آراء وتحليلات سوريا

الانسحاب إلى الأمام… أمريكا تعزز قواعدها العسكرية في سوريا.. فما هي الرسائل؟

تتوالى الأنباء بشكل يومي تقريباً حول وصول المزيد من التعزيزات إلى قواعد القوات الأمريكية في شمال وشرق سوريا براً وجواً قادمة من الأراضي العراقية، كان آخرها وصول تعزيزات للقوات الأمريكية إلى ثلاث قواعد جديدة في محافظة الرقة السورية، لأول مرة منذ انسحاب داعش منها عام 2017.

التقارير المصورة التي نشرتها وسائل إعلام تظهر ارتياح الأهالي من عودة القوات الأمريكية وتعزيز قواعدها لجهة دورها في حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة أولاً، ولمنع عودة “داعش” الذي لا يزال ينشط كخلايا نائمة في مناطق البادية في أرياف دير الزور والرقة والحسكة.

التعزيزات الأمريكية المتواصلة والدعم اللوجستي الكبير الذي يدخل إلى القواعد العسكرية الأمريكية وتلك المشتركة مع قوات سوريا الديمقراطية في أرياف محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، يبدو منسجماً مع الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وكذلك استراتيجية باقي دول التحالف الدولي ضد داعش، والتي تتمحور حول محاربة ومكافحة تنظيم داعش على الأراضي السورية والعراقية، وكذلك دعم الأمن والاستقرار للمجتمعات المحلية في تلك المناطق. يضاف إليها استراتيجيات طويلة الأمن تتعلق بالصراع على النفوذ مع روسيا وإيران وأيضاً الحد من مشاريع تركيا التوسعية في المنطقة.

هذا الانسجام يتعارض نوعاً ما مع تسريبات سابقة حول نية القوات الأمريكية الانسحاب من شمال وشرق سوريا على غرار الانسحاب الذي حدث عام 2019 إبان فترة إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

في أواخر شهر كانون الثاني الماضي نشرت مجلة “فورين بوليسي” عن نية واشنطن سحب قواتها من سوريا، الأمر الذي أعاد للأذهان سيناريو الانسحاب عام 2019 وما تبعه من اجتياح تركي للمنطقة والسيطرة على مناطق رأس العين وتل أبيض.

ورغم نفي البيت الأبيض للتسريبات وقتها، إلا أن التسريب أثار العديد من المخاوف على الصعيد المحلي وكذلك في أروقة البيت الأبيض نفسه الذي لا يزال يعاني من تبعات الانسحاب السابق الذي أتاح لإيران تعزيز نفوذها في المنطقة.

في تصريح سابق قال القائد العام لـقوات سوريا الديمقراطية شريك التحالف الدولي لمحاربة داعش، مظلوم عبدي، أنهم تواصلوا مع الخارجية الأميركية والبيت الأبيض، ونفوا صحة الانسحاب، على الأقل حالياً، ومع ذلك “احتمال الانسحاب سيكون وارداً في المستقبل”، مشيراً إلى أن “العمل على منع انسحاب الجيش الأمريكي من أولوياتنا”.

وحذر عبدي من أن أي انسحاب سيؤدي “إلى تداعيات خطيرة جداً”، وأن “الظروف غير مناسبة” حالياً للانسحاب.

ويرى مراقبون أن الانسحاب الأمريكي من سوريا سيقوض جهود التحالف الدولي في مكافحة تنظيم داعش ويحد من قدرة الشركاء المحليين (قوات سوريا الديمقراطية) في منع عودة التنظيم خاصة مع تصاعد هجمات الخلايا النائمة في العديد من المناطق السورية.

ومن جهة أخرى يقول المراقبون إن الانسحاب الأمريكي سيكون بمثابة هدية مجانية لكل من روسيا وإيران والحكومة السورية، وكذلك لتركيا وتنظيم داعش، لتعزيز نفوذها في سوريا على حساب النفوذ الأمريكي.

في مطلق الأحوال فإن التعزيزات الأمريكية المتواصلة لقواعدها في شمال وشرق سوريا يبدو أنه إشارة ورسالة واضحة لجميع الأطراف بعدم نية واشنطن الانسحاب من سوريا في الفترة القريبة القادمة. كما أنها تعتبر رسالة إلى تركيا لمنعها من الاقدام على أي عمل عسكري في المنطقة أولاً ورفض المطالبات التركية والإيرانية المتواصلة بانسحاب القوات الأمريكية من سوريا.

 

مشاركة المقال عبر