تنـ ـشط خـ ـلايـ ـا تـ ـنـ ـظـ ـيـ ـم د.ا.عـ ـش في البادية السورية التي تتوسط حمص وحلب وحماة والرقة ودير الزور، وأنشأت مسـ ـتودعـ ـات للأسـ ـلحة والذخـ ـيرة، وتتـ ـحـ ـرك بكل حرية في ظل ضـ ـعف قـ ـوات الحكومة السورية والمـ ـوالـ ـين لها وتـ ـركـ ـهم للتـ ـنـ ـظـ ـيم يتحـ ـرك على هواه في البادية دون مواجـ ـهة حقيقية، وذلك استعداداً لشـ ـن هجـ ـمات كبرى في المنطقة تعيد له السيـ ـطرة المكـ ـانية على غرار ما فعله عام 2014 أثناء سيـ ـطرتـ ـه على مساحات كبيرة في سوريا والعراق.
في إطار تغيير استراتيجيته ومساعيه للسيطرة المكانية، شن تنظيم داعش هجوماً منسقاً على قوات الحكومة السورية عن الحدود الإدارية بين باديتي دير الزور والرقة، حيث سيطرت على نقاط عسكرية لقوات الحكومة السورية والمجموعات الموالية لها بعد هجوم واسع في منطقة الشيحا ضمن بادية التبني بريف دير الزور وبادية معدان عن الحدود الإدارية بين الرقة ودير الزور.
وفي السياق، تقول مصادر مطلعة، أن داعش زاد من قوته في البادية السورية وبشكل خاص في بادية معدان والسبخة، وقام بزيادة قوته من ناحية التسليح والأمور اللوجستية.
وأوضحت المصادر، أن عناصر داعش يتحركون بسهولة في تلك المنطقة، وقاموا بإنشاء مراكز أمنية وعسكرية، كما أنشأوا مستودعات للأسلحة والذخيرة وقاموا بتخزين أسلحة وذخيرة فيها تمهيداً لشن هجمات كبرى في المنطقة.
ولفتت المصادر أن عناصر التنظيم يغطون على تحركاتهم في البادية عبر رعي الأغنام، حيث اصطحب عناصر التنظيم عائلاتهم معهم ويقومون برعي الماشية في البادية ويغطون بذلك على تحركاتهم، ويستخدمون قطعان الأغنام في نقل الأسلحة والذخيرة، عبر تعليقها على بطن الأغنام بعد إخبائها بين صفوفها بطريقة محكمة.
وأشارت المصادر، أن خلايا داعش شنت هجمات بشكل مكثف خلال الفترة الماضية على المجموعات الصغيرة لقوات الحكومة السورية والمجموعات الموالية لإيران في البادية وكبدتها خسائر كبيرة، ما دفع قوات الحكومة والمجموعات الإيرانية إلى الانسحاب من المناطق النائية البعيدة عن التجمعات السكانية، وبذلك استطاع التنظيم إنشاء موطن قدم له.
وفي آذار الفائت، قتل ما لا يقل عن 30 عنصراً من قوات الحكومة السورية في هجومين شنهما عناصر داعش في البادية السورية، إذ قتل 22 عنصراً جرّاء هجوم استهدف حافلة نقل عسكريّة في ريف حمص الشرقي بالبادية. وفي الهجوم الثاني، قتل 10 أشخاص باستهداف مقرات عسكرية في قرية حسرات بريف مدينة البوكمال شرق دير الزور.
ومنذ بداية العام، شن التنظيم أكثر من 150 هجوماً على قوات الحكومة السورية والمجموعات الموالية لها أدت إلى مقتل أكثر من 200 عنصر وإصابة العشرات، حيث تركزت الهجمات في البادية الممتدّة ضمن محافظات دير الزور وحمص والرقة وحماة وحلب.
وأكدت المصادر، أن السبب الرئيسي لشن تنظيم داعش للهجمات على قوات الحكومة السورية في البادية، هو وجود مخازن السلاح والذخيرة الكبيرة للتنظيم في تلك المناطق منذ فترة سيطرة التنظيم على مساحات شاسعة من سوريا اعتباراً من عام 2014 وحتى القضاء على سيطرته الجغرافية في المنطقة.
والمعروف أن داعش كان يقوم بتشكيل مخازن أسلحة وذخيرة سرية لا يعلمها إلا قادة التنظيم، ويخزن فيها الأسلحة والذخيرة لاستخدامها أوقات الحاجة، إلى جانب تخزين التنظيم للأموال في مناطق كثيرة، من أجل تأمين السيولة لخلاياه عند الحاجة الماسة إليها مستفيداً من بيع النفط السوري لتركيا، وعمليات بيع الأُثار التي استخرجها من المناطق الأُثرية في سوريا والعراق، فضلاً عن الضرائب التي كان يفرضها على التجار تحت مسمى “الزكاة”.
وأشارت المصادر، أن خلايا داعش عندما تشن الهجمات على قوات الحكومة السورية والمجموعات الموالية لإيران، تركز الوصول إلى مستودعات الأسلحة والذخيرة وسرقة ما فيها ثم الهرب من المنطقة والانسحاب إلى عمق البادية وتخزين تلك الأسلحة والذخيرة في المستودعات التي أنشأتها.
وكشفت المصادر، أن المجموعات الموالية لإيران، تترك عناصر التنظيم يستولون على الأسلحة والذخيرة بكل يسر، في طريقة دعم واضحة، إذ أن هذه ليست المرة الأولى التي قدمت فيها إيران الدعم للتنظيم، حيث سبق لإيران أن قدمت أسلحة للتنظيم على طريق حمص ودير الزور، كما قدمت إيران الأسلحة والذخيرة لعناصر التنظيم أثناء هجماتهم على سجن الصناعة في مدينة الحسكة مطلع عام 2022، حيث تريد إيران مثلها مثل تركيا عودة نشاط التنظيم للاستفادة منه في تطبيق مخططاتها.
هذا ويحذر الخبراء والمحللون من استمرار وتزايد خطورة داعش، والتهديدات التي يمثلها في سوريا والمنطقة والعالم، خاصة بعد الهجوم الذي شنه بالعاصمة الروسية موسكو، وأسفر عن مقتل 137 شخصاً وإصابة أكثر من 100 آخرين.
كما نشر “معهد واشنطن” خريطة تحذيرية للشكل والنشاط الخاص بتنظيم داعش، مشيراً إلى أن عملياته تتصاعد بالتدريج ليس في سوريا فحسب، بل في عموم المناطق التي ينتشر فيها أفراده في العالم، وتمكن من تنويع عملها، حيث تقود “ولاية خراسان” في أفغانستان العمليات الخارجية، وفي المقابل تبسط ولايات متعددة أخرى السيطرة الإقليمية في أفريقيا.
هذا وغير داعش منذ بداية العام الجاري من استراتيجيته، حيث يستعد التنظيم لشن هجمات كبرى في سوريا والعراق من أجل استعادة السيطرة الجغرافية على غرار ما فعل عام 2014، حيث يحاول التنظيم استعادة السيطرة على مناطق في العراق وكذلك شن الهجمات على السجون التي تضم نحو 10 آلاف عنصر للتنظيم في سوريا وأفراد عائلاته في مخيمي روج والهول في شمال وشرق سوريا والذين يزيد عددهم عن 43 ألف شخص بينهم أطفال يعتمد عليهم التنظيم لتشكيل الجيل المستقبلي من العناصر.
فتنظيم داعش وإن كانت بعض خلاياه خاملة وبعضها تشن الهجمات، إلا أنه لا يزال يشكل خطراً على العالم أجمع، يستوجب وضع استراتيجية فعالة للقضاء عليه في ظل زيادة نشاطه في مختلف بقاع العالم.