آراء وتحليلات

تركيا تواصل قطع المياه… والعطش كابوس يؤرق السكان في الحسكة

لا تنتهي معـ ـاناة أهالي مدينة الحسكة خلال فصل الشتاء من مشكـ ـلة انقطاع مياه الشرب، إلا أن تراجع الحاجة للمياه خلال الشتاء يخفف قليلاً من أعباء الأهالي الذين يحاولون تناسي الكـ ـابوس الذي ينتظرهم مع اقتراب فصل الصيف.

تعاني مدينة الحسكة وضواحيها من شح في المياه، نظراً لعدم وجود مصادر مائية بديلة عن محطة مياه علوك، التي تتحكم بها الفصائل الموالية لتركيا في مدينة رأس العين في محافظة الحسكة، منذ سيطرتها على المنطقة في أعقاب في تشرين الأول 2019.

تتعـ ـمد الفصـ ـائل المـ ـوالية لتركيا قطـ ـع مياه محطة علوك عن المنطقة وبشكل خاص عن مدينة الحسكة وضواحيها، مما يحرم نحو مليون نسمة من حاجتهم إلى مياه الشرب والتي تبلغ بحسب مصادر نحو 150 الف متر مكعب يومياً.

ومع بدء الدخول إلى فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة تزداد حالة الأهالي إلى المزيد من المياه سواء للشرب أو للحاجات اليومية الأخرى. وبالتالي عاد كابوس شح وقلة المياه يقض مضاجع الأهالي.

تشرف المؤسسات التابعة للإدارة الذاتية على سلسلة إجراءات في محاولة للتخفيف من أعباء الناس وتأمين نسبة معينة من حاجتهم إلى مياه الشرب. مثل تخصيص صهاريج لنقل المياه وتوزيعها في الأحياء، وأيضاً وضع مناهل أو خزانات مياه في الأحياء وتعبئتها باستمرار لتأمين حاجة الأهالي إلى مياه الشرب. يضاف إليها مشاريع طويلة الأمد منها حفر آبار مياه ونقلها إلى المدينة أو استجرار المياه من نهر الفرات. وهذه المشاريع بحاجة إلى مزيد من الوقت لتنفيذها كما أن مناهل وخزانات المياه في الأحياء بالكاد تؤمن حاجة السكان إلى مياه الشرب.

حاجة الأهالي للمياه على تقتصر على تأمين مياه الشرب بل أن العوائل بحاجة إلى كميات من المياه لاستخدامها في الاستحمام والتنظيف والطبخ وغيرها من متطلبات الحياة اليومية التي تزداد خلال فصل الصيف، الأمر الذي يضطرهم إلى شراء المياه من أصحاب الصهاريج وبمبالغ كبيرة ترتفع مع مرور كل سنة بالتوازي مع ارتفاع أسعار الوقود، مما يشكل عبئاً إضافياً كبيراً على عاتق الأهالي. بالإضافة إلى كونها “غير آمنة”، ما أدى إلى انتشار أمراض هضمية وحالات تسمم وكوليرا وبشكل خاص بين النازحين في المخيمات.

وبسبب شح المياه تضررت الأراضي الزراعية بشكل كبير، وانخفضت نسبة المساحات الخضراء في شمال شرقي سوريا، وبالتالي نقص في الإنتاج الزراعي، وخلل في تحقيق الأمن الغذائي.

بحسب شكوى مقدمة من عدة منظمات إلى المقرر الخاص المعني بالحق في المياه وخدمات الصرف الصحي في الأمم المتحدة فإن حبس المياه عن مدينة الحسكة من قبل القوات التركية والفصائل الموالية لها، بدء منذ العام 2019 بقطع المياه عن محطة علوك في مدينة رأس العين، ووصل إلى 36 قطع حتى حزيران/يونيو 2023.

وسبق أن حذرت منظمة “أطباء بلا حدود” من أن أزمة المياه والصرف الصحي شمالي سوريا “تنذر بكارثة صحية”، مؤكدة أن نقص المياه النظيفة واستخدام مصادر المياه الملوثة يزيد من مخاطر الأمراض المنقولة.

يرى مراقبون أن تعمد قطع المياه عن السكان واستخدامها ورقة ضغط لتحقيق أغراض سياسية قد يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية، الأمر الذي يستدعي تدخلاً أمميا للحد من تداعيات هذه الكارثة الإنسانية.

 

 

مشاركة المقال عبر