألقى القبض على هاني أحمد الكردي وهو أحد زعماء التنظيم. وقد تبيّن أنّ هاني أحمد الكردي كان أمير سابقاً للتنظيم في الرقة.
كما أعلن التحالف الدولي في شهر شباط 2022 عن مقتل أبو إبراهيم الهاشمي القريشي الذي كان قد حلّ مكان أبو بكر البغدادي في زعامة التنظيم، خلال عمليةٍ مشتركة مع قوات سوريا الديمقراطية على الحدود السورية التركية وعلى بعد مئات الأمتار فقط من أحد القواعد التركية التي كانت تتولى تأمين الحماية له في تلك المنطقة.
كما أن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي كان قد قُتل في الـ 26 من تشرين الأول عام 2019 في مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة تركيا وعلى مقربة من حدودها أيضاً.
وحاولت تركيا مراراً وتكراراً تهريب أفراد عوائل التنظيم من مخيم الهول ونقلهم عبر خلايا التنظيم إلى مناطق سيطرتها من أجل إعادة تأهيلهم وتدريبهم من أجل توجيههم مرة أخرى لشن الهجمات في مناطق شمال وشرق سوريا. حيث يخضع عناصر التنظيم لدورات مغلقة في مراكز تطلق عليها الاستخبارات التركية اسم “السجون” من أجل إبعاد الشبهة عن نفسها في تدريب عناصر التنظيم وكذلك لاستخدام ذلك إعلامياً وإظهار نفسها بأنها معادية للتنظيم وتحاربه.
ومع تركيز قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي، جهودهم للقضاء على خلايا داعش، فإن جميع التحقيقات مع أفراد تلك الخلايا الذين تم إلقاء القبض عليهم خلال الفترة الماضية، تشير إلى أن مراكز تنظيمهم وتدريبهم وتوجيههم متواجدة في تركيا.