تواصل تركيا بالتعاون مع منظمات ومؤسسات خليجية بناء ما تسميها بالتجمعات السكنية في منطقة عفرين وباقي المناطق التي تسيطر عليها تركيا شمال سوريا، لإيواء النازحين، إلا أن نشطاء ومراقبين يعتبرونها مستوطنات تهدف بالدرجة الأولى إلى تغيير التركيبة السكانية في المنطقة على حساب سكانها الأصليين.
تحت مسمى إيواء النازحين أنشأت تركيا حتى الآن العشرات من التجمعات السكنية في منطقة عفرين بريف حلب ومناطق أخرى في شمال سوريا والتي يسيطر عليها الجيش التركي.
بحسب بعض الإحصائيات فقد بلغ عدد هذه التجمعات السكنية إلى أكثر من 40 تجمعاً يتم بنائها في الأراضي الزراعية العائدة لأهالي تلك المناطق وبشكل خاص أهالي عفرين وريفها ممن تم تهجيرهم قسراً من أراضيهم.
وتساهم مؤسسات وجمعيات خليجية وأخرى تركية ذات ميول إسلامية متطرفة في تمويل بناء هذه التجمعات منها على سبيل المثال الأيادي البيضاء والشام الخيرية والإحسان للتنمية والتطوير والرحمة الكويتية والعيش بالكرامة والهلال الأحمر القطريتين وأفاد والهلال الأحمر ووقف الديانة التركية (ديانت) التركية. وتعمل هذه الجمعيات على إنشاء المستوطنات بإشراف من السلطات التركية والفصائل المسلحة الموالية لها.
ومؤخراً أعلن الهلال الأحمر القطري على معرفاته الرسمية الانتهاء إنشاء 13 مستوطنة كاملة المرافق بإجمالي 3,672 شقة سكنية لإيواء 22,000 نازح.
منظمات حقوقية أكدت في تقارير سابقة أن بناء المستوطنات يتم بحجة إيواء النازحين لكنها في الحقيقة أنشأت بهدف إيواء عناصر الفصائل المسلحة الموالية لتركيا والتي تستخدمها تركيا في حروبها كمرتزقة، بحسب المنظمات.
وكانت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، قد أكدت في تقرير صادر في حزيران/ يونيو الماضي، استند إلى معلومات تم جمعها من مصادر محلية في المنطقة عن طريق فريق بحثي جرى إرساله إلى هناك إلى جانب صور أقمار صناعية، أن تركيا والفصائل وما يسمى بـ”المجالس المحلية” التابعة له، بنوا تجمعات استيطانية في منطقة جبلية بمدنية عفرين، لإيواء عناصر ما يسمى بـ”الجيش الوطني” فيها، واتهم المدير التنفيذي للمنظمة بسام الأحمد تركيا بالمسؤولية عن تغيير عميق في البنية السكانية بعفرين، من خلال إقامة مشاريع استيطانية لعناصر الفصائل وعوائلهم وتهجير الكرد وأي فئة من السكان غير مرغوب فيها إلى مناطق أخرى.
كما قالت مسؤولة قسم الصحافة وحقوق الإنسان بالمنظمة هبة الدباس في تصريحات إعلامية، إنهم حصلوا على نسخة من المخطط الهندسي لمشروع الاستيطاني المقرر إنشاؤه في منطقة جبلية بعفرين، حيث سيتم توزيع خمس وعشرين بالمئة من المساكن للمستوطنين ونحو خمس وسبعين بالمئة على عناصر الفصائل.
التجمعات السكنية أو المستوطنات التي تمولها الجمعيات الخليجية وبشكل خاص الهلال الأحمر القطري، تدخل في خانة استراتيجية تركية تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية في شمال سوريا بشكل عام ومنطقة عفرين من خلال إيواء سكان من مناطق سورية أخرى على حساب السكان الأصليين، خاصة بعد الخطة التركية التي تقتضي بإعادة نحو مليون لاجئ سوري إلى المناطق التي تسيطر عليها، مما قد يشكل أكبر عملية تغيير ديمغرافي في المنطقة.
سياسة تركيا في تغيير ديمغرافية المناطق التي تسيطر عليها، وبشكل خاص منطقة عفرين، تشمل أيضاً بحسب تقارير حقوقية وإعلامية، إجبار ما تبقى من السكان على النزوح من خلال التضييق عليهم عبر سياسات الاعتقال والخطف، يضاف إليها تغيير المناهج الدراسية وإدراج اللغة التركية في المناهج، وتغيير أسماء ومعالم المدن والقرى والشوارع والساحات الرئيسة في المدن إلى أسماء تركية وربط سوق المنطقة بالليرة التركية.